وأحرق ما كانت لنا من مصاحف=وخلطها بالزبل أو بالنجاسة
وكل كتاب كان في أمر ديننا=ففي النار ألقوه بهزء وحقرة
ولم يتركوا فيها كتاباً لمسلم=ولا مصحفاً يخلى به للقراءة
ومن صام أو صلى يعلم حاله=ففي النار يلقوه كل حالة
ومن لم يجئ منا لموضع كفرهم=يعاقبه اللباط شر العقوبة
ويلطم خديه ويأخذ ماله=ويجعله في السجن في سوء حالة
وفي رمضان يفسدون صيامنا= بأكل وشرب مرة بعد مرة
وقد أمرونا أن نسب نبينا=ولا نذكرنه في رخاء وشدة
وقد سمعوا قوماً يغنون باسمه=فأدركهم منهم أليم المضرة
وعاقبهم حكامهم وولاتهم=بضرب وتغريم وسجن وذلة
ومن جاءه الموت ولم يحضر الذي=يذكرهم لم يدفنوه بحيلة
ويترك في زبل طريحاً مجدلاً=كمثل حمار ميت أو بهيمة
إلى غير هذا من أمور كثيرة=قباح وأفعال غزار ردية
وقد بدلت أسماءنا وتحولت=بغير رضا منا وغير إرادة
فآها على تبديل دين محمد=بدين كلاب الروم شر البرية
وآها على أسمائنا حين بُدلت=بأسماء أعلاج من أهل القيادة
وآها على أبنائنا وبناتنا=يروحون للباط في كل غدوة
يعلمهم كفراً وزوراً وفرية=ولا يقدروا أن يمنعوهم بحيلة
وآها على تلك المساجد سورت=مزابل للكفار بعد الطهارة
وآها على تلك الصوامع علقت=نواقيسهم فيها نظير الشهادة
وآها على تلك البلاد وحسنها=لقد أظلمت بالكفر أعظم ظلمة
وصارت لعباد الصليب معاقلاً =وقد أمنوا فيها وقوع الإغارة
وصرنا عبيداً لا أسارى فنفتدي= ولا مسلمين منطقهم بالشهادة
فلو أبصرت عيناك ما صار حالن=إليه لجادت بالدموع الغزيرة
فيا ويلنا يا بؤس ما قد أصابنا=من الضر والبلوى وثوب المذلة
سألناك يا مولاي بالله ربنا=وبالمصطفى المختار خير البرية
عسى تنظروا فينا وفيما أصابنا=لعل إله العرش يأتي برحمة
فقولك مسموع وأمرك نافذ=وما قلت من شيء يكون بسرعة
ودين النصارى أصله تحت حكمكم=ومن ثم يأتيهم إلى كل كورة
فبالله يا مولاي منوا بفضلكم=علينا برأي أو كلام بحجة
فأنتم أولوا الأفضال والمجد والعلا=وغوث عباد الله في كل آفة
فسل بابهم أعني المقيم برومة=بماذا أجازوا الغدر بعد الأمانة
وما لهم مالوا علينا بغدرهم=بغير أذىً منا وغير جريمة
وجنسهم المقلوب في حفظ ديننا=وأحسن ملوك ذي وفاء أجلة
ولم يخرجوا من دينهم وديارهم=ولا نالهم غدر ولا هتك حرمة
ومن يعط عهداً ثم يغدر بعهده=فذاك حرام الفعل في كل ملة
ولاسيما عند الملوك فإنه=قبيح شنيع لا يجوز بوجهة
وقد بلغ المكتوب منكم إليهم=فلم يعلموا منه جميعاً بكلمة
وما زادهم إلا اعتداء وجرأة=علينا وإقداماً بكل مساءة
وقد بلغت إرسال مصر إليهم=وما نالهم غدر ولا هتك حرمة
وقالوا لتلك الرسل عنا بأننا=رضينا بدين الكفر من غير قهرة
وساقوا عقود الزور ممن أطاعهم=ووالله ما نرضى بتلك الشهادة
لقد كذبوا في قولهم وكلامهم=علينا بهذا القول أكبر فرية
ولكن خوف القتل والحرق نرى=نقول كما قالوه من غير نية
ودين رسول ما زال عندنا=وتوحيدنا لله في كل لحظة
و والله ما نرضى بتبديل ديننا=ولا بالذي قالوا من أمر الثلاثة
وإن زعموا أنا رضينا بدينهم=بغير أذى منهم لنا ومساءة
فسل وحرا عن أهلها كيف أصبحوا=أسارى وقتلى تحت ذل ومهنة
وسل بلفيقاً عن قضية أمرها=لقد مزقوا بالسيف من بعد حسرة
وضيافة بالسيف مزق أهلها=كذا فعلوا أيضاً بأهل البشرة
وأندرش بالنار أحرق أهلها=بجامعهم صاروا جميعاً كفحمة
فها نحن يا مولاي نشكو إليكم=فهذا الذي نلناه من شر فرقة
عسى ديننا يبقى لنا وصلاتنا=كما عاهدونا قبل نقض العزيمة
وإلا فيجلونا جميعاً عن أرضهم=بأموالنا للعرب دار الأحبة
فإجلاؤنا خير لنا من مقامنا=على الكفر في عز على غير ملة
فهذا الذي نرجوه من عز جاهكم=ومن عندكم تقضى لنا كل حاجة
ومن عندكم نرجو زوال كروبنا=وما نالنا من سوء حال وذلة
فأنتم بحمد الله خير ملوكنا=وعزتكم تعلو على كل عزة
فنسأل مولانا دوام حياتكم=بملك وعز في سرور ونعمة
وتهدين أوطان ونصر على العدا=وكثرة أجناد ومال وثروة
وثم سلام الله قلته ورحمة=عليكم مدى الأيام في كل ساعة
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[28 - 12 - 2008, 11:06 م]ـ
من كتاب الدولة العثمانية للصلابي.