تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عاملة]ــــــــ[24 - 02 - 2008, 04:24 م]ـ

إذا فتحنا باب القياس على مصراعيْه، جاز إعراب (ذاته) توْكيداً لفْظيّاً حمْلاً لها على (نفسه، عيْنه).

ولكنّ الظّاهر أنّ فتْح هذا الباب يأتينا بالرّيح، فلنسدّه لكي نستريح.

وحينئذٍ: فلا مجال فيه إلاّ للقطْع أو الاختصاص، ففي مثْل (زُرْتَ الأمير ذاته)، نقول: يجوز أنْ يكون (ذاته) منصوباً على تقدير (أعني)، ويجوز أنْ يكون مرفوعاً على تقدير مبتدأ محذوف، أي: هو ذاته. ولعلّ أوّل الوجْهيْن أقوى وأنسب بالمعنى، وربّما كان هناك وجوهٌ أُخْرى، والله العالِم.

فعلى كلّ حالٍ، ليستْ كلمة (ذاته) في مثْل هذه الاستعمالات ممّا ترك السّلف الصّالح بيان حُكْمه ..

ـ[ابن جامع]ــــــــ[24 - 02 - 2008, 05:22 م]ـ

أنّ فتْح هذا الباب يأتينا بالرّيح، فلنسدّه لكي نستريح.

أضحك الله سنك.

ولكن أخي الحبيب عاملة ...

ما يصح الاتباع؟

ـ[عاملة]ــــــــ[24 - 02 - 2008, 11:18 م]ـ

أخي الحبيب ابن جامع ..

هو كما ذكرتم، نعم، فامتناع الإتباع على التوكيد لا يوجب امتناع الإتباع مطلقاً، بل الظاهر جواز كوْنه بدلاً أو بياناً .. والله العالم بالصواب .. نفعنا الله والمسلمين بكم وبعلومكم ..

ـ[أبو حازم]ــــــــ[24 - 02 - 2008, 11:40 م]ـ

سلام عليكم جميعا

لقد تتبعت كلام الإخوة أولا بأول فلم أجد أقرب إلى الصواب من كلام عاملة وابن جامع ومع ذلك فأنا أرى في الذات أبعد منهما فأقول إنه لم يستعمل العرب هذا التركيب ألبتة، أعنى قول القائل (زرت الأمير ذاته)

فلذلك أرى أنه من العبث العناء في إعرابها وابتغاء التوجيهات لها

وأنا أقر أن الذات تأتي بمعنى النفس كقول الصحابي وأحسبه عاصم بن ثابت

*وذلك في ذات الإله*

ولكن لم يثبت عن العرب استعمالها في التوكيد فنحن نقف حيث ما وقفوا ومن أراد أن ينشأ لنفسه لغة فله ذلك ولكن ليس له أن ينسبها إلى العرب

ـ[أبو تمام]ــــــــ[25 - 02 - 2008, 05:08 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

نفع الله بجميع الأخوة على ما أفادونا به.

لعل المسألة تتلخص في أمرين:

الأول: كون (ذات) بمعنى نفس، وتدل على حقيقة الشيء، وجوهره.

فهذا الأمر إن سُلّم به، وثبت سماعا فيجوز جعل (ذات) من ألفاظ التوكيد، وهي قليلة الاستعمال، ولم يذكره النحاة لقلته، فمثلا بعض النحاة كابن مالك - رحمه الله- في ألفيته لم يذكر (أكتع - وأبصع) وأجاب عنه الشاطبي - رحمه الله- بأنه تركهما لأنهما قليلتا الاستعمال.

الثاني: كون (ذات) ليست بمعنى (نفس)، ولا تدل على ما دلت عليه.

وهذا إن سُلّم به، ولم يثبت سماعا استعمال (ذات) في التوكيد كاستعمال (نفس) فلا يجوز جعلها من ألفاظ التوكيد إطلاقا، وتعرب حسب حاجة الجملة لها.

تحقيق المسألة: أذكر أننا قبل سنوات عرضت علينا في هذا المنتدى إثبات استعمال العرب لـ (ذات) في التوكيد فأذكر أننا لم نجد للعرب استعمالا واحدا لها، ولم نجد من النحاة من نصّ على أنها من ألفاظ التوكيد على كثرتهم.

جلّ ما وُجد ما يتذكره بعض المعاجم، نحو التهذيب:" ذات الشيء: حقيقته وخاصته"، وكذا في اللسان.

وكثيرا ما نجد في عبارات بعض النحاة، واللغوين ذلك، نحو قول الرضي في شرحه:"معنى هذا حي زيد: أي: المشار إليه عينه وذاته لا غيره ".

وقول الأشموني:" جاءني نفس زيد وعين عمرو أي: ذاتهما.

وفي التنزيل {كتب ربكم على نفسه الرحمة} أي ذاته ".

ولكن الواضح أنّ العرب الفصحاء تحاشت التوكيد بالذات لأنه ليس بمعنى النفس، وهذا التحاشي هو الذي جعل النحاة أنهم لم يعدوا (ذات) من ألفاظ التوكيد، وهم وإن استعملوها في عباراتهم فإن هذا ليس بلازم للقياس.

ولم أجد أوفى مما ذكره السهيلي - رحمه الله- في نتائج الفكر في النحو حينما ذكر في باب التوكيد (مسألة في التوكيد بنفسه وعينه، وتحقيق معنى العين والذات) حيث يقول فيها:" وأما (الذات) فقد استهوى أكثر الناس - ولا سيما المتكلمين - القول فيها إنها بمعنى النفس والحقيقة، ويقولون: (ذات الباري هي نفسه)، ويعبرون بها عن وجوده، وحقيقته، ويحتجون في إطلاق ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام في قصة إبراهيم (ثلاث كذبات كلها في ذات الله)، وقول خبيب:

وذلك في ذات الإله وإن يشأ * * يبارك على أوصال شلو ممزع

وليست هذه اللفظة إذا استقريتها في اللغة، والشريعة كما زعموا، ولو كان كذلك لجاز أن يقال: عبدت ذات الباري سبحانه، واحذر ذاته، كما قال {ويحذركم الله نفسه}، أو فعلتُ ذاته.

وذلك غير مسموع، ولا يقول إلا بحرف (في) الجارة، وحرف (في) للوعاء، وهو معنى مستحيل على نفس الباري سبحانه، إذا قلت: جاهدتُ في الله، وأحببتُ في الله، محالٌ أن يكون هذا اللفظ حقيقة لما يدل عليه هذا الحرف من معنى الوعاء، وإنما هو على حذف المضاف، أي في مرضاة الله، وطاعته.

فيكون الحرف على بابه، ومعناه، كأنك قلت: فعلي هذا محسوب في الأعمال التي فيها مرضاة الله تعالى وطاعته.

أما أن تدع اللفظ على ظاهره فمحال، وإذا ثبت هذا فقوله (في ذات الله) و (في ذات الإله) إنما يريد في الديانة أو الشريعة التي هي ذات الله، فذات وضف للديانة.

وكذلك هي في أصل موضوعها نعت لمؤنث، ألا ترى أن فيها تاء التأنيث؟

وإذا كان الأمر كذلك فقد صارت عبارة عمّا تشرف بالإضافة إلى الله عزّ وجلّ، لا عن نفسه، وهذا هو المفهوم من كلام العرب، إلا ترى إلى قول النابغة:

مجلتهم ذات الإله ودينهم؟

فقد بان غلط من جعل هذه اللفظة عبارة عن نفس ما أضيفت إليه، وبان غلط من قال من الفقهاء (إنه فوق عرشه المجيد بذاته)، وغلط من جهة اللفظ، والمعنى، أما اللفظ فهو ما قدمناه، وأما المعنى بمذكور في كتب الأصول، ومعلوم بأدلة العقول " 131 - 132.

فمن لم يسلم بهذا القول لزمه القول في التوكيد (جاء زيدٌ كُنهُه)، (جاء زيدٌ جوهرهُ)، (جاء زيدٌ كيانهُ)، لأنها قد تشترك مع النفس في معنى الحقيقة! وهذا لا يعضده سماع، علاوة على أنها قد تختلف في أمور معنوية.

هذا وليسمح لي الأخوة على هذا النقل الطويل لأن النص من النصوص النفيسة في هذه المسألة.

والله أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير