تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الجر والرفع بعد منذ ومذ]

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[26 - 01 - 2009, 07:45 م]ـ

ليس (مُنذ ومُذ) حرفين بل حرف واحد، أصابت لفظه مراحل البلى لكثرة الاستعمال (مِن ذو>مُنذ>مُذ)، قال المرادي (الجنى الداني،500):"الذي يظهر أن مرادهم أن (مذ) كان أصلها (منذ) كأختها، فحذفت نونها، وتركت أختها على أصلها" وهو مركب خلافًا لقول البصريين ببساطته. ذكر المرادي (الجنى الداني،501) أصله عند الفراء: مِن ذو (الطائية) التي هي اسم إشارة في الأصل حسب بروكلمان (فقه اللغات السامية، ص91)، وهذا موافق لتأصيل الغزني أنه: من ذا (الجنى الداني، ص501)، ويؤيد قول الفراء أنه ينطقه بكسر الميم بعض العرب (الأنباري، الإنصاف، 1: 382).

ولما كان الاسم بعده يجيء مجرورًا أو مرفوعًا عدوه حرف جر، إنْ جُرّ الاسم، وظرفًا إن رُفع. وكما اختلفوا في بساطة (منذ/مذ) وتركيبها (من ذو/من إذ، من ذا) اختلفوا في تفسير رفع الاسم بعده، فقيل إنه رفع بفعل محذوف، أو مبتدأ محذوف، أو خبر لمنذ/مذ (الأنباري، الإنصاف، 1: 382). ودلالته ابتداء الغاية، قال ابن خروف (شرح جمل الزجاجي،2: 662): "وهي أبدًا غاية في الزمان، وأهل الكوفة والفراء يجيزون إدخال (مِن) في موضع (منذ) فيقولون: ما رأيته من يومين". والذي أراه أنه باق على دلالته على ابتداء الغاية جُر الاسم أو رُفع، وهذا يدعوني إلى النظر في التغير الإعرابي الذي اقضاه استعمال الحرف، فحالة الجر هي الأولى حسب الأصل (ما جاء زيد مِن ذو الصباحِ)، وذو إشارة لا محل له من الإعراب والصباح مجرور بمن وهو ابتداء غاية المجيء، واستصحبت حالة الجر بعد تركب حرف الجر وعنصر الإشارة (من ذو>منذ)، فقال بعض العرب (ما جاء زيد مِنذُ الصباح) وضمت الميم مماثلة لضمة الذال بعد التركيب فقال أكثرهم (ما جاء زيد مُنْذُ الصباحِ)، ولكنهم أيضًا رأوا ما ركّب مع (مِنْ) كافًّا لها عن العمل فعاد إلى حالة الرفع التي هي أصل المعربات، والكف إنما هو كفّ لفظي كالتعليق لا يؤثر في كون (من) والصباح قيدًا زمنيًّا للمجيء. وترشح هذا الحرف بسبب كفّه للدخول على الجملة الفعلية كما ترشحت (إنَّ) بعد كفها بما للدخول على الجملة الفعلية ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ? [فاطر:28]، والجملة الاسمية ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ? [الحجرات:10]. ومن شواهد دخوله على الجملة الفعلية، قول بشامة بن الغدير المري:

وَقُلتُ لَها كُنتِ قَد تَعلَميـ (م) ـنَ مُنذُ ثَوى الرَكبُ عَنّا غَفولا

وقول بشر بن أبي خازم:

تَعَنّى القَلبَ مِن سَلمى عَناءُ ... فَما لِلقَلبِ مُذ بانوا شِفاءُ

وليست الجملة في محل جرّ لفظي خلافًا لابن خروف الذي يقول"فيحتمل الفعل في موضع جرّ ورفع، فإن عطفت عليه اسمًا قلت ويومُِ الخميس بالخفض والرفع على حسب ما تعتقد فيها" (شرح جمل الزجاجي، 2: 666). بل لا تعطف بالجر. والذي ننتهي إليه أنّ (منذ/ مذ) حرف جرّ؛ لأن (مِن) يجر الأسماء بعده وقد يكف بالتركب فلا يجر الاسم جرّا لفظيًّا بل معنويًّا بمعنى أنه يجعله معمولا للفعل قبله. ويمكن في النحو التعليمي الاقتصار بالوصف فيقال إنّ (منذ/مذ) حرف يدل على ابتداء الغاية ويجر الاسم بعده أو يرفع.

ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[26 - 01 - 2009, 07:59 م]ـ

شيخنا الكريم بارك الله فيك وجزاك خيرا

ولكن لدي استفسار أليست (ذو) الطائية بمعنى (الذي) فمالذي جعلها اسم اشارة

أم لك رأي فيها لم اطلع عليه فنحن لا نأخذ تأصيل لغتنا من بروكلمان

أفدنا بذلك جزيت الجنة

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[26 - 01 - 2009, 08:53 م]ـ

شيخنا الكريم بارك الله فيك وجزاك خيرا

ولكن لدي استفسار أليست (ذو) الطائية بمعنى (الذي) فمالذي جعلها اسم اشارة

أم لك رأي فيها لم اطلع عليه فنحن لا نأخذ تأصيل لغتنا من بروكلمان

أفدنا بذلك جزيت الجنة

حبيبنا الغالي د. أبا أسامة السامرائي

العنصر المهم في (ذو/ ذا/ ذي) هو حرف (ذ) وهو الدال على الإشارة، بمعنى أن الإشارة والموصولات تنتمي إلى أصل واحد. فالذي يظهر لي أن الإشارة كانت (ذو/ ذا/ ذي)، وكما تعلم خصص (ذا) للمذكر و (ذي) للمؤنث و (ذو) بمعنى صاحب أو الذي. ولذلك لا أرى بأسًا في التفسير الذي بينت به تحول الحرف وبخاصة أنه سمع منهم (من ذا). أما بركلمان فهو عالم كغيره من العلماء المجتهدين نأخذ منه ما نستجيده وينفعنا، وتعلم أن إمام نحونا هو (سيبويه)، وقامت ثقافتنا في معظمها بجهود غير العرب، والحكمة ضالة المؤمن.

أشكرك أخي للقراءة والتعليق، ولطف المدخل وحسن المحاورة.

ـ[د. أبو أسامة السامرائي]ــــــــ[26 - 01 - 2009, 09:27 م]ـ

بارك الله فيك أستاذنا الحبيب أبا أوس

أما ما يخص بروكلمان فليس الاعتراض على شخصه ولكنه رجل أدب أكثر ما هو رجل لغة ونحو ولست بصدد التعرض لعالم حتى لو كان ممستشرقا ما لم يمس بثوابتنا من قريب أو بعيد

وتقبلنا نزاحم محبيك وهو كثر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير