تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[اسم الإشارة والنعت]

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[19 - 01 - 2009, 09:41 م]ـ

[اسم الإشارة والنعت]

المشهور عند النحويين أنّ اسم الإشارة ينعت بالمشتق بعده. واسم الإشارة هو نفسه كذلك ينعت به، ذكر ابن عقيل في شرحه (3: 195) أنه "لا يُنْعَتُ إلا بمشتق لفظًا أو تأويلاً. والمراد بالمشتق هنا: ما أُخِذَ من المصدر للدلالة على مَعْنًى وصاحبه: كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل. والمؤول بالمشتق: كاسم الإشارة، نحو: (مررتُ بزيدٍ هذا) أي المشارِ إليه".

ولعل النحويين استفادوا هذا من كلام سيبويه (الكتاب، 2: 6) "واعلم أنَّ العلمَ الخاصَّ من الأسماءِ يوصفُ بثلاثةِ أشياء: بالمضاف إلى مِثله، وبالألف واللام، وبالأسماء المبهمة. فأما المضاف فنحو: مررت بزيد أخيك. والألف واللام نحو قولك: مررت بزيدٍ الطويل، وما أشبه هذا من الإضافة والألف واللام. وأما المبهمة فنحو: مررتُ بزيد هذا وبعمرٍو ذاك". ولعل سيبويه توسع في مفهوم الوصف هنا ليشمل الإبانة بشكل عام؛ فاسم الإشارة ليس بمشتق، وهو أقرب إلى الحروف أو الأدوات وليس يفهم، لإبهامه، إلا بتقدير مشار إليه بعده، هو المقصود بالحكم المستحق الإعراب، وقد أدرك سيبويه هذا كل الإدراك حين بين أن الوصف باسم الإشارة ليس كالوصف بالمحلى بـ (أل)، نفهم ذلك من حديثه عن وصف اسم الإشارة هو نفسه، والوصف كما يفهم من كلامه شامل للنعت والبدل، قال (الكتاب،2: 6 - 7): "واعلم أنَّ المبهمة توصف بالأسماء التي فيها الألف واللام والصفات التي فيها الألف واللام جميعًا. وإنما وُصفتْ بالأسماء [التي فيها الألف واللام] لأنها والمبهمة كشيء واحد، والصفاتُ التي فيها الألف واللام هي في هذا الموضع بمنْزلة الأسماء وليست بمنْزلة الصفات في زيد وعمرٍو إذا قلتَ مررتُ بزيد الطويل، لأني لا أريد أن أجعل هذا اسمًا خاصًّا ولا صفةً له يُعرف بها، وكأنك أردت أن تقول مررت بالرجل، ولكنك إنما ذكرت (هذا) لتقرب به الشيء وتشير إليه". نخلص من هذا إلى أن الصفة التي تأتي بعد اسم الإشارة ليست نعتًا له كنعت الأسماء بل هي كالعلم وهو اسم جامد ليس بنعت لاسم الإشارة بل هو بدل. وأما الذي أراه خلوصًا من هذا الإشكال فهو أن اسم الإشارة لا ينعت ولا ينعت به، لأنه أداة للإشارة وليس له محل من الإعراب كما أنّ أداة التعريف لا محل لها من الإعراب، والأولى أن يسمى (حرف إشارة) ففي قولك: (جاء هذا الرجل) ليس الفاعل (هذا) بل الرجل، وحين تقول (جاء هذا) مشيرًا إلى رجل فليس الفاعل (هذا) بل المحذوف (الرجل) الذي تشير إليه. وإذا قلت (جاء الرجل هذا) فليس (هذا) نعتًا للرجل ولا هو بدل منه، إذ ليس له محل من الإعراب ولكن البدل محذوف، والتقدير (جاء الرجل هذا الرجل). كأنك تقول جاء هذا الرجل، ولكنك حين بدأت فقلت (جاء الرجل) بدا لك أنّ الأمر يحتاج إلى مزيد إيضاح وتحديد فأشرت إليه لتنفي إرادة غيره من الرجال الموجودين.

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[21 - 01 - 2009, 10:10 م]ـ

واسم الإشارة هو نفسه كذلك ينعت به

وإذا قلت (جاء الرجل هذا

أخي الكريم أبا أوس:

فهمت من كلامك أن النحويين يجيزون وصف المعرف بال باسم الإشارة، وليس الأمر كذلك، وإنما يوصف باسم الإشارة العلم والمضاف للضمير، أما المعرف بال اسما كان أو وصفا فلا ينعت باسم الإشارة لأن اسم الإشارة أعرف منه، قال سيبويه:

وإنما منع (هذا) أن يكون صفة للطويل والرجل أن المخبر أراد أن يقرب به شيئا ويشير إليه لتعرفه بقلبك وعينك دون سائر الأشياء، وإذا قال: الطويل، فإنما يريد أن يعرفك شيئا بقلبك ولا يريد أن يعرفكه بعينك، فلذلك صار (هذا) ينعت بالطويل، ولا ينعت الطويل بـ (هذا) لأنه صار أخص من الطويل، حين أراد أن يعرفه شيئا بمعرفة العين ومعرفة القلب، وإذا قال: الطويل، فإنما عرفه شيئا بقلبه دوم عينه، فصار ما اجتمع فيه شيئان أخص.

ثم قال سيبويه:

واعلم أنَّ المبهمة توصف بالأسماء التي فيها الألف واللام والصفات التي فيها الألف واللام جميعًا. وإنما وُصفتْ بالأسماء [التي فيها الألف واللام] لأنها والمبهمة كشيء واحد، والصفاتُ التي فيها الألف واللام هي في هذا الموضع بمنْزلة الأسماء وليست بمنْزلة الصفات في زيد وعمرٍو إذا قلتَ مررتُ بزيد الطويل، لأني لا أريد أن أجعل هذا اسمًا خاصًّا ولا صفةً له يُعرف بها، وكأنك أردت أن تقول مررت بالرجل، ولكنك إنما ذكرت (هذا) لتقرب به الشيء وتشير إليه.

فعلقتم على ذلك بقولك:

نخلص من هذا إلى أن الصفة التي تأتي بعد اسم الإشارة ليست نعتًا له كنعت الأسماء بل هي كالعلم وهو اسم جامد ليس بنعت لاسم الإشارة بل هو بدل

لم يتبين المراد بما وضعت تحته خطا، لذلك سأشرح كلام سيبويه، فاقول:

يريد سيبويه أن اسم الإشارة يوصف بما فيه الألف واللام اسما كان مثل: هذا الرجل، أو صفة (مشتقا) نحو: هذا الطويل، والصفة هنا تختلف عن صفة اسم العلم في نحو: زيد الطويل، فالطويل هنا جاءت لتمييز زيد الطويل عن القصير، أما في نحو: هذا الطويل، فليس المراد أن تمييز (هذا) عن (هذا) آخر، ولذلك قال سيبويه: لأني لا أريد أن أجعل (هذا) اسما خاصا، ولا (الطويل) صفة له يعرف بها، وأرى أنه سقطت كلمة (الطويل) من النص. ثم قال: وكأنك أردت أن تقول: مررت بالرجل، يعني: إذا قلت: مررت بهذا الطويل فكأنك قلت: بهذا الرجل، من حيث الحكم، أي أن ما بعد اسم الإشارة لا يفصل المشار إليه عن مشار إليه آخر، كما يفصل (الطويل) في (زيد الطويل) بين زيد طويل، وآخر قصير مثلا.

أما عن مذهبكم في عدم استحقاق اسم الإشارة للإعراب، فنقول: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف.

فهذا عندنا اسم يغني عن قولنا: المشار إليه القريب، وذاك: يغني عن: المشار إليه البعيد، وهكذا ..

فإذا قلنا: هذا صحيح، فهو بمنزلة: المشار إليه صحيح، فكما نقول: المشار: مبتدأ، نقول: هذا: مبتدأ، وكما أنه لا حاجة لتقدير محذوف قبل (المشار) كذلك لا حاجة لتقدير محذوف بعد (هذا)

مع التحية الطيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير