تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من أعظم دلائل مقاصد السور أن كتاب الله محكم كما قال تعالى: چ گگ ? ? ? ? ? ? ? ? ں چ [هود: 1]. قال ابن كثير: " أما قوله: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} أي: هي محكمة في لفظها، مفصلة في معناها، فهو كامل صورة ومعنى. هذا معنى ما روي عن مجاهد، وقتادة، واختاره ابن جرير" ([9]) ..

ولا شك أن من إحكامه تقسيمه على هذه السور والآيات، وهذه السور على معاني ومباني منتظمة، فهو كالكون في نظامه وانتظامه، وكل شيء في الكون له حكمة أرادها الله. والقرآن أعظم إحكاماً من الكون، كيف وهو كلام الله تعالى الحكيم الخبير.

رابعاً: ظهور الفرق بين السور المكية والمدنية

من أعظم دلائل مقاصد السور، أن كل مرحلة من المرحلتين المكية والمدنية، تميزت بمقاصد معينة، وظهر الفرق بين سورهما، مما يدل دلالة ظاهرة على أن للسور خاصة في المعنى، وإذا كانت السور المكية مختلفة في مقاصدها عن السور المدنية، فإن هذا يؤكد تميز كل سورة بمقصد معين.

قال د. زياد خليل:" ولو تعمقنا في النظر في آيات كل سورة مكية، ودرسنا آياتها على ضوء واقع التنزيل، والظروف التي مرت بها الحركة الدعوية في مكة، لوجدنا كل سورة متميزة عن غيرها، وإن تكررت موضوعات العقيدة فيها " ([10]).

خامساً: نزول القرآن حسب الأحوال والأحداث.

كان نزول القرآن منجماً حسب ما تقتضيه الحوادث والنوازل وما يتناسب مع الظروف والأحوال، وما يتواكب مع المراحل التي مرت بها الدعوة، ثم جاء ترتيبه في المصحف حسب ماكان في اللوح المحفوظ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل عليه آية أو آيات قال: ((ضعوا هذه الآية في مكان كذا من سورة كذا)) ([11]).

وهذا دليل ظاهر على مقاصد السور من حيث أن هذا التنجيم كان لحكم عظيمة منها أن تنزل السور أو الآيات لغرض معين حسب ما يقتضيه الحدث والحال، وهذا مؤكد لتضمن السور للمقاصد. ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الصحابة بوضع الآية أو الآيات في الموضع الخاص بها من السورة، وما ذلك إلا دليل على انتظام المعاني في السورة وبنائها على مقصد واحد.

سادساً: تسمية السور.

من أعظم الدلائل على مقاصد السور وضع أسماء للسور بما يرمز لمعانيها الدالة على المقصد منها. وأسماء السور توقيفية على قول الجمهور. قال السيوطي في الإتقان: " ثبت أن جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار " ([12]).

وقد أبان هذا الأمر البقاعي بالتجربة فقال: " وقد ظهر لي باستعمالي لهذه القاعدة بعد وصولي إلى سورة سبأ في السنة العاشرة من ابتدائي في عمل هذا الكتاب أن اسم كل السورة مترجم عن مقصودها، لأن اسم كل شيء تظهر المناسبة بينه وبين مسماه الدال إجمالاً على تفصيل ما فيه" ([13]).

وإن كنّا لا نستطيع الجزم بأن كل سورة دالة على مقصودها، إلا أننا نستطيع بالتأمل في غالب السور أن نجد العلاقة بين الاسم والمضمون.

ويؤكد ذلك جلياً تسمية بعض السور:

انظر مثلاً سورة الفاتحة فقد سميت بأم القرآن، وأم الكتاب و الأساس، وكل هذه التسميات دالة على معنى واحد وهو أنها تضمنت مقاصد القرآن كله، فهي أساسه.

وانظراً أيضاً إلى سورة الإخلاص، فإنه لم يرد لفظ الإخلاص فيها، سوى أن آياتها تدل عليه، فهو إذاً مقصدها. والمقصد حقيقة هو ما تهدي إليه معاني السورة وترجع إليه.

فنجد أن أسماء السورتين دال على مقصدها ومضمونها، وهكذا.

إشكال وجوابه:

قد يرد على هذا الدليل إشكال وهو تعدد أسماء السورة الواحدة، وهذا يعارض كونه دالاً على المقصد. والجواب على هذا من وجهين:

أولاً: أنه إذا كانت الأسماء الواردة في السورة توقيفية فإنها تدل على تضمن السورة لعدة أغراض، فمثلاً سورة الفاتحة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تسميتها (فاتحة الكتاب وهو أشهرها، وأم الكتاب وأم القرآن، السبع المثاني، والقرآن العظيم، الحمد، الصلاة)

وبالتأمل نجد أن كل اسم دال على غرض من أغراضها، وإنما اشتملت على عدة أغراض لكونها أعظم سورة من القرآن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير