تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من الانتقادات الموجَّهة إلى الكتاب كثرة التعديل فيه، خاصة في الطبعات الأولى منه حتى الطبعة الخامسة، وإن أحد أسباب التعديل هو الأخذ بالاقتراحات البناءة، وتدارك ما يحتاج إلى ذلك من موضوعات الكتاب ومواضعه وعباراته، وكان أكثر هذه التعديلات بعد الطبعة الأولى حيث ارتأينا حذف معلومات كانت فيها واختصار بعض المادة، وقلَّت التعديلات كثيراً بعد ذلك حتى أصبحت معظم الطبعات اللاحقة بلا أي تعديل أو بتعديل يسير لا يُشار إليه، ولقد أصدرنا أكثر من مرة جدولاً أو ملحقاً يبين مواضع الاختلاف بين الطبعتين حتى لا يضطر الدارس إلى شراء الطبعة اللاحقة.

ومن الانتقادات صعوبة عباراته وثقلها على الدارسين فيه، خاصة أن كثيراً من الدارسين في الكتاب يقرؤونه مراراً، ويحفظون عباراته، وقد رأيت نسخ بعضهم وقد امتلأت بالخطوط التوضيحية والإشارات والشروح ونحوها، وكانت اللجنة قد وضعت في اعتبارها عند التأليف والصياغة أن الكتاب سيخاطب طبقات متفاوتة من القارئين؛ لذا فإن تسهيل عباراته بصورة مبالغ فيها سيكون أمراً منتقداً كذلك، وقد تم الاطلاع على عبارات محددة وإعادة دراستها واستشارة عدد من الإخوة الفضلاء فيها ومدى صعوبتها، واستقر الرأي على أنها مناسبة وفي المستوى المتوسط المقبول.

ومن الانتقادات على الكتاب أيضاً أنه لا يشمل جميع أحكام التجويد، وأن بعض المباحث ليست موجودة فيه، وقد تم البحث في هذه النقطة مراراً، والنظر في المباحث المفترض عدم وجودها فيه، وتبين لنا شمول الكتاب لأمهات مسائل العلم ودقائقه، وقد يوجد في بعض كتب التجويد الأخرى عناوين رئيسية أو فرعية لم تذكر في "المنير" ولكن محتوى تلك العناوين موجود فيه.

وانتقد آخرون تكرار ذكر بعض المعلومات في أكثر من موضع من الكتاب، ورأوا أنه يسبب إرباكاً للدارس، والواقع أن هذه المعلومات المكررة تنحصر في ما خالف فيه حفص أصل قراءته، أو ما تعددت له فيه الأوجه، أو ما يحتاج إلى تنبيه لدقته وخفائه، وخصصنا لها مبحثاً في الفصل السادس، وكان رأي كثير ممن اطَّلع على الكتاب جودة هذا الفعل وأهميته وتسهيله الأمر على الدارس وتلخيصه له بأسلوب مناسب.

أما موضوع عدم دقة بعض المعلومات في الكتاب، فما ذكر في هذا الانتقاد من الأحكام المختلف فيها بين علماء التجويد، وقد تمت مراجعتها في كتب التجويد واللغة قديمها وحديثها، وتم اختيار أحد الأقوال فيها، وهو القول الراجح عند أعضاء لجنة التأليف بعد التباحث والتداول، ومن هذه الموضوعات:

- أوردنا في الكتاب أن ألف الاسم المقصور المنون وصلاً إذا وُقِفَ عليه يعد من باب مد العوض، نحو (قرىً، فتىً، مسمىً، مولىً). وهي مسألة مختلف فيها، وهذا الرأي ذهب إليه عدد من أئمة التجويد واللغة، وذكره الإمام الشاطبي في "حرز الأماني" بقوله:

وقد فخموا التنوين وقفاً ورققوا وتفخيمهم في النصب أجمع أشملا

مسمى ومولى رفعه مع جره ومنصوبه غزى وتترا تزيلا

وقال السخاوي في شرح هذين البيتين: "مذهب من أمال الجميع أن الألف التي سقطت وصلاً لأجل التنوين تثبت وقفاً لزواله؛ فهي الألف الأصلية، والألف المبدلة من التنوين حذفت وبقيت الأصلية لأن بقاءها أولى من بقاء غيرها، ومذهب من فتح الجميع أن هذه الألف هي المبدلة من التنوين في جميع الأحوال، ومذهب من فرق أن الألف في حالتي الرفع والجر هي لام الفعل، وفي النصب هي المبدلة من التنوين كما يكون ذلك في الصحيح، وهو مذهب سيبويه وغيره من الحذاق" (فتح الوصيد في شرح القصيد 1/ 502 و503).

فالمذهبان معتبران عند الأئمة وقال بكلٍّ منهما عدد منهم (يُنظر: شرح المفصل لابن يعيش 9/ 76 و77، وسراج القاري لابن القاصح، ص177، والنحو الوافي لعباس حسن 1/ 188). وبعد البحث في المسألة مرة أخرى بين أعضاء اللجنة تم اختيار نقل الحكم إلى المد الطبيعي المثبت وقفاً فقط.

- في معنى الأحرف السبعة أقوال كثيرة، وقد أوردنا أحد الأقوال المعتبرة في الكتاب، وأشرنا في الحاشية إلى وجود أقوال أخرى غيره، واكتفينا بهذا لأن ذكر هذا الموضوع في الكتاب يعد من المكملات والمباحث الفرعية الدقيقة، والمقام ليس مقام توسع وترجيح بين الأقوال.

- حول صفة التكرير في الراء أثبتنا في الكتاب أنها تُعرف لتُجتنب لا لتُطبَّق؛ تبعاً لجمهور علماء التجويد، وذهب بعض العلماء إلى أنه ينبغي إظهارها بدون مبالغة وأنها صفة مثبتة للراء، ولم نأخذ بهذا القول وآثرنا الالتزام بعبارات العلماء في التعبير عن هذه الصفة وإن كان محصلة كلام الفريقين فيها متقاربة.

وما نزال في لجنة التأليف على أتم الاستعداد لتلقي النصح والإرشاد والتصويب، وسيبقى "المنير" شأنه شأن سائر الكتب عرضة للنقد والتصحيح والإضافة والتبديل، وكنا قد أثبتنا في مقدمة الطبعة الخامسة عبارة العماد الأصبهاني: "إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زِيدَ هذا لكان يُستحسن، ولو قُدِّم هذه لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، ودليل على استيلاء النقص على جملة البشر".

المصدر - مجلة الفرقان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير