نعم ياأستاذنا هو ابن حزم الظاهري (ت 456 هـ).
يقول شمس الدين الذهبي: ((وقد كان بين أبي عمرو وبين أبي محمد بن حزم وحشة ومنافرة شديدة، أفضت بهما إلى التهاجي، وهذا مذموم من الأقران، موفور الوجود – نسأل الله الصفح -، وأبو عمرو أقومُ قيلاً، وأتبعُ للسنة، ولكن أبا محمد أوسع دائرة في العلوم، بلغت تواليف أبي عمرو مائة وعشرين كتاباً)) سير أعلام النبلاء 18/ 81.
وقد ذكر ابن حزم الظاهري ذلك في كتابه طوق الحمامة في الألفة والآلاف (باب قبح المعصية)؛ حيث قال: ((ولي كلمتان قلتهما معرضاً - بل مصرحاً - برجل من أصحابنا، كنا نعرفه من أهل الطلب والعناية، والورع وقيام الليل، واقتفاء آثار النساك، وسلوك مذاهب المتصوفين القدماء، باحثاً مجتهداً، وقد كنا نتجنب المزاح بحضرته، فلم يمض الزمن حتى مكَّن الشيطانَ من نفسه، وفتك بعد لباس النساك، وملَّكَ إبليس من خطامه فسوَّل له الغرور، وزيَّن له الويل والثبور، وأجره رِسْنَه بعد إباء، وأعطاه ناصيته بعد
شماس، فخبَّ في طاعته وأوضع، واشتهر بعد ما ذكرته في بعض المعاصي القبيحة الوضرة.
ولقد أطلت ملامة وتشددت في عذله؛ إذ أعلن بالمعصية بعد استتار، إلى أن أفسد ذلك ضميره عليّ، وخبثت نيته لي، وتربص بي دوائر السوء، وكان بعض أصحابنا يساعده بالكلام استجراراً إليه، فيأنس به ويظهر له عداوتي، إلى أن أظهر الله سريرته، فعلمها البادي والحاضر، وسقط من عيون الناس كلهم بعد أن كان مقصداً للعلماء ومنتاباً للفضلاء، ورذل عند إخوانه جملة، أعاذنا الله من البلاء، وسترنا في كفايته، ولا سبلنا ما بنا من نعمته.
فيا سوءتاه لمن بدأ بالاستقامة ولم يعلم أن الخذلان يحل به، وأن العصمة ستفارقه، لا إله إلا الله، ما أشنع هذا وأفظعه؛ لقد دهمته إحدى بنات الحرس، وألقت عصاها به أم طبق، من كان الله أولاً ثم صار للشيطان آخراً، ومن إحدى الكلمتين:
أما الغلام فقد حانت فضيحته ** وأنه كان مستوراً وقد هتكا
ما زال يضحك من أهل الهوى عجباً ** فالآن كل جهول منه قد ضحكا
إليك لا تلح صبا هائماً كلفاً. . . يرى التهتك في دين الهوى نسكا
قد كان دهراً يعاني النسك مجتهداً. . . يعد في نسكه كل امرئ مسكا
ذو محبر وكتاب لا يفارقه. . . نحو المحدث يسعى حيث ما سلكا
فاعتاض من سمر أقلام بنان فتى. . . كأنه من لجين صيغ أو سبكا
يا لائمي سفهاً في ذاك قل فلم. . . تشهد حبيبين يوم الملتقى اشتبكا
دعني ووردي في الآبار أطلبه. . . إليك عني كذا لا أبتغي البركا
إذا تعففت عف الحب عنك وغن. . . تركت يوماً فإن الحب قد تركا
ولا تحل من الهجران منعقداً. . . إلا اذا ما حللت الأزر والتككا
ولا تصحح للسلطان مملكة. . . أو تدخل البرد عن إنفاذه السككا
ولا بغير كثير المسح يذهب ما. . . يعلو الحديد من الأصداء ان سبكا
وكان هذا المذكور من أصحابنا قد أحكم القراءات إحكاماً جيداً، واختصر " كتاب الأنباري في الوقف والابتداء " اختصاراً حسناً، أعجب به من رآه من المقرئين، وكان دائباً على طلب الحديث وتقييده، والمتولي لقراءة ما يسمعه على الشيوخ المحدثين، مثابراً على النسخ مجتهداً به، فلما امتحن بهذه البلية مع بعض الغلمان رفض ما كان معتنياً به، وباع أكثر كتبه واستحال كلية، نعوذ بالله من الخذلان.
وقلت فيه كلمة، وهي التالية للكلمة التي ذكرت منها في أول خبره، ثم تركتها)).
وبغض النظر عن تلك الألفاظ الفظة الغليظة المستهجنة التي اشتهر بها ابن حزم، حتى قيل: إن لسانه وسيف الحجاج شقيقان، فإن قوله: ((وكان هذا المذكور من أصحابنا قد أحكم القراءات إحكاماً جيداً، واختصر " كتاب الأنباري في الوقف والابتداء " اختصاراً حسناً، أعجب به من رآه من المقرئين، وكان دائباً على طلب الحديث وتقييده، والمتولي لقراءة ما يسمعه على الشيوخ المحدثين، مثابراً على النسخ مجتهداً به)) يكشف لنا عن مكانة الداني في القراءات والحديث في عصره، ويؤكد على أن كتابه - على الرغم من أنه اختصار لكتاب أبي بكر الأنباري - فقد كان مثار إعجاب كل من رآه.
وهنا أتساءل: أما من فارس يكشف لنا عن العلماء الثلاثة الذين اختصروا كتابه هذا المختصر؟
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[06 Mar 2010, 12:55 ص]ـ
وبغض النظر عن تلك الألفاظ الفظة الغليظة المستهجنة التي اشتهر بها ابن حزم، حتى قيل: إن لسانه وسيف الحجاج شقيقان، فإن قوله: ((وكان هذا المذكور من أصحابنا قد أحكم القراءات إحكاماً جيداً، واختصر " كتاب الأنباري في الوقف والابتداء " اختصاراً حسناً، أعجب به من رآه من المقرئين، وكان دائباً على طلب الحديث وتقييده، والمتولي لقراءة ما يسمعه على الشيوخ المحدثين، مثابراً على النسخ مجتهداً به)) يكشف لنا عن مكانة الداني في القراءات والحديث في عصره، ويؤكد على أن كتابه - على الرغم من أنه اختصار لكتاب أبي بكر الأنباري - فقد كان مثار إعجاب كل من رآه.
وهنا أتساءل: أما من فارس يكشف لنا عن العلماء الثلاثة الذين اختصروا كتابه هذا المختصر؟
شيخنا الكريم هل تعني أن المقصود بكلام ابن حزم هو الإمام الداني؟ أم أنه سوء فهم مني؟
¥