تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[زيد الخير]

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[23 - 11 - 2008, 11:19 م]ـ

زيد بن مهلل الطائي أبو مُكْنف عاش في الجاهلية وطبق ذكره آفاقها وعرف بزيد الخيل جمع الصفات السيادية لعصر الجاهلية فهو فارس لا يشق له غبار ومقدام لا يثبت في وجهه الأبطال وجواد يهب وينهب سرى صيته في العرب فكان علما من أعلام الجاهلية وسمته العرب زيد الخيل فقد كان صاحب خيل عتاق مشهورة يؤدي إليها حقها ويأخذ منها حقه يقول زيد الخيل:

يا بني الصيداء ردوا فرسي=إنما يفعل هذا بالذليل

عودا مهري كما عودته=دلج الليل وإيطاء القتيل

وقد كان شاعرا وسيدا ممدحا قال فيه الحطيئة خوفا لا طمعا:

وقعتَ بعبسٍ ثمّ أنعمتَ فيهمُ=ومِنْ آلِ بَكْرٍ قَدْ أَصَبْتَ الأَكَابِرا

فَإنْ يَشْكُرُوا فالشُّكْرُ أَدْنَى إلى التُّقَى=وإن يكفروا لا أُلِّفَ يا زيدُ كافرا

تركتَ المياهَ من تميمٍ بلاقعا=بما قد ترى منهمُ حلولاً كراكرا

وحيَّ سليمٍ قد أبحتَ شريدهمْ=ومنْ قبلُ ما قتلتَ بالأمس عامرا

فأجاب زيد الحطيئة:

أقول لعبدي جرول ملكته= أثبني ولا يغررك أنك شاعر

أنا الفارس الحامى حقيقة مذحج=لها المكرمات واللُّهى والأكابر

وقومي رؤوس الناس والرأس قائد= إذا الحرب شبتها الرجال المساعر

فلست إذا ما الموت رنّق ظله= وأنزع حوضاه ورنق ناظر

توافقني أخشى الحروب محاذرا= يباعدني عنها من القبّ ضامر

ولكنني أغشى يصعدني الوغى= مجاهرة إن الكريم مجاهر

أروى سناني من دماءٍ غزيرة=على أهلها إذ ليس ترعى الأناضر

فكان من أبطال العرب وفرسانهم قوي الجانب عزيز المنزل ممتنع من الأعداء يقتل ويأسر ويغنم ويجز نواصي الكبار ويمن عليهم بالإطلاق وحين شع نور الإسلام من الحجاز وسطع على الجزيرة العربية وبلغ مبلغا عظيما وجاست رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال الديار وتداعت وفود القبائل العربية إلى المدينة المنورة تضع أيديها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعة طائعة وبلغ ذلك زيد الخيل فآن للفارس المغوار الثائر أن يخشع قلبه لله فأقبل في وفد قومه وهو رئيسهم حتى دخل بهم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما طائعا هاجرا أمسه القريب فيرحب النبي صلى الله عليه وسلم بمقدمه ويكرمه ويعجب به ويأخذه إلى بيته ويطرح إليه الوسادة فيردها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيردها إليه وقد سرت فيه الروح الإيمانية المطمئنة بدل القسوة الجاهلية الموحشة وسماه النبي صلى الله عليه وسلم زيد الخير.

واستأذن زيد الخير رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمضي وقد امتلأ قلبه إيمانا ويقينا فيودعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول " ما ذكر لي أحد ثم رأيته إلا كان دون ما وصف لي إلا زيد فإنه لم يبلغ ما فيه "

وخرج من المدينة وهي موبوءة بالحمى فقال صلى الله عليه وسلم

" إن ينج زيد من حمى المدينة "

لكن الحمى لم تدع زيدا فوعكته وفي الطريق قال لقومه بنفس المؤمن المخلص الذي تذوق طعم الإيمان وكره الظلم والعدوان:

جنبوني بلاد قيس فقد كانت بيننا وبينهم حماقات من حماقات الجاهلية ولا والله لا أقاتل مسلما حتى ألقى الله عز وجل وأخذوا طريقا بعيدة اتقاء أن يفتنوا في دينهم ويخالفوا ما عاهدوا الله عليه.

سبحان الله ما أشد البين بين أمسه ويومه، وما أعظم تأثره بدينه وإسلامه.

وطالت الطريق على زيد وعلى مشارف بلاد قومه في مكان يقال له فردة ثقل عليه الوجع فنز لوا وأحس أبو مكنف بالموت فقال:

أمرتحل قومي المشارق غدوة=وأترك في بيت بفردة منجد

ألا رب يوم لو مرضت لعادني=عوائد من لم يبر منهن يجهد

فليت اللواتي عُدنني لم يعدنني=وليت اللواتي غبن عني عُوَّدي

وقضى الله عليه الموت ووفت نفسه أجلها وأسلم الروح إلى بارئها مسلما طاهرا ودفن في فردة رضي الله عنه في هذا البيت تحت هذه الأحجار.

http://www.up.6y6y.com/uploads/5d6ba3c04c.jpg

ـ[منصور مهران]ــــــــ[26 - 11 - 2008, 01:51 م]ـ

ما إن قرأت هذه العُجالة حتى تذكرت كتيبا صغيرا عن زيد الخير، بقلم الأديب الرائع عبد العزيز الرفاعي - رحمه الله -

فجزاك الله خيرًا يا أخانا زين الشباب فقد ذكّرتني بزيد الخير، وبكتابٍ عنه، وبكاتبٍ صديق.

ـ[أنوار]ــــــــ[26 - 11 - 2008, 04:41 م]ـ

جزاكم الله خيراً أخي الكريم ....

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير