ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[28 Oct 2009, 11:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ..
أعجبني كلام فضيلة الشيخ العالم عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ ـ حفظه الله ـ في مسألة القراءة بالألحان، وأحب أن أنقل مختارات منه من باب إثراء النقاش والبحث، لا الإلزام فتنبه.
عقد فصلاً في كتابه النفيس (سنن القراء ومناهج المجودين) سماه: "القراءة بالألحان" استفتحه بقوله: "هذه مسألة مشهورة لدى العلماء، واللحن من معانيه في اللغة: التطريب والغناء، والمقصود هنا شيء أكثر من ذلك، وهو أن الأصوات عند التغني لها أنواع ومذاهب، تسمى أنغاما أو ألحانا، ويميز كل نوع منها عن الآخر باسم اصطلاحي، ويسمى مجموع هذا بقانون النغم، كما سماه الحافظ ابن حجر العسقلاني والشهاب القسطلاني، وهذا القانون مجرد ضبط لأنواع الأصوات، وألوان النغمات والألحان، كما هو الشأن في (العروض) الذي هو قانون الشعر، حيث تضبط به الأوزان، وكما أن قانون الشعر هذا لا يختص بأهل الفسق والمجون من الشعراء، وهم أكثر من استعمله، فكذلك قانون النغم لا يختص بأهل الموسيقى وأهل الغناء الشيطاني"ا. هـ.
فتبين من كلامه ـ حفظه الله ـ أن قانون النغم وهو المقامات مجرد ميزان تضبط به الأصوات، أو نقول بدقة: تضبط الأداء القرآني، فإن القارئ الذي يتلو آيات الرحمة والبشرى بنفس الطريقة التي يتلو بها آيات العذاب والنذارة يكون خادشا لأدائه وحذقه لطريقة التلاوة.
كما يتبين أن مجرد عناية أهل الموسيقى والغناء المحرم بالمقامات أو قانون النغم، لا ينهض دليلا للتحريم، لا سيما وقد علمنا أنه مجرد قانون يفيد منه المحق والمبطل، كالشأن في علم العروض.
وقد بين ـ نفع الله بعلومه ـ أن الذي توصل إليه بعد دراسة النصوص وأقوال السلف: أن الاستعانة بالألحان وقانونها لتحسين الصوت بالقرآن لا بأس به بشروط أربعة:
أولها: ألا يطغى ذلك على صحة الأداء، ولا على سلامة أحكام التجويد، فإنه إذا ما سبب التلحين إخلالا بأحكام الأداء، وقواعد التجويد والقراءة حرم.
ثانيها: ألا يتعارض التلحين والتنغيم مع وقار القرآن وجلاله، ومع الخشوع والأدب معه، فإن بعض هذه الألحان لا يليق بالقرآن، وهي التي يكون فيها تطريب لا يبعث على الخشوع والخشية والتذكر، بل هو لهو وعبث، ويسبب للسامع تفريحا وترقيصا لا يليقان بمقام القرآن، بينما هناك ألحان أخرى فيها تحزين وخشوع تناسب مقام القرآن الذي هو مقام خشوع وتذكير ....
ثالثها: أن يميل عند القراءة بالألحان إلى التحزين ...
رابعها: أن يأخذ من الألحان ويستعين بها على قدر حاجته إلى تحسين صوته، وتزيين ترنمه بالقرآن، دون أن يخرج عن الحد المشروع إلى التكلف والتعسف المعروفين ممن اتخذ القراءة حرفة وصنعة للتكسب ...
ثم قال: "هذا القول الذي اخترناه نرى أنه الصواب، وهو قول وسط بين طرفين، عدل بين نقيضين، بين من يشدد في هذه المسألة ويغلق بابها بالكلية، وبين من يترخص فيها وتوسع بدون ضوابط"ا. هـ. (انظر: سنن القراء/93ـ109).
هذه مشاركة في الموضوع للتوسع في النقاش والبحث، وسيتبعها بإذن الله مشاركات وتعقيبات وتعليقات، واستكمال للحواشي والشروحات، مني ومن الإخوة الزملاء، ومشايخنا الكرام، حتى يستوفى الموضوع من جميع جوانبه.
ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[28 Oct 2009, 11:54 م]ـ
جزى الله مشايخنا الفضلاء خير الجزاء
والموضوع- كما أشاروا - يستحق البسط ومعالجة جميع الإشكالات فيه
وهي الإشكالات التي أرى شخصيا أنها عوارض طارئة ليست من صميم الموضوع، ولكنها تسبب التباسا لدى البعض
وقبل إعطاء رأيي أود التعليق على فقرات من محاضرة الدكتور - نفع الله به - أرى أنها تحتاج بعض المراجعة
- فمثلاً هناك نوعٌ من المصادرة والتحكم بالإحالة على مسلمات لا دليل عليها، مثل قوله أن (السلف كانوا يُحَسِّنون القرآنَ بأصواتِهم من غيرِ أن يتكلفوا أوزانَ الغِناء، مثلَ ما كان أبو موسى الأشعري يَفعلُ، فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لقد أُوتِيَ هذا مِزْمارًا من مَزاميرِ آلِ داودَ". وقال لأبي موسى الأشعري: "مررتُ بك البارحةَ وأنتَ تقرأ، فجعلتُ أستمعُ لقراءتِك"، فقال: لو علمتُ أنك تسمعُ لَحبَّرتُهُ لكَ تحبيرًا. أي لحسَّنْتُه لك تحسينًا.
¥