[بلاغة قرآنية عظيمة]
ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[27 - 01 - 2009, 09:18 م]ـ
قال تعالى (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا) يوسف 96
وقال (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا) العنكبوت 31
جاءت لما في الآيتين وبعدها الفعل (جاء) فلماذا جاءت (أن) في سورة يوسف ولم تات في العنكبوت؟ علما أن كليهما يتحدثان عن بشرى
نقول وبالله التوفيق
ان سياق الآيات في سورة يوسف يتحدث عن معاناة الأب من أول السورة الى نهايتها تقريبا فلما أرادت الآية أن تصف انطلاق البشير من مصر الى فلسطين جاءت (أن) لامكانية مد الصوت بها على اساس انه مد منفص وهذا سيكون أكثر دلالة في التعبير على صورة الترقب والانتظار التي عانى منها يعقوب فحين يمد القارئ الصوت بألف (لما) ثم الاخفاء للنون مع الجيم ومن بعدها مد الف جاء يعطي السامع صورة ذهنية لتلك المعاناة بعد طول نصب وتعب
أما في سورة العنكبوت فسياق الآيات لا يصور بعد المسافة أو تعب ابراهيم عليه السلام هذا من جهة ومن جهة أخرى فالملائكة في انطلاقهم حتى وصولهم الى ابراهيم لا يحتاجون الى ذلك الوقت الطويل الذي يحتاجه بشير يعقوب
فنجد ذكر (ن) هناك وعدم ذكرها هنا تتجلى فيه بلاغة القرآن العظيم
فسبحان الله وعز جلاله
ـ[قمر لبنان]ــــــــ[27 - 01 - 2009, 09:43 م]ـ
رائع يا دكتور
جزاك الله خيرا
ـ[إياس]ــــــــ[27 - 01 - 2009, 09:49 م]ـ
مرحبا دكتور أعجبني تحليلك
لكن أراه من ناحية بلاغية و لسانية
فهلا أعربت لنا و ذكرت أمثلة أخرى عن مجيئ أن قبل جاء في القرآن
لتتضح الصورة أكثر و يكون للتحليل بعد نحوي.
في الآية الأولى
أن جاء، ألقاه، فارتد
و جاء هنا ليس لديها مفعول به
في الآية الثانية
جاءت، قالوا
إبراهيم عليه السلام: مجيئ إليه
أفلا نرى أن معنى جاء في الآيتين يدعو للتأمل!
ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[27 - 01 - 2009, 11:40 م]ـ
مرحبا دكتور أعجبني تحليلك
لكن أراه من ناحية بلاغية و لسانية
فهلا أعربت لنا و ذكرت أمثلة أخرى عن مجيئ أن قبل جاء في القرآن
لتتضح الصورة أكثر و يكون للتحليل بعد نحوي.
في الآية الأولى
أن جاء، ألقاه، فارتد
و جاء هنا ليس لديها مفعول به
في الآية الثانية
جاءت، قالوا
إبراهيم عليه السلام: مجيئ إليه
أفلا نرى أن معنى جاء في الآيتين يدعو للتأمل!
أخي الكريم إياس مرحبا بك وحفظك الله
أن قد يعربها النحويون مفسرة أو زائدة للتوكيد أو أنها أن المخففة وفي جميع ذلك هي لا محل لها من الإعراب، فإن شئت قلت إنها للإطالة أو للتوكيد لكن التوكيد له مواطن عندهم والقياس أن تُزاد (أن) بعد (لمّا) إن شئت أن تأتي بها فلا حرج ويقولون إنها زائدة والزيادة للتوكيد في الغالب مع أنها ليست بالضرورة للتوكيد فالزيادة لها أغراض فقد تكون تزينية أو زيادة لازمة أو تكون لأمور أخرى منها التنصيص على معنى معين وهي كلها أمور نحوية.
ويقال إن (أن) عندما تقع بعد أما فإنها تشير الى أن الجواب اذا جاء وقته فإنه يقع من غير تراخ فالبشير حين وصل يعقوب لم يتوان في القاء القميص على وجهه ولكن أن تشير كذلك الى ما قبل حينونة الجواب مما يستدعي الإطالة
أما إذا جاءت أما من غير أن فإنه يدل على عدم التسرع في وقوع الجواب والذي هو العذاب في الآية المذكورة وفي غيرها من الآيات مثل قوله تعالى (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا) وقوله (فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا)
وأخيرا أخي الحبيب فليست التاء في قوله (جاءت) مفعولا به بل هي تاء التأنيث الساكنة لامحل لها من الاعراب)
ـ[علي المعشي]ــــــــ[28 - 01 - 2009, 12:25 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذنا الكريم د. أبا أسامة
سيظل القرآن الكريم معجزة خالدة إلى يوم الدين، لكنْ ـ أستاذي ـ ليس بالضرورة أن يُوجه كل موضع منه توجيها بلاغيا ما لم يكن ثمة قرينة، إذ إن فيه ما يرجع إلى التنويع في الأسلوب بما لا يخالف فصيح كلام العرب وأساليبهم العالية؛ لأن القرآن إنما نزل بلسان عربي مبين.
وكما نوّع العرب في استعمال (إذا) فجعلوها تارة متلوة بـ (ما) وغيرمتلوة بها تارة أخرى كذلك جاء القرآن بـ (ما) في نحو (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ... ) وبدونها في نحو (فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ ... )، ولعل مجيء (أن) بعد (لما) في آية يوسف وخلو آية العنكبوت منها من هذا القبيل.
قلتم أستاذي:
أما في سورة العنكبوت فسياق الآيات لا يصور بعد المسافة أو تعب ابراهيم عليه السلام هذا من جهة ومن جهة أخرى فالملائكة في انطلاقهم حتى وصولهم الى ابراهيم لا يحتاجون الى ذلك الوقت الطويل الذي يحتاجه بشير يعقوب
وأنتم تقصدون قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا)، وأرى هذا التعليل منطبقا على آية أخرى من السورة نفسها بل لا يفصل بين الآيتين إلا آية واحدة، إذ قال تعالى: (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ) ومع ذلك ذكرت (أن) في الثانية ولم تذكر في الأولى!
تحياتي ومودتي.
¥