تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهو أن يكون الطالب عالماً بالرواية أو القراءة التي يرويها عن شيخه، أصولاً وفرشاً، فيعرف أوجهها وأحكامها وكيفية الوقوف على كلماتها، ويضبط مواضع الوقف والابتداء عموماً، ومواضع الوقف والابتداء التي تختص بها عن غيرها، وهذا ما وُرِّثناه وما نصَّ عليه أئمتنا من مشايخ الإقراء.

وهذا الضَرْبُ من الضبط لا تَسَامُحَ فيه بحالٍ، وضابطه بالنسبة للشيخ المُقرِئِ: أن يكون في حدود علمه وإمكانه، فَمِنَ الأمانةِ أن ينقلَ العلم الذي وَرَّثَهُ إياه مشايخُه الذينَ درسَ على أيديهم وقرأ على أسماعهم ونقل من أفواههم إلى طلابه. وإن تعارض شيء من أقوالهم عنده؛ فإنه يرجِّحُ بينها بما يحققه من كتب أهل العلم، مع سؤال مشايخ الفن المُبَرَّزِينَ فيه، ثُمَّ يُقرِئُ بالذي يَرْجَحُ عنده، وإن آنس من تلميذِه سَعَةَ أفقٍ فليبسط له المسألةَ من جميعِ الأوجه: منقولها عن مشايخه، ومبحوثها في الكتب والأسفار، وآراء أهلِ العلمِ المُمَكَّنِينَ من غير مشايخه المباشرين، حتى يُعرَفَ من أين استقى علمَه وتحريرَه للخلاف.

ولهذا السببِ أيضاً ينبغي للشيخِ أن يطمئنَّ إلى تَمَكُّنِ الطالبِ من البحثِ والتنقيبِ عنِ المسائلِ المختلفةِ التي قد تُشْكِلُ عليهِ في مظانِّها من كتبِ أهلِ العلم، فإن ذلكَ مما يساعده ويفتحُ له آفاقاً جديدةً ربما كانت أرحَبَ مما عند الشيخِ المعلِّم، بَلْ ربما تَعَدَّتْ إلى أن يُفيدَ الطالبُ شيخَهُ إما مباشرةً؛ أو بأنْ يدفعَهُ إلى البحثِ والتنقيبِ للإجابةِ عنْ سؤالِ تلميذه إذْ لَمْ يَحْضُرْ عنده جوابُه. وينبغي كذلكَ أن يُعَلَّمَ الطالبُ أن لا يقول في كتاب الله بغير علم وثيق أو نقل حقيق، فإن ذلك مَهلَكَةٌ وبَوَارٌ، إذ هو توقيعٌ وإخبارٌ، عما أراد العزيز الغفار، فإن قالَ برأيِهِ فيه، تَحَمَّلَ مَغَبَّةَ ما يَفْتَرِيه، ولا يَمنَعَنَّهُ علمه ومركزه أن يقول: لا أعلمُ حين لا يعلم.


ومما يعين على تحقيق ضبط العلم والفهم لدى الطالب، أن يقرأ على شيخه:

· كتاباً في أصول الفنِّ فن التجويد كـ"غاية المريد في علم التجويد/ للشيخ عطية قابل نصر" عليه رحمة الله، مع التوسع _ إن أمكن _ بقراءة "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري/ للشيخ عبد الفتاح عجمي المرصفي" عليه رحمة الله.
· وكتاباً كـ"التبيان في آداب حملة القرآن للنووي" رحمه الله يعرف به آداب القوم ليكون على سبيلهم.
·وكتاباً في بعض علوم القرآن الكريم مثل "كيف نتعاملُ مع القرآنِ العظيمِ/ للدكتور يوسف القرضاوي" حفظه الله، أو"مباحثُ في علومِ القرآنِ/ للشيخ مناع خليل القطان" عليه رحمة الله، و"الصحيحُ المسندُ من أسبابِ النزولِ/ للشيخ مقبل بن هادي الوادعي" رحمه الله.
ثم يَحسُنُ أن لا يُجَازَ بعدُ حتى يحفظَ استظهاراً متناً من متون التجويد المنظومة:
· كـ"الجزرية أو المقدمة: فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه" (مائةٌ وتسعةُ أبياتٍ) لابن الجزري.
· أو "تحفة الأطفال" (أحدٌ وستون بيتاً) للجمزوري.
· أو منظومة "السلسبيل الشافي" (خمسةٌ وستونَ ومائتا بيتٍ) للشيخ عثمان بن سليمان مراد، وأرشح الأخيرة - إذا علت همة الطالب - فإنها متأخرةٌ وقد جمعت ما سبقها.

ثم لا بد أن يَعرِفَ مع حِفْظِ كلِّ منظومةٍ معانيها ومدلولاتِها؛ ويقرأَ شرحها على شيخه - أن أمكن - أو منفرداً، وليس الحفظُ من شروطِ الإجازة، ولكنه من تمام العلم، وتلك المنظومات من أدواته الضابطةِ المُعِينَةِ، والأمرُ في عمومِهِ مما تعارفَ عليه أهلُ العلمِ، وهو حسنٌ إن شاء الله.

ومن نافلةِ القولِ أنَّ طالباً يقرأُ على شيخه بالسبعِ أو العَشْرِ القراءاتِ لا يجازُ حتى يحفظ المتنَ الضابطَ لما يقرأُه: إن كانت قراءتُهُ السبعَ فالشاطبيةَ، وإن كان العشرَ الصغرى فهيَ والدرةَ، وإن كان الكبرى فالطيبةَ، إذ لم يُسمع بمن تحقق بمعرفة القراءات على وجه الإتقان دون استحضار متن جامع لها، والله أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير