تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[22 Dec 2009, 02:03 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

ممّا أثار انتباهي في عدد من المسائل أنّ استعمال الاصطلاح الغير مناسب لهيئة أدائيّة قد يسبّب في المستقبل تغيّراً أدائياً دخيلاً على الرواية الصحيحة المسندة. وسببه أنّ ذلك الاصطلاح المحدث قد يحتوي ويقتضى ويحتمل بعض المعاني التي هي مجانبة للمراد الصحيح المعبّر عن الهيئة الصحيحة.

لا أشكّ أنّ النون المخفاة إن جاورها حرف مفخّم فإنّ غنّتها تتأثّر به، فلا تطابق بين هيئة إخفاء النون في {من دونه} بهيئة إخفاءها في {من قبل} وهذا الفرق في الأداء حمل بعض العلماء على التفكّر والنظر فاعتبر البعض ذلك تفخيماً حقيقياً والبعض لم يعتبره كذلك، فالأوّل اعتمد على الحسّ والثاني اعتمد على التراث إذ ليس في تراثنا ما يقتضي أنّ الغنّة تفخّم، مع اتّفاقهم في الجملة على الأداء واختلافهم في اللفظ والتعبير في القضيّة.

إلاّ أنّ المشكلة تكمل في معاملة بعض أهل العلم المعاصرين لذلك التأثّر معاملة الحروف المفخّمة في المنزلة بحيث يرتفع صوت الغنّة إلى الحنك الأعلى فينصدم الصوت به فيعود صداه إلى حميع أنحاء الفم فيتلئ فيرتفع صوت الغنّة كارتفاعه في الحروف المفخّمة. فمثلاً لفظ {من طين} فإنّ معظم الصوت يجري من الخيشوم والقليل من الفم والدليل على ذلك أنّك لو أمسكت أنفك لجرى القليل من الهواء في الفم فيتأثّر ذلك الهواء القليل بارتفاع اللسان عند النطق بالحرف المفخّم بعده فيرتفع صوت الهواء القليل الخارج من الفم ارتفاعاً قليلاً يشبه الصوت المفخّم.

سؤال: ذلك الهواء القليل الذي خرج من الفم هل هو عنّة أم لا؟ نحن نعلم أنّ الغنّة صوت يخرج من الخيشوم ولكن هذا الصوت القليل هل خرج من الخيشوم حقيقة؟ فإن لم يكن كذلك فهل يصلح أن نطلق عليه لفظ تفخيم الغنّة وهو ما خرج من الخيشوم؟

كلّ ما ذكرته من الأسئلة مجرّد رأي والخلاف في ذلك لا يضرّ ما دام الأداء لم يتغيّر ولكن للأسف تغيّر الأداء بمعاملة ذلك الصوت القليل الخارج من الفم معاملة الحروف المفخّمة. وسبب هذا التغيير عدم استعمال اصطلاح مناسب لذلك التأثّر فانجرّ الناس باتّجاه مجانب للصواب بسبب تطبيقهم أدائياً لما تضمّنه ذلك المصطلح الغير المناسب وهو التفخيم.

هذا مثال حيّ يدلّ على أنّ استعمال المصطلحات الغير المناسبة قد يؤدّي إلى تغيّر الأداء بل وحتّى في المصطلحات المناسبة كوصف القلقلة بأنّها تشبه الحركة سبّب في ظهور هيئات أدائيّة مختلفة في عصرنا وللأسف بسبب حمل معاني هذه الاصطلاحات على غير محملها الصحيح.

أقول أن ظهر تغيّر في الأداء جراء بعض المصطلحات المناسبة فما بالك بمن كانت غير مناسبة.

ومن الأمثلة أيضاً استعمال بعض أئمّة اللغة القدامى اصطلاح الإخفاء في الميم الساكنة، فاعتمده الإمام ابن مجاهد ومن ثمّ اختلف أئمّة الأداء بين مؤيّد و رافض لهذا المصطلح حتّى تطوّر وصار خلافاً أدائياً، وهذا الكلام أثبتته بعض الأبحاث والدراسات على ضوء ما تضمنه التراث القديم والتي – أي الدراسات- لا ينبغي استبعاد ما آلت إليه من النتائج.

نخلص ممّا سبق:

أنّ استعمال بعض المصطلحات الغير المناسبة أو حملها على غير محملها الصحيح قد يؤدّي إلى تغيّر الأداء.

والعلم عند الله تعالى.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[25 Dec 2009, 01:28 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

إنّ العلم الشرعيّ مبنيّ على ركيزتين أساسيّتين وهما الرواية والدراية. فبالرواية يَثبت صحّة الخبر المنقول، وبالدراية يُحصّل العلم باستنباط الأحكام والفوائد من ذلك الخبر الثابت.

وكان أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم من فقهاء الأمّة في حرص مستمرّ على التثبّت من الأخبار التي تُروي عن النبيّ عليه الصلاة والسلام وصحابته الطاهرين الأخيار رضي الله عنهم أجمعين من جهة، و على دراسة الخبر المرويّ بكلّ تعقّل وتدبّر وتفكّر لاستخراج منه الفوائد والأحكام ثمّ تطبيقها على الواقع والنوازل من جهة أخرى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير