[الحال المركبة]
ـ[ماجد غازي]ــــــــ[22 - 01 - 2009, 06:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذَه أحوال مركبة اتفق لي جمعها من أمهات كتب النحاة، فمن ذلك قولهم:
1. (كَلَّمْتُهُ فَاهُ إِلَى فِيَّ) والمنصوب فيه على الحال (فاه إلى في) وهو من الأحوال الدالة على المفاعلة، لذا أوله الأكثرون بـ (مشافهةً). واختلفوا في إعرابه؛ فقيل: حال على أنها اسم جامد موضوع موضع المصدر وهو (مشافهة) الموضوع موضع الحال، وهو لسيبويه، ويَرِدُ عليه اشتراط كون الاسم المنقول إلى المصدر منكَّراً وكونه ذا مصدر من لفظه كالعطاء، وفاه إلى في ليس كذلك. وقيل: الأصل فيه: من فيه إلى في، فانتصب بعد حذف الجار، وهو للأخفش، ويَرِدُ عليه أنه لا يعهد حذف الجار ملتزَما، فلم تجئ (مِنْ) في هذا الموضع ظاهرة عن العرب حتى يُدَّعَى حذفها إن لم تذكر، وأن قياس العبارة على تأويله: كلمته فِيَّ إلى فيه، لأن مِنْ لابتداء الغاية، ومبدأ الكلام في المثال من فم المتكلِّم، وأجاب الفارسي عن ذلك بأنه على معنى المفاعلة أي كلمني وكلمته، فكما يصح: كلمني من فيه، صح هنا: كلمته من فيه، إذ كان العامل على معنى المفاعلة. وقيل: أصله كلمته جاعلا فاه إلى في، فالحال محذوفة ناصبة فاه مفعولا، وهو للكوفيين. وقيل: حال نائبة مناب جاعلا؛ حذف فصار العامل في (فاه) كلمته، وهو للفارسي.
وهذا التركيب مقصور على السماع، لا يقاس عليه فلا يقال: كلمتُهُ وجهَهُ إلى وجهي ولا عينَهُ إلى عيني، إلا عند هشام فطرَّدَه، ومن ثَمَّ أجاز: ماشيتُهُ قدمَهُ إلى قدمي، وكافحتُهُ وجهَهُ إلى وجهي، وصارعتُهُ جبهتَهُ إلى جبهتِي، وجاورتُهُ بيتَهُ إلى بيتي، وناضلتُهُ قوسَهُ عن قوسي، ونحو ذلك. وذكر ابن خروف أن الفراء حكى: (حاذيتُهُ ركبتَهُ إلى ركبتي، وجاورتُهُ بيتَه إلى بيتي، وصارعتُهُ جبهتَهُ إلى جبهتي) بالرفع والنصب
وسمع: كلمني زيدٌ فُوهُ إلى فِيَّ، بالرفع على أنها جملة حالية. وإن شئت قلت: كلمته فُوهُ إلى فِيَّ، والمعنى: وفوه إلى في، فالواو للحال، حذفتها أو ذكرتها فالمعنى عليها.
ومن ذلك قولهم:
2. (جاءوا قَضَّهَمْ بِقَضِيضِهِمْ) ومعناه: بأجمعهم، وعبارة المقتضب: أتاه القوم قضهم بقضيضهم، ولما كان معناه منكرا وهو (جميعا) جاز وقوعه حالا، ومثله قول الشماخ:
أَتَتْنِي سُلَيْمٌ قَضَّهَا بِقَضِيضِهَا تُمَسِّحُ حَوْلِي بِالْبَقِيعِ سِبَالَهَا
فقضها حال منصوبة، وهو مستعمل على ضربين، النصب على الحالية لكونه بمنزلة المصدر المضاف المجعول حالا كمررت به وحده، والتبعية لما قبله على التأكيد بمنزلة كلهم وأجمعين، وهو مأخوذ من القَضِّ وهو الكسر، وقد يستعمل في موضع الوقوع على الشيء بسرعة فكان معنى قضهم: وقع بعضهم على بعض.
وفي الكتاب بعد أن أنشد بيت الشماخ: كأنه قال: انقضاضهم، أي انقضاضا. ومررت بهم قضهم بقضيضهم، كأنه يقول: مررت بهم انقضاضا، وإنما ذكرنا الانقضاض في (قضهم)؛ لأنه إذا قال: قضهم فهو مشتق من معنى الانقضاض، لأنه كأنه يقول: انقض آخرهم على أولهم، وبعض العرب يجعل قضهم بمنزلة كلهم، يجرير على الوجوه. اهـ.
وفي الزاهر: (قد جاء بالقَضِّ والقَضِيضِ) أي بالكبير والصغير، والقَضُّ الحصى الصغار، والقضيضُ صغاره وما تكسر منه.
ومن ذلك قولهم:
3. (رجع عودَهُ على بَدْئِهِ)، وفي (عودَه) الرفع والنصب، ففي الأول وجهان؛ فاعلٌ برجع، أو مبتدأ خبره ما بعده، وفي الثاني قولان؛ مفعول به لرجع أي: ردَّ عودَه وأعاده على بدئه، وحالٌ على تقدير: رجع عائدا.
ومن ذلك قولهم:
4. (بايعتُهُ يداً بيدٍ) أو (بِعْتُهُ يداً بيدٍ) أو (رأساً برأسٍ) أو (ناجِزاً بناجزٍ).
وهي من الأحوال الدلة على المفاعلة، فـ (يداً بيدٍ) أولوها بـ (مناجزةً) وبـ (نقداً لا نسيئةً) ولا خلاف في نصبها على الحال.
ومعنى (رأساً برأسٍ) مماثلةً، و (ناجزاً بناجزٍ) نقداً لا نسيئةً.
وفي المقتضب: (بايعته يدَه فوق رأسه).
ومن ذلك قولهم:
5. (طلبتَهُ جهدَكَ وطاقَتَك) أو (فعلتَهُ جهدَكَ وطاقتَكَ) أو (طلبتُهُ جهدِي وطاقَتي) أو (افعلْهُ جهدَك) أو (فعلَ ذلك جهدَهُ وطاقَتَهُ) أو (فعلَهُ جهدَهُ).
وكلها بمعنى إلا في الضمير المضاف إليه، فتارة جاء للمخاطب وتارة للمتكلم وتارة للغائب.
¥