تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يُنسب إلى الزمخشري - كما ذكرنا في المبحث السابق- القولُ بتأبيد النفي بلن في إحدى نسخ الأنموذج قال الأربلي ([156]): ((قال -أي الزمخشري في الأنموذج- ولن نظيرة لا في نفي المستقبل ولكن على التأكيد، أقول: إذا أردت نفي المستقبل مطلقاً قلت: لا أضرب مثلاً، وإذا أردت نفيه مع التأكيد قلت لن أضرب مثلاً، وفي بعض النسخ للتأبيد بدل قوله للتأكيد)) ([157]) 0

وقال الموستاري ([158]) وهو من شرّاح الأنموذج المتأخرين: ((تقول لا أبرح اليوم مكاني، فإذا وكَّدت وشددت قلت: لن أبرح اليوم مكاني قال تعالى:) لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين (([159]) وقال:) فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي (([160])، وقد وقع في بعض النسخ التأبيد بدل التأكيد وهو مبني على مذهب أهل الاعتزال)) ([161])

وقال ابن مالك: ((ثم أشرت إلى ضعف قول من رأى تأبيد النفي بلن وهو الزمخشري في أنموذجه)) ([162])، وقال ابنه بدر الدين: ((وذكر الزمخشري في أنموذجه أن لن لنفي التأبيد)) ([163]) هكذا جاء في شرح التسهيل بتقديم كلمة نفي على كلمة تأبيد مما جعل المعنى ينعكس.

وقال أبو حيّان: ((ونقل ابن مالك أن الزمخشري خصَّ النفي بالتأبيد)) ([164])

وقال ابن هشام: (لن وهي لنفي سيفعل ولا تقضي تأبيداً ولا تأكيداً خلافاً للزمخشري)) ([165])، وقال أيضاً ((لن حرف يفيد النفي والاستقبال بالاتفاق، ولا يقتضي تأبيداً، خلافاً للزمخشري في أنموذجه، ولا تأكيداً خلافاً له في كشافه)) ([166])،وقال أيضاً: ((ولا تقتضي تأبيداً ولا تأكيداً خلافاً للزمخشري)) ([167])

والذي بين أيدنا من الأنموذج ليس فيه ذكر للتأبيد قال: ((ولن نظيرة لا في نفي المستقبل ولكن على التأكيد)) ([168])

ويرى الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة -رحمه الله- أن الزمخشري ذكر في كشافه تأكيد النفي بلن، كما ذكر تأبيده أيضاً، وألمح الشيخ عضيمة إلى أن أبا حيان في البحر المحيط قد وقع في مزالق الكشاف في بعض المواضع فتابع الزمخشري في ألفاظه الدالة على القول بتأكيد النفي بلن أوالدالة على القول بتأبيده، وهوما يخالف ما حذَّر منه في كتبه النحوية، قال الشيخ عضيمة: ((في الكشاف لن أخت لا إلا أن لن تنفيه نفياً مؤكداً وتأكيده هاهنا للدلالة على أن خلق الذباب منهم مستحيل منافٍ لأحوالهم كأنه قال محال أن يخلقوا)) ([169]) ثم نقل الشيخ عضيمة عبارة أبي حيان وهي: ((وهذا القول الذي قاله في لن هو المنقول عنه أن لن للنفي على التأبيد)) ([170])، ومن العبارات التي وردت في الكشاف وفَهِمَ منها الشيخ عضيمة تأبيد النفي بلن ما يلي (كأنه محال أن يخلقوا)، وعبارة: (إقناط من إيمانهم، وأنه كالمحال الذي لا تعلق به للتوقع) وعبارة (فلا يكون منهم اهتداء البتة كأنه محال منهم لشدة تصميمهم) وعبارة: (وإنما جيء بلن الذي هو لتأكيد النفي للإشعار بأنهم لقلتهم وضعفهم، وكثرة عدوهم وشوكته كالآيسين من النصر) وعبارة: (نفي لدخولهم في المستقبل على وجه التأكيد المؤيس) وأمثال هذه العبارات 0

ومن العجب أن أبا حيان كثيراً ما كان يقع في مزالق الكشاف وينقل منه أمثال تلك العبارات السابقة الدالَّة على القول بتأبيد النفي بلن وقد تتبعه الشيخ عضيمة ([171]) رحمه الله تعالى

المطلب الثالث: رأي المعارضين

نسب ابن مالك وأبو حيّان وغيرهما للزمخشري ([172]) القول بتأبيد النفي بلن قال ابن مالك:

ومن رأى النفي بلن مؤبدا فقولَه اردد وخلافَه اعضدا

وشرح هذا البيت فقال: ((ثم أشرت إلى ضعف قول من رأى تأبيد النفي بلن وهو الزمخشري في أنموذجه، وحامله على ذلك اعتقاده أن الله تعالى لا يرى، وهو اعتقاد باطل بصحة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني ثبوت الرؤية جعلنا الله من أهلها، وأعاذنا من عدم الإيمان بها)) ([173])

وقال أيضاً: ((وينصب المضارع بلن مستقبلاً بحدٍّ وغير حدٍّ خلافاً لمن خصَّها بالتأبيد)) ([174])

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير