ـ[أبو قصي]ــــــــ[12 - 01 - 2009, 01:18 م]ـ
تصحيح:
(أنَّ ادِّعاءَ أنَّ ما يسمونَه (أسماءَ فعالٍ) أسماءً)
الصواب:
(أسماءٌ)، أو حذف (أن).
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[12 - 01 - 2009, 02:37 م]ـ
أستاذنا الجليل أبا قصي
ما رأيك بإعرابهم (منذ/مذ) حسب مدخولها حرفًا أو ظرفًا، ألا ترى أن للتركيب أثرًا في تصنيف الأدوات؟
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[12 - 01 - 2009, 02:58 م]ـ
شكر الله لك أستاذنا المبارك على هذا الطرح الرائع الذي يحمل في ثناياه كثيرا من الفوائد النفيسة.
ثم لي هنا استفسار، هل ما أشرتم إليه بقولكم:" والنحاةُ كثيرًا ما يُقدِّمون حكمَ العلامات على حكم الحدودِ" هل هي مدارس ينتحلها النحاة في طرق التفريق بين الكلم. أم أن الأمر لا يعدو كونه أخذا بالأسهل، كما أشرتم إليه بقولكم: "وإنَّما احتجنا إلى النظر في الخواصِّ، لأنَّ الحدَّ ربَّما يخفَى أحيانًا، أو يكونُ غيرَ صريحِ الدِّلالةِ، أو ربما لا نعلَم قصدَ العربِ في اللفظِ نفسِهِ. ولأنَّ النظرَ في الخواصِّ أيسرُ أيضًا، وأقلُّ مئونةً على الناظرِ"؟؟
دمت سالما معافى.
ـ[أبو قصي]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 04:52 م]ـ
أستاذنا الجليل أبا قصي
ما رأيك بإعرابهم (منذ/مذ) حسب مدخولها حرفًا أو ظرفًا، ألا ترى أن للتركيب أثرًا في تصنيف الأدوات؟
الأستاذ الفاضل الدكتور / أبا أوس
أعتذر عن تأخُّر ردِّي لسفرٍ طارئٍ.
لا شكَّ أن النظَر إلى الكلمةِ بعد تركيبِها ابتغاءَ معرفةِ حقيقتِها ممَّا يُحتاجُ إليهِ؛ ولكن على ألا يناقِضَ ذلكَ الحدودَ الموضوعةَ، أو يفرِّق بينَ المتماثلين. وأنا ذاكرٌ الآنَ شيئًا من أثرِ التركيبِ في الاستدلالِ على الحقائقِ؛ وذلكَ في صنفين:
الأول: أن يلتبس الغرضُ من وضعِ العرب للفظٍ من الألفاظِ، فيُفزع إلى العلاماتِ لمعرفته. من ذلكَ اختلافُهم في (لمَّا)، و (إذْ ما)، و (مهما) أسم هي أم حرفٌ. وهذا مذهبٌ صحيحٌ مقبولٌ.
الثاني: أن يكونَ الحدُّ دالاًّ على نوعِ الكلمةِ؛ ولكن يعارِضُه بعضُ العلاماتِ؛ فيأخذ النحاةُ بها، ولا يلتفتوا إلى دلالةِ الحدِّ. وهذا المذهبُ مرفوضٌ، لأنَّ العلاماتِ دَلائلُ تركيبيةٌ، والحدودَ دلائلُ إفراديةٌ، والعلاماتِ من لوازمِ الجنسِ، وقد تتخلَّف، أو توجد في غيرِ موضعِها، وربَّما لم يسلَّم بها، والحدود هي السبيلُ إلى معرفة الجنسِ ذاتِه، لا لازمِهِ. والنظرُ إلى المفردِ مقدَّم على النظرِ إلى التركيبِ، والنظر إلى الجنسِ مقدَّم على النظر إلى لازمِه. ومن أمثلة ذلك عندهم:
1 - ادِّعاؤهم أنَّ (هلمّ) في لغة الحجاز اسمٌ، وفي لغةِ تميم فِعلٌ، لا لفرقٍ في الدلالة؛ وإنما لأنَّ الأول لا تتصل به الضمائِر، والثاني تتصلُ بهِ.
2 - ادِّعاؤهم أنَّ (عسى) فِعلٌ؛ ولكنَّه إذا اتصلَ بها ضميرُ نصبٍ صارت حرفًا من أخواتِ (إنَّ) الناصبةِ، كما قال الشاعرُ:
... فقلتُ: عساها ضوءُ نارٍ، وعلَّها ...
معَ أنَّ دلالتَهما واحدةٌ.
3 - ادِّعاؤهم أنَّ الكافَ، و (على)، و (مِن) حروفٌ؛ ولكنَّه إذا دخلَ عليها حرفُ جرٍّ، أصبحت أسماءً، كقول الشاعرِ:
... يضحكن عن كالبَردِ المنهمِّ ...
والآخرِ:
... غدت مِن عليه بعد ما تمَّ ظمؤها ...
والآخر:
... مِن عن يميني مرَّةً، وأمامي ...
4 - ادِّعاؤهم أنَّ (أل) حرفٌ؛ ولكنه إذا وليَها صفةٌ صريحةٌ، فهي اسمٌ.
5 - ادِّعاؤهم أنَّ (إذ) اسمٌ؛ فإذا كانت للتعليلِ، والمفاجأة، كانت حرفًا (وهذا رأي بعضهم).
6 - ادِّعاؤهم أنَّ (ما) تكون اسمًا في مواضعَ، وحرفًا في مواضعَ أخَرَ.
7 - ادِّعاؤهم أنَّ (عدا)، و (خلا) تكونان أفعالاً، وتكونانِ حروفًا.
وهذا الصنف مطَّرَحٌ مرفوضٌ في مُعظَمه، إما لعدمِ ثبوت الدليلِ على اختلافِ الحقيقتينِ، كما في (أل)، أو لثبوت أن أحدَهما أعمُّ من الآخرِ، وأنه أصلُه، كما في (إذْ)، أو غير ذلك.
ولا يُصار إلى ادِّعاء أن العربَ وضعتِ الكلمةَ على وضعينِ، إلا إذا امتنعَ حملُ إحداهما على الأخرى، كما في (ما) الحرفية، والاسميةِ، و (خلا)، و (عدا).
ولا يُعتدُّ بالنظر في العلاماتِ بادئَ الرأيِ، لإثبات التفرقةِ، لأن العلاماتِ أمرٌ عارضٌ بعد التركيب؛ والتركيبُ لا يغيِّر الحقائقَ؛ إذ هي ثابتة قبله؛ ولكنَّه ممَّا يستدَلّ به عليها عند عدَم معرفتِها.
وأمَّا (منذ) و (مذ) فمِن الصنفِ الأولِ، لأنا لم ندرِ غرض العربِ منه؛ أفأرادوا في نحو قولهم: (ما رأيته منذ يومانِ) أن يجعلوا (منذ) لفظًا مستقِلاً بنفسِه، معناه (أمدُ ذلك)، أم أرادوا أن يجعلوه لفظًا معناه لغيرِه؛ فيكون بمعنى (مِن)؟
فلمَّا اشتبه على النحاة أمرُه، انقسموا ثلاثة أقسامٍ؛ فبعضهم رأى حرفيتَه، وأوَّلَ ما أوهمَ الاسميَّة من استعمالاته، وبعضٌ رأى اسميَّته، وأوَّل ما أوهم الحرفيةَ. وبعضٌ رأى اسميته في مواضع، وحرفيته في مواضعَ أخَرَ.
وعندي أنَّ أضعفَها الوجهُ الثالثُ، لأنَّه لا فرقَ بين معنى ما ادُّعي فيه الاسمية منهما، ومعنى ما ادُّعي فيه الحرفيةُ. ألا ترى أنهم يقولون: (إذا وليَهما مجرورٌ، فهما حرفانِ، وإذا وليَهما مرفوع، أو جملةٌ، فهما اسمانِ)؛ فعلَّقوا معرفة حقيقتها على ما بعدَها إذا رُكِّبت، لا على معناها.
والأرجح عندي أنهما حرفانِ، لأسبابٍ يطولُ ذكرُها.
مع الشكر، والتقدير لكم.
¥