تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلما فَرَغَ من قراءة الكتاب ارتفعتِ الأصواتُ عنده، وكَثُرَ اللَّغَطُ، وأُمِرَبنا فَأُخْرِجْنَا ... ثم أَذِن هِرَقْلُ لعظماء الرُّوم في دَسْكَرَةٍ له بحِمْصَ، ثم أمر بأبوابها فَغُلِّقت، ثم اطَّلعَ فقال: يا مَعْشَرَ الرُّوم، هل لكم في الفلاح والرُّشْد، وأنْ تَثْبُتَ مملكتُكم ([14])، فتُبَايِعُوا هذا النبيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ ([15]) إلى? الأبواب، فوجدوها قد غُلِّقَتْ، فلما رأى? هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وأَيِسَ من الإيمان قال: رُدُّوهم عليَّ، فقال: إنِّي قلتُ مقالتي آنِفًا أختبرُ بها شِدَّتكم على? دينكم، فقد رأيتُ، فسجدوا له ورَضُوا عنه ([16]).

فهذا ملك الروم، وكان من علمائهم أيضًا، عرف وأقرَّ أنَّه نبيٌّ، وأنَّه سيملك ما تحت قدميه، وأحبَّ الدُّخولَ في الإسلام، فدعَا قومَه إليه، فولَّوا عنه معرضين، كأنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرةٌ فَرَّتْ من قَسْوَرَةٍ، فمنعه من الإسلام الخوفُ على? مُلْكِه ورياسته، ومَنَعَ أشْبَاهَ الحمير ما منع الأُممَ قبلَهم.

???

([1]) يريد مصالحته مع أهل مكة سنة الحديبية عشرة أعوام إلى? أن نقضوا عليه فكان سبب غزوة الفتح.

([2]) بُصرى?: بضم أوله وإسكان ثانيه وفتح الراء المهملة: مدينة حَوْران بالشام من أعمال دمشق. «معجم ما استعجم» (1/ 253) «معجم البلدان» (1/ 522).

([3]) دليل على? أن قوم الرجل أعلم به وبما يشينه ويلحق به؛ لقربه منهم.

([4]) قيل: إنما أجلسهم خلفه لئلا يستحيوه بالمواجهة إن كَذبَ، وفيه أن خبر الجماعة أوقع في النفوس من خبر الواحد.

([5]) دليل على? أن الكذب مذموم مهجور في الجاهلية والإسلام.

([6]) لأن ذوي الأحساب أحفظ على? تدنيس أحسابهم بما لا يليق بهم.

([7]) الضعفاء هم أتباع الرسل دون أشرافهم؛ لأن صاحب الرياسة والشرف يأبى? من انحطاطه لغيره وتسويد غيره عليه برياسة، وأنفسهم تأنف من الاتباع، إلا من هداه الله سبحانه لرشده، والضعفاء ليس عليهم معنى? للشيطان من ذلك، فكانوا أقبلَ للاتباع وأطوع للهدى? من أولئك، وأعدم لأسباب الأنفة والحسد في الظهور منهم.

([8]) أصل البشاشة: اللطف بالرجل وتأنيسه، يقال: بش وبشبش، وهذه الرواية أصح من رواية «بشاشة القلوب». قاله القاضي عياض.

([9]) أي مرة لنا ومرة علينا، وأصله أن المُسْتَقِين بالسَّجل يكون لكل واحد منهم سَجل، والسَّجل الدَّلو الملأى? ماءً، ويُجمع على? سجال. «النهاية» (1/ 756 - 757) مادة «سجل».

([10]) لأنها لا تطلب حظ الدنيا الذي لا يبالي طالبه بالغدر، بخلاف من طلب الآخرة.

([11]) أي الذي تُعَظِّمه الروم، ولم يقل له: إلى? ملك الروم، لما تحت هذه الكلمة من المعاني التي لا يستحقها إلا من أوجبها له الإسلام، ولما فيه من التسليم له بالملك لهم، لكنه لم يُخْلِهِ من المَبَرَّة والتكريم بما تقدم من مخاطبته بعظيم الروم تأليفًا وحسن أدب وتليينًا وتأنيسًا على? الإسلام.

([12]) اختلفوا على? أقوال؛ أصحها وأشهرها أنهم الفلاحون والزراعون، ومعناه أن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون بانقيادك، ونبه بهؤلاء على? جميع الرعايا؛ لأنهم الأغلب، ولأنهم الأسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا.

([13]) آل عمران، آية: (64).

([14]) لأنهم إن تمادوا على? الكفر كان سببًا لذهاب ملكهم كما عرف هو ذلك من الأخبار السابقة.

([15]) حاصوا: أي نفروا، وشبههم بالوحوش لأن نفرتها أشد من نفرة البهائم الإنسية، وشبههم بالحمر دون غيرها من الوحوش لِمُناسبةِ الجهل وعدم الفطنة، بل هم أضل.

([16]) رواه البخاري برقم (7) و (2940)، ومسلم برقم (1773)، والتعليقات على? الحديث التي لا إحالة عليها مستفادة من «إكمال المعلم» (6/ 117 - 124) لعياض و «شرح النووي» (12/ 103 - 111)، و «فتح الباري» (1/ 45 - 60).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير