[معنى الباء في البسملة]
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 06:44 م]ـ
الباء في (بسم الله) للمصاحبة بمعنى مع، ولا تخرج المصاحبة عن المعنى الأصلي للباء وهو الإلصاق، وإنما ذهبت إلى أنها بمعنى (مع) لما ورد في الأثر (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) فقد ذكر في البداية (بسم الله) ثم قيل: (مع اسمه)، فهذا دليل قوي على أن الباء للمصاحبة أي: أبدأ تلاوتي للقرآن مصاحبا ذكر اسمه سبحانه وتعالى، وبصحبة اسمه العظيم يكون الحفظ والصون والفوز والنجاة، وبصحبته تحصل البركة ويعم الخير.
ويحصل كذلك العون من الله على تدبر الآيات التي ستتلى والعمل بها والاستشعار بأنها موجهة إليه، فهو مسؤول عما سيتلو، ولكي يمده الله بما يجعل التلاوة حجة له لا حجة عليه.
وقال قوم الباء للاستعانة، أي: أتلو مستعينا باسم الله ..
قلت: هذا ضعيف، لأن الاستعانة تكون بالذات الإلهية لا باسمه سبحانه، وكذلك الاستعاذة تكون بالله لا باسم الله، فنقول: استعنت بالله، ولا نقول: استعنت باسم الله، ونقول: أعوذ بالله، ولا نقول: أعوذ باسم الله.
والجار والمجرور (بسم الله) متعلقان بفعل محذوف تقديره: أبدأ، أو: أتلو، أي: أتلو مع ذكر اسم الله. وهذا أولى من تعليق الجار والمجرور بخبر لمبتدأ محذوف تقديره: ابتدائي. أي: ابتدائي حاصل مع ذكر اسم الله.
وإنما قلت: تقدير فعل محذوف أولى لتكون البسملة متوافقة مع الاستعاذة من جهة تعلق الجار والمجرور، فالجار والمجرور في الاستعاذة (اعوذ بالله) متعلقان بفعل هو أعوذ، فليكن الجار والمجرور (بسم الله) متعلقين بفعل أيضا، تقديره: أبدأ أو أتلو.
ثم إن تقدير محذوف واحد هو الفعل أهون من تقدير محذوفين: المبتدأ والخبر.
والله أعلم.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 06:50 م]ـ
سألني سائل فقال:
ألا ترى أستاذنا الفاضل أن المراد بالاستعانة او الاستعاذة الله سبحانه وتعالى، خاصة وأنه جاء فيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: أعوذ برضاك من سخطك ..... برحمتك أستغيث ... وغيرها كثير ...
فان كانت الاستعاذة والاستعانة بصفاته فمن باب أولى باسمائه ... والله تعالى أعلم
فقلت:
أسماء الله تبارك وتعالى ألفاظ تدل على صفاته التي لا تنفك عن ذاته المقدسة سبحانه وتعالى، وهذه الأسماء مقدسة وبذكرها تحصل البركة وينزل الأمن والطمأنينة، ولكن لا يستعان بهذه الألفاظ فلا يقال: نستعين باسم الله، وإنما يقال: نستعين بالله، أو بالرحمن الرحيم.
أما قوله صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) فالاستعاذة بصفات من صفات، والصفات لا تنفك عن الذات المقدسة تعالى الله علوا كبيرا، والدليل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال: أعوذ بك منك، وهذا مثلما ورد في الحديث الآخر (لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك) فالاستعاذة بالصفة مضافة للذات كالاستعاذة بالذات.
أما ألفاظ الأسماء نفسها فلا يستعاذ بها، فلا يقال مثلا: أعوذ باسم الرحيم، إن كان المقصود: أعوذ بلفظ الرحيم.
ويتضح الأمر لو جئنا لأسماء البشر، فمثلا تقول: أعجبني اسم خالد، أي أعجبني هذا اللفظ (خالد)، ولا تقول: طلبت من اسم خالد مساعدة، لأن الاسم لفظ لا يطلب منه المساعدة، وإنما تقول: طلبت من خالد المساعدة بدون ذكر لفظ (اسم).
أرجو أن يكون الأمر قد صار واضحا.
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 08:04 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله و بركاته
حفظكم الله أستاذنا الكريم و بارك فيكم، حصل عندي إشكال آمل أن تتقبلوه:
ذكرتم رعاكم الله ضعف صحة الاستعانة باسم الله و أجزتم صحة مصاحبة اسم الله و لم يتبين لي الفرق، فكما نصاحب اسم الله نستعين به، و لاستعانة دعاء و ما تحمله المصاحبة من الحفظ و التوفيق يكون في الاستعانة، و كما لا يصح أن نقول أستعنت باسم الله لا يصح أن نقول صاحبت اسم الله.
لعلي أوصلت الإشكال الذي حصل عندي.
تقبل الله منكم صالح أعمالكم و أسكنكم فسيح جناته، و دمتم في حفظ الله و رعايته
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 08:23 م]ـ
مرحبًا شيخنا الكريم وعودًا حميدًا وعيدًا مباركًا.
أستاذي الكريم لتلميذكم الصغير تعليقات على بعض ما أتحفتمونا به:
اولا: أسماء الله أعلام وأوصاف، فمن حيث هو صفة جازت الاستعانة على نحو ما قررتم في قولكم:
فالاستعاذة بالصفة مضافة للذات كالاستعاذة بالذات.
ومن حيث الاسم مأخوذ من السمو والرفعة وهو الراجح من قول البصريين، فبهذا الاختيار دل الاسم على صفة علو فجازت الاستعانة.
ثانيًا: تقدير المتعَلَّق (أبدأ) في كل تسمية يحتاج إعادة نظر، إذ الأولى تقدير ما يناسب البدء، فعند الأكل يقدر: آكل، وعند النوم يقدر: أنام، ويفسِّر هذا قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: " باسمك ربي وضعت جنبي .. " وهكذا.
تقبلوا تحياتي لشخصكم الكريم.
¥