خذ القناعة من دنياك وارضَ بها
ـ[أبو طارق]ــــــــ[01 - 11 - 2008, 07:55 م]ـ
من القصائد التي لا أمل قراءتها
ليس الغريب غريب الشام واليمن = إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته = على المقيمين في الأوطان والسكن
لا تنهرنَّ غريبا حال غربته = الدهر ينهره بالذل والمحن.
سفري بعيد وزادي لن يبلغني = وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها = الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني = وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمرُّ ساعات أيامي بلا ندم = ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حَزَنِ
أنا الذي أُغلق الأبواب مجتهداً = على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلةً كُتبت في غفلة ذهبت = يا حسرةً بقيت في القلب تُحرقني
دعني أنوح على نفسي وأندبها = وأقطع الدهر بالتذكير والحزَنِ
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني = لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها = فهل عسى عبرةٌ منها تُخلصني
كأنني بين جلِّ الأهل منطرحٌ = على الفراش وأيديهم تُقلبني
وقد تجمَّع حولي مَن ينوح ومن = يبكي عليَّ وينعاني ويندبني
وقد أتوا بطبيب كي يُعالجني = ولم أرَ الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها = من كل عِرقٍ بلا رفق ولا هونِ
واستخرج الروح مني في تغرغرها = وصار ريقي مريرا حين غرغرني
وقام من كان حِبَّ الناس في عجَلٍ = نحو المغسل يأتيني يُغسلني.
وقال يا قوم نبغي غاسلا حذِقا = حرا أديبا عارفا فطِنِ
فجاءني رجلٌ منهم فجرَّدني = من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحا = وصار فوقي خرير الماء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسَّلني = غَسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ
وألبسوني ثيابا لا كِمام لها = وصار زادي حنوطي حين حنَّطني
وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا = على رحيلي بلا زاد يُبلغني
وحمَّلوني على الأكتاف أربعةٌ = من الرجال وخلفي منْ يشيعني
وقدَّموني إلى المحراب وانصرفوا = خلف الإمام فصلى ثم ودعني.
صلوا عليَّ صلاةً لا ركوع لها = ولا سجود لعل الله يرحمني
وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرني = وأسبل الدمع من عينيه أغرقني
فقام مُحترما بالعزم مُشتملا = وصفف اللبْن من فوقي وفارقني
وقال هُلواعليه الترب واغتنموا = حسن الثواب من الرحمن ذي المنن.
في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا = أبٌ شفيق ولا أخٌ يُؤنسني
وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت = من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم = قد هالني أمرهم جدا فأفزعني.
وأقعدوني وجدوا في سؤالهمُ = ما لي سواك إلهي منْ يُخلصني
فامنن عليَّ بعفوٍ منك يا أملي = فإنني موثقٌ بالذنب مرتَهَنِ
تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا = وصار وزري على ظهري فأثقلني
واستبدلت زوجتي بعلا لها بدلي = وحكَّمته على الأموال والسكن
وصيَّرت ولدي عبدا ليخدمها = وصار مالي لهم حلا بلا ثمنِ
فلا تغرنك الدنيا وزينتها = وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها = هل راح منها بغير الحنظ والكفن
خذ القناعة من دنياك وارضَ بها = لو لم يكن لك إلا راحة البدن
يا نفس كفي عن العصيان = واكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني
يانفسُ ويحكِ توبي واعملي حسنا = عسى تُجازين بعد الموت بالحسنِ
ثم الصلاة على المختار سيدنا = ما وضأ البرق في شام وفي يمن
والحمد لله ممسينا ومصبحنا = بالخير والعفو والإحسان والمنن
ـ[سمية ع]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 12:32 م]ـ
بارك الله فيك أيها الفاضل
صحيح قصيدة في قمة الروعة لا يمَلّ سامعها، وفي كل مرة تخرج بحكم حديدة ومعاني فريدة ... رحم الله قائلها
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 03:39 م]ـ
أشكرك أستاذي ...
واريد طرح مسألة حول هذه القصيدة ما رأيكم بنسبتها إلى الإمام زين العابدين بن علي
رضي الله عنهما هل هي له فعلا أم منحولة عليه .. ؟؟
ـ[أبو طارق]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 04:27 م]ـ
سلمكما الله أخويَّ الكريمين
أما عن نسبتها لا أكتمك سرًا فأنا لا أثق بما أقرؤه دون تحقيق
ولعلنا نجد هنا من يفيدنا