تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثالثاً: أنّ راء {يسر} سُبقت بساكن وقبله فتح بخلاف راء {ونذر} فقد سبقت بضمتين فأين وجه القياس.

ومن أراد المزيد من المعلومات في هذه المسألة فاليرجع إلى كتاب فتح الرحماني شرح كنز المعاني للجمزوري تحقيق فضيلة الشيخ عبد الرازق علي إبراهيم موسى ص 147و148. والفوائد التجويدية في شرح المقدّمة الجزرية للشيخ عبد الرازق علي إبراهيم موسى ص 65.

فالشاهد في هذه المسألة من ترقيق راء {ونذر}:

أوّلاً: أنّها مخالفة لنصوص القدامى.

ثانياً: أنّها مخالفة للمُتلقّى بالسند حيث لم أقرأ في المدينة النبوية وفي دمشق إلاّ بالتفخيم. وقد سئِلَ الشيخ الزيات عن ترقيق راء {ونذر} فقال رحمه الله "لم نقرأ ولم نُقرئ إلاّ بالتفخيم في هذه اللكمة " وقيل له لماذا وافقت على ترقيقها؟ فقال رحمه الله "خوفاً من الفتنة " (هذا الكلام منقول من كتاب الفوائد التجويدية ص69).

ثالثاً: أنّ دليل الترقيق هو القياس وقد ذكرنا أنّ القيلس لا يُؤخذ به إلاّ عند الغموض وعدم النصّ كما ذكر بن الجزري في النشر والصاحب إتحاف فضلاء البشر. وكما هو ظاهر أنّ المسألة ليس فيها غموض بل إنّ هذا القياس غير صحيح كما بيّن الشيخ عبد الرازق حفظه الله ومخالف للنصوص وللمُتلقّى عن المشايخ.

وممّا زاد إعجابي في هذه المسألة أنّي سألت أحد كبار المشايخ في المدينة النبوية ما هو دليل ترقيق راء {ونذر} فاستدلّ بقول العلامة إبراهيم شحاته السمنودي حفظه الله تعالى في لآلئ البيان. وقلت له هل يعني من هذا القول أنّ كل راء جاء بعدها ياء محذوفة يجوز أن ترقّق نحو {ولم أدر} و {وله الجوار} و {فلا تمار} فأجاب بِنَعَم. فانظر يرحمك الله كيف أنّ المسألة بدأت باجتهادٍ محضٍ في كلمة واحدة وهي {ونذر} ثمّ انتشرت إلى عدّة كلمات فيما بعد؟؟؟؟. فالأمر خطيرة لا بدّ أن يوضع له حدّ بِوَضع ضوابط وحدود.

فالخلاصة من هذين المثالين يمكن تلخيصهُ بما يلي:

أوّلاً: أنّ التلقّي من المشايخ لا يكفي في بيان الحقّ في مسألة خلافية لأنّ الكلّ يدّعي أنّه تلقّى ذلك عن شيخه والحقّ لا يتعدّد كما هو معلوم. وأنّ النصوص المعتبرة هي الفاصل بين المسائل الخلافية، لأنهّ في عصر تدوين القراءات والتجويد كان كلّ واحدٍ من أهل الأداء يجمع ما تلقاه عن مشايخه من القراءات والروايات في كتاب ثمّ يقرئ بمضمون ذلك الكتاب كالتيسير للداني والكامل للهذلي والوجيز للأهوازي وغيرها من الكتب فكان الأصل هو التلقيى. أمّا الآن فقد قلّت الهِمم وكثر الغلط وقلّ المتقنون من أهل الأداء فكثُر الخلاف في بعض المسائل وكلّ فريق يدّعي أنّه تلقّى ذلك بالسند. فالنص هو الفاصل بين القولين لأنّه يبيّن الوجه الصحيح المقروء به عند القدامى. وهذا يدلّ أنّه إذا تعارض النصّ مع المتلقّى فيقدّم النصّ لأنّ النصّ لا يتغيّر مهما طال الأمد بخلاف التلقّى الذي يعتريه شيء من التغيير مع مرّ الزمان وإن كان قليلاً، والحمد لله أنهّ تعالى يسخّر في كلّ زمان علماءاً محققين يصحّحون للناس ما يَعرض للعلم من الغلط.

ثانياً: كم من مسألة منشؤها ومنبعها اجتهادٌ محض صارت فيما بعد من المتلقّى بالسند إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم وأخذت أبعاداً كما شاهدناه في المثالين.

ثالثاً لا يكون القياس إلاّ في المسائل التى فيها غموض ولم يرد فيها نصّ وليس هناك حلّ سوى ذلك. أمّا المسائل التي ورد فيها نص ولم يختلف فيها القرّاء أَداءاً فلا يؤخذ بالقياس.

رابعاً: كلّ المسائل التي اختلف فيها القرّاء المعاصرون لا بدّ أن تُحقّق وأن يُرجع إلى كتب القدامى المعتبرة لعلّه يوجد نص يفصل بين الفريقين. وإذا وُجِدَ نص فلا بدّ من إذعان له. بخلاف ما نشاهده اليوم من التعصّب في بعض المسائل وإن كانت مخالفة للنصوص صراحة.

وإنّي لست بصدد تقعيد القواعد والأصول بل هذا الأمر يحتاج إلى جهابذة وعلماء بمعنى الكلمة وإنّما هدفي ممّا ذكرت هو أن أثيرَ نقاشاً بين العلماء وطلبة العلم حتّى نستفيد من المداخلات والردود وأن ألْفِتَ انتباه العلماء علىأهمّية هذه القضية حتّى يُعْنَوْ بها. ولم أجد لحدّ الآن حسب ماطلعت عليه من تعرّض إلى هذه المسألة في بحث مستقلّ.

وبالمناسبة أريد طرح سؤالي مهمّ على العلماء وهو هل في هذا الزمان نحتاج إلى الاجتهاد والقياس في علم التجويد والقراءات وذلك في المسائل التي يترتّب عنها تغييرٌ في الصوت؟

هذا ما أردتّ أن أقوله في هذه القضيّة ولا أدّعي الصواب فيما ذكرت والإنسان لا يخلو من التقصير والغلط وما هدفنا من هذا الكلام إلاّ الاستفادة من الردود والتعقيبات وإلفات انتباه المشايخ إلى أهمّية هذه المسألة والله شهيدٌ على ما أقول وصلّى الله على سيّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحي شريف الجزائري

ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Feb 2010, 03:28 م]ـ

هذا الموضوع من موضوعات ملتقانا الحبيب. قلما يهتدي إليه الإخوة الأعضاء لذا كررته ربما سقط من قواعد بيانات الملتقى أثناء حدوث خلل ما.

خادمكم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير