*وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب
*وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... ".انتهى كلامه رحمه الله النشر 1/ 18.
أجمع لي بين هذا النص والذي نقلته أنت. والله الموفق
وبعد ذلك أخبرك بقول الداني وابن الجزري رحمهما الله.
والسلام عليكم
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[08 Jul 2009, 07:24 ص]ـ
أمّا القسم الذي ذكره مكي القيسي وهو الذي ثبت أداءً دون نصّ فلا إشكال فيه لعدم وجود تعارض بين النصّ والأداء، وإنّما المشكلة إذا كان الأداء معارضاً للنصّ فأيّهما يقدّم؟ هذا هو بيت القصيد يا أخي.
وما نقلته أنت من كلام مكي دليل عليك وقد كنت بصدد الاستدلال به لأنّه رحمه الله تعالى قدّم الوجه الثابت بالنصّ والأداء على الوجه الذي ثبت بالأداء دون النصّ. إذن فالأداء الثابت بالنصّ أقوى من الذي لم يرد معه نصّ، ولو كانت المشافهة هي العمدة لجعلهما في مرتبة واحدة أو لقدّم المشافهة على النصّ، ولا اكتفى بالاستدلال بالأداء دون النصّ، ولاانتفى السبب الذي من أجله جعله يعتمد على النصوص، وهذا ما يؤيّده النصّ الذي ذكرته لك.
لي سؤال:
إن كانت المشافهة هي العمدة فما الذي حمل ابن الجزريّ على ذكر المصادر التي نقل منها القراءات؟ وما الذي حمله على عزو كلّ وجه إلى مصدره من الكتب؟ وما الذي حمله على تقديم النصّ على الأداء في الكثير من المسائل؟ وما الذي حمله على الأخذ بالنصوص للترجيح في المسائل؟
ما الذي حمل الشاطبيّ رحمه الله تعالى أن يقول: وفي يُسرها التيسير رُمت اختصاره. أي إن كانت المشافهة هي العمدة فما الذي حمله أن يعتمد على كتاب التيسير وأن يذكره في المقدّمة؟
أطلب منك أن تجد مثالاً واحدً قدّم فيه ابن الجزري الأداء على النصّ، ومرادي بالنصّ هو الذي مضمونه متواتر، وليس قولاً شاذاً غير مُعتبر به.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[08 Jul 2009, 11:24 ص]ـ
قولكم:
وقال أبو حيان في البحر المحيط وهو يجيب علي اعتراض بعض النحاة علي قراءة "نعما ": " ... وإنكار هؤلاء فيه نظر، لأن أئمة القراءة لم يقرأوا إلاَّ بنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتى تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا، تطرق إليهم فيما سواه، والذي نختاره ونقوله: إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه.)) ا. هـ
أقول: هذا الاستدلال عجيب. ومتى كان النقل مقتصرٌا على المشافهة ? وكلمة نقل تشمل المشافهة والنصوص وهو ما نُقل عن النبيّ عليه الصلاة والسلام بالنصّ والأداء، كما أنّ كتب السنة نقلت الآثار عن النبيّ عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم وكلّ ذلك يُعدّ من المنقول، والسنّة مدوّنة كما هو معلوم. أمّا قوله: " إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه " يريد بذلك أنّ بالتواتر لا يمكن وقوع الغلط.
قولكم:
قول الداني: وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها .. )) ا. هـ
أقول: هذا الاستدلال عجيب أيضاً. وهل المتابعة مقتصرة على المشافهة دون النصّ؟ ما هو دليلك في التفريق بين الأمرين ? ألم تقرأ قول الداني في نفس النصّ المنقول عنه: "بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية ". أقول: لا شكّ أنّ الأثبت في الأثر والأصحّ في النقل والرواية هو ما ثبت بالنصّ والأداء جميعاً.
قولكم:
قال الداني في التحديد ـ بعد ذكره لمخارج الحروف ـ قال: فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها علي مراتبها ومخارجها، وقد شرحناها وبينا حقائقها، لتحفظ بكمالها، ويقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة، لينكشف خاص سره، ويتضح طريق نقله وبالله التوفيق)) ا. هـ168
أقول: إنّ الداني لم يتعرّض إلى جانب ثبوت الوجه وصحّته رواية ونصاً وإنّما تعرّض إلى الناحية التطبيقية والتي لا تستغني عن المشافهة والأخذ من أفواه المشايخ، والدليل على ذلك قوله: "وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة " فذكر رحمه الله تصحيح الأداء بالرياضة والمشافهة.
لذا فإنّ أئمّتنا اعتنوا بجانب صحة الرواية بالنصوص والأداء المدوّن، واعتنوا بالمشافهة في تصحيح اللفظ المقروء، وللأسف فالكثير لا يفرّق بين الأمرين و يخلط بينهما. فالنصوص التي نقلها أخي عبد الحكيم تُعني بالناحية التطبيقية، والنصوص التي نقلتها تُعني بصحّة الوجه المنقول. فلا تعارض إذن بين هذه النصوص.
والعلم عند الله تعالى.
¥