تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أنا يا سيدي إذا نبهتك إلى بعض الأمور حول الموضوع لا يعني أني ضد محاولة فهمه .. بالعكس أنا أبارك لك اهتمامك به لتوضيحه و بيانه للناس .. غير أني نبهتك حتى لا يكون كلامك مطية لمن قل فهمه يناظر بها الاسلام .. لأننا أخذنا من مفاهيم الغرب أشياء كبيرة ربطناها بالاسلام و ما هي من الاسلام .. و ظننا أنها الحق و ماهي من الحق .. و لعلك ترى فيما ترى من حرية التعبير و ضماناتها لكل انسان كيف عالجها الاسلام و كيف يطرحها الغرب .. و كنا في كل مرة مشدوهين أن يخرج مواطن غربي فيقول في رئيسه قولا عنيفا .. و لأننا مساكين و بعد لم نفهم ديننا نقف مبهوتين قائلين: انظر العدل ماشاء الله هاهي أخلاق الاسلام .. حتى قال بعضنا ذهبت إلى الغرب فوجدت الاسلام بدون مسلمين و جئت إلى بلاد الاسلام فوجدت مسلمين بلا اسلام .. و لا أظنه أصاب في رأيه ابدا ..

و لعلي هنا أراجعك التاريخ في أحداث مضت و أحداث تقع .. أراجعك منظر الرئيس الفرنسي و هو يقذف بالمرطبات على وجهه .. منظر بعض البرلمانات الاروبية و قد وقع بينهم أمر فضرب بعضهم بعضا بالكراسي .. تلك الكراسي نفسها التي زعموا بديمقراطيتهم أنها موطئ الشعب الذي يحكم .. و متى حكم الشعب؟

أما أنا فأقول لك متى حكم الشعب .. حكم يوم أن كان النبي يشاور أصحابه في كل صغيرة و كبيرة .. عندها حكم ..

حين كان الصديق يأمرهم و يتمنى منهم أن يقيموه ..

حين كان أمير المؤمنين ينام في ظل شجرة .. حين كان يفكر في بغلة بالعراق لم يمهد لها الطريق .. حين كان ينادي ليت أم عمر لم تلد عمرا .. حين يسأل امرأة من رعيته .. و ماذنب الأمير إذا كان لا يعلم فيصعق بجوابها الذي يحكمه .. يتأمر علينا و لا يعلم شأننا ..

نحن هكذا الآن فتنا في ديننا .. و ابتعدنا عنه ..

نسينا الحق و فتنا بالباطل .. و لعل بعض الباطل أهون من بعض ..

ثم هم يخدعوننا بهذه الكلمة حوار الحضارات .. و أنا أسألك .. أي الحضارات نحاورها ..

هل حضارات الاستعمار و الخداع .. حضارات المنافقين .. هل حاور النبي صلى الله عليه و سلم المنافقين .. و كيف حاورهم؟ و متى حاورهم؟ لعلك تقول أهل الكتاب .. و أين هم أهل الكتاب؟ اذهب إلى أوروبا لتعلم أن معظم الناس هناك لا تؤمن بالله و لا باليوم الآخر ..

و حوارها يقوم على اطلاق الحرية لهم و تقييد حريتنا ..

لهم الحرية في الفسق و الفجور و في حرية التعبير، أعني في سبك و سب اسلامك و نبيك .. و لنا القيد .. يجب أن لا نستحي .. نترك الصلاة في كل وقت .. نترك بعض آي القرآن و لا نحتكم لها لأنها بزعمهم تدعوا إلى الكراهية .. ثم نقف لنحاورهم .. و كيف نحاورهم؟

لعلك أخي الحبيب تنظر تلك المؤتمرات مؤتمرات حوار الحضارات .. حول ماذا؟ و عن أي المواضيع نتحاور؟

هل نتحاور عن الدين .. اه ما تعلمته من سنين الدين يسر لا عسر .. الدين سلام .. كم جميل هذا الكلام فهل أخذوا يسره و سلامه؟

و كيف ينعمون بسلامه و هم يحاربونه .. و كيف ينعمون بيسره و هم لا يعرفونه؟

كيف ذلك و من يشارك في تلك الحوارات معظمهم رجال سياسة .. و رجال الدين منهم تحضره الصلاة فيقول أنا في حكم المسافر لنقصر و نجمع ..

و ماذا سيفعل السياسي إذا رأى العارفين بالدين يفعلون ذلك ..

أنا أسألك هذا السؤال و أتمنى أن تدرجه في رسالتك ..

من المؤهل للحوار؟

كيف نحاور الآخرين؟

ماهي المواضيع التي تصلح أن نحاور حولها؟

و لعلي هنا أشير إلى أن النبي كان أمر بالدعوة إلى الله .. و لم يؤمر بحوار الملل الكافرة إنما أمر بجدالهم إظهارا للحق و حتى يحاصرهم به .. و ليس الجدال كالحوار فالجدال هو إظهار الحق الذي نحن عليه و الحوار هو الرضى بالباطل الذي هم عليه .. و الرضا بالباطل باطل ..

هو بالضبط ما يسعى إليه الغرب اليوم .. أن نرضى أن تزنى نساءنا و يفسد رجالنا .. أن تؤجل الصلاة .. و لا يحكم بآي القرآن التي تحكم شهواتنا ..

أن نضمن للآخرين أن يأتوا لمعصية الله على أرضنا ..

أما نحن فلأننا مسلمون فننظر إليهم بعيوننا و ربما شاهدنا أفلامهم على الشاشة و لا نفعل ذلك .. أستغفر الله فنحن مسلمون و ذلك محرم علينا ..

الخمر حرام .. لكن أي ضير إذا جلسنا لمن يشرب خمرا نحاوره .. لا شيء في ذلك فهو محرم علينا نحن .. و التالي لا شيء إذا ضربت كأسي بكأسه تعبيرا عن الحب بمنظارهم إذا كان كأسي كأس ماء؟ حتى لو كانت كأس الآخر مملوءة خمرا ..

و لا شيء أيضا أن تأتي بناتنا لترقص أمام الغريب تعبيرا عن فرحنا بالضيف .. فنحن عرب و مشهورون بالكرم و الفرح بالضيف .. عرب و مشهورون بحفظ أعراض نسائهم أيضا .. لا ذاك في الزمن البعيد .. اليوم أصبحت البنت تسوق الطائرة .. تسوق الطائرة نعم .. لكنها تحفظ عرضها و تؤمن بذاك الشرف الغالي ..

لقد قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعاد من يأتي إليه مسلما من الرجال في الحديبية .. لكنه رفض أن تعاد النساء .. و جاء أمر الله بالرفض ..

إذن ثمة أمور لا يتنازل عنها أبدا .. و لا يجوز فيها الحوار ..

ثم ماذا أنا أطرح اشكالا آخر .. إذا كان جائزا أن نحاور الآخرين من بقية (الحضارات)

فهل يجوز أن نحاور بعضنا ..

هنا ثمة تسميات اسلامية للامور .. ثمة الجدال .. ثمة الشورى .. ثمة النصيحة .. ثمة الدعوة ..

الحوار ليس هو أحد هذه المعاني ..

هل لنا أن نستوضح منكم ذلك ..

لعلي الآن قد أجبتك عن سؤالك

هل الدراسة برأيك تصلح أن تكون تحليلية أم موضوعية

فظاهر المسألة موضوعي لكنه يحمل جانبا تحليليا لا يجوز أن نهمله ..

وفقني و وفقك الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير