[وقفة مع أستاذنا أبي أوس ..]
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[07 - 01 - 2009, 11:11 ص]ـ
قرأت مقالة أستاذنا أبي أوس الشمسان في المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة، وناقش أ. د. أبو أوس موضوع النعت المقطوع، ورد قول النحاة بأنه خبر لمبتدأ محذوف – حالة الرفع – أو مفعول به لفعل محذوف – حالة النصب -.
وكان أ. د. أبو أوس معولاً على المعنى في تفسيره للظاهرة اللغوية دون اعتبار للصناعة النحوية، وهذا التفسير امتداد لمقالاتٍ سابقةٍ – الفاعل ينصب كما يجر، إنَّ زائدة -، وأرجو أن يتسع صدر أستاذي لهذا الموضوع المتواضع الذي يناقش جزءًا من مقالاته السابقة.
لن أسرد آراء النحاة في هذه القضية أو تلك؛ لأن أ. د. أبا أوس أعلم بها مني، ولا يخفاه قول هذا العالم أو ذاك في القضايا النحوية.
مراعاة المعنى في تفسير الظواهر اللغوية أمر واجب، ولكنه يجب في الوقت ذاته ألا يكون بمعزل عن الصناعة النحوية، وما ذكره أ. د. أبو أوس من أن الفاعل منصوب في قولنا: " إن زيدًا انطلق " بحجة أن محمدًا هو الذي فعل الانطلاق في المعنى مرفوض – عندي -؛ لأنه يستلزم أمورًا أخرى لا نقرها.
ومثال ذلك قولنا: " رأيت محمدًا راكبًا الفرسَ " إن احتكمنا إلى المعنى هنا دون النظر إلى الصناعة النحوية قلنا إن " محمدًا " فاعلٌ لاسم الفاعل؛ لأنه كذلك في المعنى فمن فعل الركوب هو محمد، وهنا نقع في إشكال وقوعه مفعولاً به للفعل " رأيت "، فهل نقول إنه فاعل أم مفعول؟
ومثل ذلك قولنا: " محمدٌ كاتبٌ الدرسَ " فهل نقول إن محمدًا فاعل أم مبتدأ؟ فالمعنى وحده يجرنا إلى الفاعلية، وإن قلنا ذلك فكيف نعرب اسم الفاعل الذي يجب أن يأخذ موقعه في الجملة؟
وفي مقاله الأخير ناقش موضوع النعت المقطوع، وأحببت لو تعرض أستاذنا أبو أوس لموضوع النعت السببي، فالنحاة يرون أن مجتهدًا في قولنا: " مررت برجلٍ مجتهدٍ ابنه " نعت لـ (رجل)، وهذا القول لا يتلاءم مع المعنى وحده، فالموصوف بـ (الاجتهاد) الابن وليس الرجل، فما رأي أبي أوس؟
فمن هنا يتضح أن النظر إلى المعنى وحده قد يؤدي إلى التباس الوظائف النحوية بين الكلمات، فالصناعة النحوية معتبرة في تفسير الظواهر اللغوية؛ لنوفق بين المعنى وسلامة التفسير.
ولأستاذي وجميع الأحبة خالص المودة والتقدير،،
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[07 - 01 - 2009, 12:33 م]ـ
أخي الحبيب ابن بريدة
أود أن أشكرك لاهتمامك بالقراءة والمناقشة الثرية الهادفة وهو ما نتطلع إليه في معالجة قضايا نحونا المتهم بالجمود واتهام المشتغلين بالنحو بترديد بعض أفكار القدماء دون محاولة للتفكير.
أخي الحبيب سأعود للكلام في الموضوع بعد أن يأخذ القراء فرصة لقراءة موضوع النعت المقطوع لأنك أشرت إليه وربما لم يطلع عليه قراء الفصيح.
ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[08 - 01 - 2009, 09:24 ص]ـ
أخي الحبيب ابن بريدة
أعود للجواب عن ملحوظاتك التي تفضلت بذكرها فأرجو أن أوفق في الجواب.
قرأت مقالة أستاذنا أبي أوس الشمسان في المجلة الثقافية بجريدة الجزيرة، وناقش أ. د. أبو أوس موضوع النعت المقطوع، ورد قول النحاة بأنه خبر لمبتدأ محذوف – حالة الرفع – أو مفعول به لفعل محذوف – حالة النصب -.
وكان أ. د. أبو أوس معولاً على المعنى في تفسيره للظاهرة اللغوية دون اعتبار للصناعة النحوية
والحقيقي أني أقدم المعنى معتبرًا الصناعة النحوية أي أني أنظر إلى المعنى والمبنى؛ ولكني أخالف النحويين بعض المخالفة في تفاصيل الصناعة، ومن أهم الأمور التي أخالفهم بها الربط اللازم بين الحركة والوظيفة الإعرابية فهم ألزموا أنفسهم أن يكون كل منصوب بسبب عامل مع أن ذلك يفسد المعنى ويناقض مقاصد المتكلمين، والذي أراه أن الأصل في النعت التبعية ولكن تلك التبعية قد يعدل عنها لأمر أراده المتكلم وتعمده وهو التنبيه إلى مضمون النعت وقد يعمد إليه الشاعر لصيانة النغم ورعاية موسيقا الشعر.
مراعاة المعنى في تفسير الظواهر اللغوية أمر واجب، ولكنه يجب في الوقت ذاته ألا يكون بمعزل عن الصناعة النحوية، وما ذكره أ. د. أبو أوس من أن الفاعل منصوب في قولنا: " إن زيدًا انطلق " بحجة أن محمدًا هو الذي فعل الانطلاق في المعنى مرفوض – عندي -؛ لأنه يستلزم أمورًا أخرى لا نقرها.
¥