والجهد والطاقة مصدران أو الأخير اسم مصدر بمعنى الإطاقة وهي القدرة على الشيء، وهما منصوبان في الْمُثُلِ المذكورةِ على الحال على تأويلهما بجاهدا ومطيقا، وقد وقعا معرَّفَيْنِ بالإضافة على خلاف الأصل في الحال.
ومن ذلك عبارة:
6. (وَحْدَهُ) حيث جاءت وكيفما كان الضمير المضاف إليه. وهي مؤولة بـ (منفردا) عند من عدها حالا. وفي الصحاح: الوَحْدة: تقول: رأيته وحدَه. وهو منصوبٌ عند أهل الكوفة على الظرف، وعند أهل البصرة على المصدر في كل حال.
وفي التاج: في نَصْبِ وَحْدَه ثلاثةُ أَقوالٍ: نَصْبُه على الحَالِ، وهذا عند البَصْرِيِّينَ، قال
شيخُنا المدابِغِيّ في حَاشِيَةِ التحرير: وَحْدَه مَنْصُوبٌ على الحالِ، أَي مُنْفَرِداً بذلك، وهو في
الأَصْلِ مَصْدَرٌ مَحذُوفُ الزوائِد، يقال أَوْحَدْتُه إِيحاداً أَي أَفْرَدْتُه. لا عَلَى المَصْدَرِ، وأَخْطَأَ
الجَوْهَرِيُّ، أَي في قولِه: وعند أَهلِ البصْرَةِ على المَصْدَرِ في كُلِّ حالٍ، ويُونُسُ يَنْصِبُهُ على الظَّرْف بإسْقاطِ علَى، فوحْدَه عنده بمنزِلَة عِنْدَه، وهو القولُ الثاني، والقولُ الثالث أَنه مَنْصُوبٌ على المَصْدَرِ، وهو قَوْلُ هِشَامٍ، قال ابنُ بَرِّيٍّ عند قَولِ الجوهَرِيّ: رأَيْتُه وَحْدَه، مَنْصُوب على الظَّرْفِ عندَ أَهْلِ الكُوفَةِ وعِنْد أَهْلِ البَصْرَةِ، قال: أَمَّا أَهْلُ البَصْرَة فيَنْصِبُونَه على الحَالِ، وهو عِنْدَهم اسمٌ واقِعٌ مَوْقِعَ المَصدَر المُنْتَصِب على الحالِ، مثل جاءَ زَيْدٌ رَكْضًا، أَي راكِضاً، قال: ومن البصريِّينَ مَن يَنْصِبه على الظَّرْفِ، قال: وهو مَذْهَب يُونُسَ، قال: فليس ذلك مُخْتَصًّا بالكُوفِيِّينَ كما زَعَمَ الجوهَرِيُّ.
ومن ذلك قولهم:
7. (بينتُ له حسابَهُ باباً باباً) أو (تعلَّمَ الحسابَ باباً باباً) أو (علمتُهُ الحسابَ باباً باباً). والشاهد فيه (باباً باباً) وهما اسمان جامدان رُكِّبا وجعلا بمنزلة اسم واحد منصوب على الحال تأويله (مفصَّلا).
ومن ذلك قولهم:
8. (ادخلوا رجلاً رجلاً) أو (ادخلوا الأولَ فالأولَ).
حال مركبة دالة على الترتيب؛ لذا قدروها بـ (مرتبين)، والرجل اسم جنس جامد، وفي المعجم الوسيط: الرجل الذكر البالغ من بني آدم اهـ واقتصروا على ذلك، والصواب شموله كل ذكر بالغ من الإنس والجن؛ دليل الثاني قوله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)
ومن ذلك قولهم:
9. (بعتُ الشياهَ شاةً بدرهمٍ) أو (بعتُ الشاءَ شاةً ودرهماً) أو (بعتُ الشاةَ شاةً ودرهماً). فقولهم: (شاةً بدرهمٍ) اسم جنس وشبهُ جملة مركبان، نُصِبَا على الحال لدلالته على سِعْرٍ، وكذا ما بعده إلا أنه عُطِفَ على اسم الجنس، والفرق بين المعنيين في الثمن؛ فالشاة في الحكاية الأولى بدرهم، وفي التي بعدها بشاةٍ ودرهم، وكله يدل على سعر الشاة.
ومن ذلك قولهم:
10. (تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبَا) وهو تركيب معرف بالإضافة أوله ابن مالك بـ (متبددين تبددا لا بقاء معه). والأيدي جمع يدٍ وهي اسم جنس، وسبا اسم قبيلة سكنت اليمن ووردت قصتها في التنزيل.
ومن ذلك قولهم:
11. (سادوك كابراً عن كابرٍ). قال ابن الشجري: والمعنى: كبيرا بعد كبير، فعن في هذا الموضع بمعنى بعد التي ظهرت في قول القائل:
بَقِيَّةُ قدْرٍ مِنْ قُدُورٍ تُوُورِتَثْ لآلِ الْجُلاحِ كَابِراً بَعْدَ كَابِرِ
ومن ذلك قول أهل الحجاز:
13. (جاء القوم ثلاثتَهم وأربعتَهم، والنساء ثلاثهن وأربعهن) إلى عشرتِهم وعشرِهن. وهو تركيب معرف بالإضافة مؤول بنكرة. نصبه الحجازيون على تقدير (جميعاً) ورفعه التميميون توكيدا على تقدير (جميعُهم).
ومن ذلك قول العرب:
14. (فلانٌ جاري بَيْتَ بَيْتَ)، فيركبون الاسمين ويجعلونهما بمنزلة اسم واحد، فيبنونه على فتح الجزأين، ومحله نصب على الحال.
ومن ذلك قولهم:
15. (تساقطوا أخوَلَ أخوَلَ) أي متفرقين، بفتح الجزأين بناء، ومثله قول الشاعر:
يُسَاقِطُ عَنْهُ رَوْقُهُ ضَارِيَاتِهَا سِقَاطَ شِرَارِ الْقَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلاَ
ومن ذلك قولهم:
16. (تَفَرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ) أي: ذهبوا مذاهب شتى مختلفين ولا يقال ذلك في الإقبال.
ومن ذلك قولهم:
17. (وقع المصْطَرِعانِ عدْلَيْ عَيْرٍ) ذكره ابن مالك وغيره.
والله أعلم