ـ[ضاد]ــــــــ[02 - 05 - 2008, 05:50 م]ـ
حياك الله أخي أبا تمام, ليس لأن العبارات لم تعجبني قلت عنها أنها استفزاز, بل لأنها فعلا استفزاز, وإن لا فكيف تؤول قولك:
هنالك فرق بين معنى (زيدا صادق)، و (إنّ زيدا صادق) على ما ذكرناه، فإن كنت لا ترى فرقا بينهما فتلك مصيبة.
على كل حال, فأنا إنسان هادئ أحب النقاش بهدوء واحترام للرأي الآخر ما دام في المسألة متسع للاختلاف, وتبادل الرأي والفكر إفادة دون تجريح في الآخر.
غفر الله لي ولك.
بما أن نقطة الانطلاق باطلة عندك فإن أي رأي يبنى عليها باطل عندك بدوره. وهذا رأيك والنحوِ التقليدي, ولكن سأشرح الأمر أكثر لك ولمن تهمه المسألة.
هناك مجالات تستعمل فيها ألفاظ دون نطاق إسنادي تكون على حالتها المطلقة التي لا تدخل عليها المغيرات, ومن هذه الحالات ذكرت المعجم واللافتات والعناوين وهي تأتي غالبا على الإطلاق وتأتي على الرفع, ولذلك قلت بأن الإطلاق في العربية مرفوع, وهذه المجالات تشارك فيها اللغة والسياق اللالغوي لتحديد معنى المكتوبات, فوجود الكتاب وعليه عنوانه يدل على أن العنوان اسم الكتاب, ووجود دار القضاء وعليها لافتة مكتوب عليها \دار القضاء\ يدل على أن ذلك اسم الدار, وتشارك السياق اللالغوي والهيئة المكتوبة يثمر معنى يفهمه العربي, ولكن ليس هذه هي النقطة, بل النقطة هي أن المكتوبات لا تخضع لسياق لغوي أو بمعنى أدق "نطاق إسنادي" يحيط بها مثل الجملة, فعنوان الكتاب "الشعر الجاهلي" ليس جملة ولا يخضع إلى جملة ولا تسبقه جملة ولا تلحقه. أنا أتحدث عن المغيرات اللغوية وليس عن السياقات اللالغوية التي تساهم في إظهار معنى يفهمه العاقل. وهذه النقطة التي لم تستطع أن تجد طريقا إلى الفهم النحوي الذي لا يتصور كلاما خارج سياق ويبني كل شيء على الجملة ويتعسف السياقات حتى ينجح في الإعراب, في حين أن العبارات دون نطاق إسنادي ولا تخضع لقوانين الإسناد وهذا هي الحالة المطلقة. والمثال الذي ذكرتَه من المعجم لم أعن فيه الشرح أو التفسير بل عنيت الكلمة قبل النقطتين لأن التفسير إنشاء وجمل, فما حركة "الدار" في هذا المثال: \الدار: المنزل\؟ ولأزيدك فإن هذا الإطلاق لا يقتصر على المكتوبات فقط, بل يكون أحيانا في الملفوظات, مثل قول قائل: "النارُ ولا العارُ", أو إذا أشار أحدهم بحركة تفيد الذبح وقال: "الذبحُ! ", أو إذا صاح أحدهم: "النارُ! ". ستقول أن هنا سياقا, فأقول أن السياق الذي تعنيه أنت هو سياق لالغوي, وأنا أريد نطاقا إسناديا في الكلام لا سياقا خارج الكلام, فكوننا نفهم الملفوظ بالإشارة أو بالرؤية فذلك لا يغير من كون الملفوظ مطلقا ليس فيه نطاق إسنادي. وهذا التحليل هو التحليل اللساني ولست ألزمك به, ولكن يكفيني أن تعرف أنه يوجد مثل هذا التحليل أو الفهم. لن أناقشك في الأفكار المبنية على افتراض الإطلاق, لأنها لا طائل منها ما دمت ترى المنطلق باطلا.
أرى أنك تخلط بين وصف الأفعال ووصف الفاعلين, فقولك مسرور في \"جئت مسرورا" نصبها الفعل\ خاطئ لأن الوصف هنا للفاعل وليس للفعل وأوصاف الفعل في العربية هي المفاعيل المطلقة. فما قولك في: "أنا مخمورا لا أفعل شيئا" وفي "هذا صراط مستقيما"؟ هل نصبها الفعل؟
أما وقد ذكرت العنصر المعنوي وهو الخلط عند القائلين بالعامل, فهذا مجرد إعادة صياغة لما تسميه اللسانيات بالوظيفة أو function فافتراض عنصر معنوي, ولا أدري ما علاقة العنصر المعنوي بالتحكم, أمر غير نحوي, لأن النحو ينبني على العلائق التركيبية والإعرابية في الجملة لا على علائق من خارجها. والوظيفة هي تقول أن الحال منصوب والظروف منصوبة, وليس عنصرا معنويا غير موجود في الجملة. وتعريفي وتعريفك وتعريف النحاة لا يتفقون لأن زوايا النظر مختلفة.
وثمة نقطة لم تعرج عليها: هل هذه النواسخ تدخل على الجمل أو لا؟ هذا هو الفيصل في المسألة, فما دامت تدخل على الجملة فإننا ننظر في حال الجملة قبل الدخول وبعده, فما تغير فهو الذي تحكم فيه الناسخ وما لم يتغير فهو الباقي على أصله, ولذلك قلت أن \إن لا ترفع الخبر\ لأنه لم يتغير, بل نقول \إن تنصب المبتدأ ويكون خبرها مرفوعا\.
¥