تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تحليلي لرمزية ابن الفارض في (زدني بفرط الحب فيك ..]

ـ[قطرالندى]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 08:21 م]ـ

بعد أن قرأت موضوع الرمزية في الشعر، وشاهدت الحوار الذي دار حول بن الفارض، تذكرت أن لي بحيثا مصغرا عن هذا الرجل مع تحليل قصيدة له،فأحببت مشاركتكم إياي في هذه القصيدة التي حللتها وحاولت فك رموزها.

قبل أن أبدأ في طرح القصيدة مع تحليلها أوجه شكرا خاصا لكل من ساعدني في تحليلها سواء كان من السنيين أو الصوفيين أنفسهم، لأنه من الإجحاف أن أنظر إلى مذهب مخالف لي من وجهة نظر مذهب آخر معاديه، لذلك كان لابد من السير في طريقين: سؤال أهل السنة عن أهل الصوفية وسؤال الصوفية أنفسهم عن مذهبهم حتى أتمكن من الفهم السليم قبل الغوص في التحليل.

وأخيرا:

لا أحبذ الخوض في مثل هذه الأمور لمن لايملك أرضا دينية عقائدية صلبة يستند عليها، لأنني والحق أقول أنني تأثرت ولو بالشيء القليل من أفكار الصوفية واقتنعت بها لولا أنني أتجاهل كثيرا منها حتى لا ألبس على نفسي بعض الأمور:).

سأتحاشى الحديث عن المقدمة وعن الرمز في الصوفية بشكل عام إلى أن أفتح مدونة خاصة أنزل فيها أبحاثي بشكل متكامل.

========================

تحليل قصيدة لابن الفارض

زدني بفرط الحب فيك تحيرا = وارحم حشى بلظى هواك تسعرا

وإذا سألتك أن أراك حقيقة = فاسمح، ولا تجعل جوابي لن ترى

ياقلب أنت وعدتني في حبهم= صبرا فحاذر أن تضيق وتضجرا

إن الغرام هو الحياة فمت به = صبا، فحقك أن تموت، وتعذرا

قل للذين تقدموا قبلي، ومن = بعدي، ومن أضحى لأشجاني يرى

عني خذوا وبي اقتدوا ولي اسمعوا= وتحدثوا بصبابتي بين الورى

ولقد خلوت مع الحبيب وبيننا = سر أرق من النسيم إذا سرى

وأباح طرفي نظرة أملتها = فغدوت معروفا وكنت منكرا

فدهشت بين جماله وجلاله = وغدا لسان الحال عني مخبرا

فأدر لحاظك في محاسن وجهه= تلقى جميع الحسن فيه مصورا

لو أن كل الحسن يكمل صورة= ورآه كان مهللا ومكبرا

ـ[قطرالندى]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 08:26 م]ـ

هذه قصيدة غزلية لابن الفارض الملقب بـ (سلطان العاشقين) يخيل إلى قارئها أنها تخاطب إنسانا حقيقيا لا إلها خالقا، فمن يقرأها من أول مرة دون أن يطلع على حياة الشاعر وتفكيره ومذهبه الذي يعتنقه لظن أن ابن الفارض يتغزل في أحد محبوباته، ولكنه في هذه القصيدة يخاطب الله تعالى كأحد الأشخاص المقربين إلى قلبه طالبا منه التجلي إليه لرؤيته والتمتع بروعة حسنه وجماله، ففي هذه الأبيات يصور الشاعر الحب الإلهي وما يصحبه من حيرة ودهش وانبهار ونزوع إلى الموت.

زدني بفرط الحب فيك تحيرا **وارحم حشى بلظى هواك تسعرا

قبل الكلام عن معنى القصيدة يجب علينا معرفة حال أو المقام الذي كان به ابن الفارض عندما قال تلك الأبيات، هناك مقام أو حال يصل إليه الصوفي قبل الوصول إلى الحقيقة التامة، وهو التردد بين الجمع والفرق فتارة يكون بالجمع وتارة بالفرق؛ ففي هذا المقام وأعني التردد يكون الصوفي في اضطراب نفسي لا يعلم الحقيقة فتارة يرى الجمع أي الوجود واحد (وحدة الوجود)، وتارة يرى الفرق وهو الموجودات (أي أن هناك خالق ومخلوق كل منهما منفصل عن الآخر)، ففي هذه الحال يرى وجود واحد مستقل، وموجودات فهو متردد هل هو وجود واحد أم وجودين، وفي هذا المقام غالبا ما تكون عبارتهم يفهم منها الاتحاد، لأنهم يظنون أنهم اتحدوا بالله ثم زال الاتحاد لترددهم بين الحالين، والذي يظهر لي أن ابن الفارض كان في هذه المرتبة عندما قال هذه الأبيات بدليل أنه بدأ بجملة فعلية تدل على التكرار والتجدد.قال ابن الفارض: ((زدني بفرط الحب فيك تحيرا)) وهذا يعني أن ابن الفارض محتار لا يعلم هل هناك وجود واحد أم وجودين؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير