تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مسألة في الجر بالمجاورة]

ـ[أبو الطيب النجدي]ــــــــ[12 - 09 - 2009, 02:21 م]ـ

قد سمع عن العرب قولهم: جُحْرُ ضَبٍ خَرِبٍ

فيَجُرّون خرب مع أن حقها الرفع - على أنها خبر المبتدأ - و ذلك لمجاورتها كلمة ضبٍ المجرورة ....

السؤال هنا:

هل هذا موقوف على السماع , أم أنه يسوغ لكل أحد بعدهم أن يجرَّ مرفوعا أو منصوبا لأن مجاوره الذي قبله مجرور ما لم يُخلَّ بالمعنى؟

و لو صح هذا فهل يجوز الجر بالمجاورة إذا كان المجرور بعد المرفوع أو المنصوب في المكان؟

و أيضا ألا يكون الجر بالمجاورة فعلا عن العرب دالا على أن الكسرة أقوى من الضمة حيث لا رفع بالمجاورة , فيكون ردا على المخالف الذي يرى أن الضمة أقوى الحركات؟

ـ[ابن بريدة]ــــــــ[12 - 09 - 2009, 02:53 م]ـ

مرحبا أخي أبا الطيب

ما سمع عن العرب هو قولهم: " هذا جحر ضبٍّ خربٍ " فـ (خرب) نعت لـ (جحر) وحقها الرفع ولكنهم خفضوها لمجارورتها المخفوض.

والجر بالمجاورة موقوف على السماع، بل إن بعض النحاة أنكر وجوده في النحو العربي ومنهم ابن جني رحمة الله عليه وخرَّج هذا الشاهد على أن (خرب) صفة مشبهة قد حذف مرفوعها والتقدير: (هذا جحر ضب خرب جحرُه) فيكون من باب النعت السببي.

فلا يليق بنا أن نستخدم هذا الأسلوب في سعة الكلام.

وعقد لهذا الباب ابن هشام حديثا مستقلا في كتابه (شرح شذور الذهب) فلعل فيه ما يفيدك أكثر مما ذكرتُه.

والله أعلم،،

ـ[ابوعلي الفارسي]ــــــــ[12 - 09 - 2009, 04:07 م]ـ

في حاشية الصبان على شرح الأشموني:

وأما الجر بالمجاورة نحو هذا حجر ضب خرب فأثبته جمهور البصريين والكوفيين في نعت وتوكيد زاد بعضهم وعطف ورده أبو حيان بأنه ضعيف لأنه تابع بواسطة بخلافهما.

وفي جامع الدروس العربية:

وقد يُجرُّ ما حقهُ الرفعُ أو النصبُ، لمجاورتهِ المجرورَ، كقولهم "هذا جُحرُ ضَبٍّ خَرِبٍ"، ومنه قولُ امرئ القيس

*كَأَنَّ ثَبيراً، في عَرانِينِ وَبْلِهِ * كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ*

ويُسمّى الجرَّ بالمُجاورة. وهو سَماعيٌّ أيضاً.

وفي شرح الأجرومية للأسمري:

.... إلا أن بعضهم زاد قسماً رابعاً، وهو المخفوض بالمجاورة، ويمثلون له بقول القائل: (هذا جحرُ ضبٍّ خَرِبٍ). فكلمة (خَرِب) مجرورة بالكسرة الظاهرة على آخرها لمجاورتها لما خفض بالإضافة وهو المضاف إليه.

إلا أن الجمهور من النحاة على أن كلمة (خرب) صفة فهي داخلة في التوابع.

وقال سيبويه في الكتاب:

ومما جرى نعتاً على غير وجه الكلام: " هذا جحر ضب خرب "، فالوجه الرفع، وهو كلام أكثر العرب وأفصحهم. وهو القياس، لأن الخرب نعت الجحر والجحر رفع، ولكن بعض العرب يجره. وليس بنعت للضب، ولكنه نعت للذي أضيف إلى الضب، فجروه لأنه نكرة كالضب، ولأنه في موضع يقع فيه نعت الضب، ولأنه صار هو والضب بمنزلة اسم واحد. ألا ترى أنك تقول: هذا حب رمان. فإذا كان لك قلت: هذا حب رماني، فأضفت الرمان إليك، وليس لك الرمان إنما لك الحب.

وفي الجمل في النحو وهو منسوب للخليل رحمه الله:

وخفضوا بالجوار أيضا مثل قول الشاعر:

(أطوف بها لا أرى غيرها ... كما طاف بالبيعة الراهب)

خفض الراهب بالقرب والجوار والوجه فيه الرفع كما قالوا هذا جحر ضب خرب خفض خربا وهو نعت الجحر وإنما خفض لقربه من ضب

ومنه قول الله تعالى في البروج (ذو العرش المجيد) وفي الذاريات (ذو القوة المتين) خفض المجيد والمتين بالقرب والجوار ويقرأ (ذو العرش المجيد) (ذو القوة المتين) بالرفع على أنه صفة لذي العرش وهو محل النعت والصفة لله تعالى والنعت للمخلوق

وقال الله جل وعز (وجاؤوا على قميصه بدم كذب) خفض كذبا على القرب والجوار ومجازه كذبا على معنى وجاؤوا كذبا على قميصه بدم قال الشاعر:

(فيا معشر العزاب إن حان شربكم ... فلا تشربوا ما حج لله راكب)

(شرابا لغزوان الخبيث فإنه ... يباهتكم منه بأيمان كاذب)

فخفض راكبا على القرب والجوار ومحله الرفع بفعله

ومثله

(كأن ثبيرا في عرانين ودقه ... كبير أناس في بجاد مزمل)

خفض مزملا وهو نعت كبير وهو في محل رفع فخفضه على الجوار وقال آخر

(كأنما خالطت قدام أعينها ... قطنا بمستحصد الأوتار محلوج)

خفض محلوجا وهو نعت قطن ....

وقال ابن جني في الخصائص:

فممّا جاز خلافُ الإجماع الواقِع فيه منذ بُدِىء هذا العلم وإلى آخر هذا الوقت ما رأيته انا في قولهم هذا جُحْر ضَبٍّ خَربٍ فهذا يتناوله آخِرٌ عن أوّلٍ وتالٍ عن ماض على أنه غَلَط من العرب لا يختلفون فيه ولا يتوقّفون عنه وانه من الشاذّ الذي لا يُحمل عليه ولا يجوز ردّ غيره إليه

وامّا أنا فعندي أنّ في القرآن مِثْل هذا الموضع نيِّفاً على ألْفِ موضِع وذلك انه على حذفِ المضافِ لا غير فإذا حملته على هذا الذي هو حَشْو الكلام من القرآن والشعر ساغ وسَلِس وشاع وقُبِل

وتلخيص هذا ان أصله هذا جُحْر ضَبٍّ خَرِبٍ جُحْرُه فيجرى خرب وصفا على ضبّ وإن كان في الحقيقة للجُحْر كما تقول مررت برجل قائم ابوه فتجرى قائما وصفا على رجل وإن كان القيام للاب لا للرجُل لما ضمِن من ذِكره والامر في هذا اظهر من ان يؤتى بمثال له او شاهد عليه فلمّا كان أصله كذلك حذِف الجُحْر المضاف إلى الهاء وأقيمت الهاء مُقامه فارتفعت لأن المضاف المحذوف كان مرفوعا فلمَّا ارتفعت استتر الضمير المرفوع في نفسِ خرِبٍ فجرى وصفا على ضبّ وإن كان الخراب للجحر لا للضبّ علىتقدير حذف المضاف على ما أرينا وقلَّت آية تخلو من حذف المضاف نعم وربّما كان في الآية الواحدة من ذلك عدّة مواضع

وعلى نحو من هذا حَمَل أبو علىّ رحمه اللّه:

(كبيرُ أُناس في بِجادٍ مزمّل ... ) ولم يحمله على الغلط قال لأنه اراد مزمَّل فيه ثم حَذَف حرف الجرّ فارتفع الضمير فاستتر في اسم المفعول

فإذا امكن ما قلنا ولم يكن أكثر من حذف المضاف الذي قد شاع واطّرد كان حمله عليه أولى من حمله على الغلط الذي لا يحمل غيره عليه ولا يقاس به ...

والله العالم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير