قصيدة الحُصري القيرواني (يا ليل الصب متى غده).
ـ[النابغة الحضرمي]ــــــــ[01 - 12 - 2008, 03:32 م]ـ
ذاعت شهرة هذه القصيدة و انتشرت في مجالس الأدب و الغناء وتناقلتها الأجيال. وجاراها كثير من الشعراء .. كيف لا و هذه القصيدة هي أروع ما قاله الحصري القيرواني الشاعر الذي يُعد من أبرز شعراء العصر العباسي الثاني.
تناول الشاعر في قصيدته مايدور على لسان المحبين , أشواقهم و نجاواهم وأحاديثهم .. وتحدث عن طول الليل وخمر الرضاب و حمرة الخد و سيف المُقل و استعطاف المحبوب بأسلوبٍ رقيقٍ و خيالٍ خصبٍ فذ:
يا ليلَ الصَّبِّ متى غَدُهُ
.... أقِيامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ
رَقَدَ السُّمَّارُ فَأَرَّقَهُ
.... أَسَفٌ للبَيْنِ يُرَدِّدُهُ
فَبَكاهُ النَّجْمُ ورَقَّ لهُ
.... مِمَّا يَرْعاهُ ويَرصُدُهُ
كَلِفٌ بِغَزالٍ ذي هَيَفٍ
.... خَوْفُ الواشِينَ يُشَرِّدُهُ
نَصَبَتْ عَينايَ لهُ شَرَكاً
.... في النَّومِ فَعَزَّ تَصَيُّدُهُ
وكَفى عَجَباً أنّي قَنَِصٌ
.... للسِّرْبِ سَبَاني أَغْيَدُهُ
صَنَمٌ للفِتْنَةِ مُنْتَصِبٌ
.... أَهْواهُ ولا أَتَعَبَّدُهُ
صاحٍ، والخَمْرُ جَنى فَمِهِ
.... سَكْرانُ اللَّحْظِ مُعَرْبِدُهُ
يَنْضو مِن مُقْلَتِهِ سَيْفاً
.... وكَأنَّ نُعاساً يُغْمِدُهُ
فَيُريقُ دَمَ العُشَّاقِ بهِ
.... والوَيْلُ لمَنْ يَتَقَلَّدُهُ
كَلاّ، لا ذَنْبَ لمَنْ قَتَلَتْ
.... عَيْناهُ ولم تَقْتُلْ يَدُهُ
يا مَنْ جَحَدَتْ عَيْناهُ دَمي
.... وعلى خَدَّيْهِ تَوَرُّدُهُ
خَدّاكَ قدِ اعْتَرَفا بِدَمي
.... فَعَلامَ جُفونُكَ تَجْحَدُهُ
إنّي لأُعيذُكَ مِن قَتْلي
.... وأَظُنُّكَ لا تَتَعَمَّدُهُ
باللهِ هَبِ المُشْتاقَ كَرَىً
.... فَلَعَلَّ خَيالَكَ يُسْعِدُهُ
ما ضَرَّكَ لو داوَيْتَ ضَنى
.... صَبٍّ يَهْواكَ وتُبْعِدُهُ
لم يُبْقِ هواكَ لهُ رَمَقاً
.... فَلْيَبْكِ عليهِ عُوَّدُهُ
وغَداً يَقْضي أو بَعْدَ غَدٍ
.... هلْ مِن نَظَرٍ يَتَزَوَّدُهُ
يا أَهْلَ الشَّوْقِ لنا شَرَقٌ
.... بالدّمعِ يَفيضُ مُوَرَّدُهُ
يَهْوى المُشْتاقُ لِقاءَكُمُ
.... وصُروفُ الدّهْرِ تُبَعِّدُهُ
ما أَحْلى الوَصْلَ وأَعْذَبَهُ
.... لولا الأيّامُ تُنَكِّدُهُ
بالبَيْنِ وبالهُجْرانِ، فيا
.... لِفُؤادي كيفَ تَجَُلّدُهُ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[01 - 12 - 2008, 03:45 م]ـ
.
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه = أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه = أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له = ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ = خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً = في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ = للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ للفتنةٍ منتصبٌ = أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
صاحٍ والخمرُ جَنَى فمِهِ = سكرانُ اللحظ مُعرْبدُهُ
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً = وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به = والويلُ لمن يتقلّدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ = عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
يا من جَحَدتْ عيناه دمِي = وعلى خدَّيْه توَرُّدهُ
خدّاكَ قد اِعْتَرَفا بدمِي = فعلامَ جفونُك تجْحَدهُ
إنّي لأُعيذُكَ من قَتْلِي = وأظُنُّك لا تَتَعمَّدهُ
باللّه هَبِ المشتاق كَرَى = فلعَلَّ خيالَكَ يِسْعِدهُ
ما ضَرَّك لو داوَيْتَ ضَنَى = صَبٍّ يُدْنيكَ وتُبْعِدهُ
لم يُبْقِ هواك له رَمَقا = فلْيَبْكِ عليه عُوَّدُهُ
وغداً يَقْضِي أو بَعْدَ غَدٍ = هل مِنْ نَظَرٍ يتَزَوَّدهُ
يا أهْلَ الشوقِ لنا شَرَقٌ = بالدّمعِ يَفيضُ مَوْرِدُهُ
يهْوى المُشْتاقُ لقاءَكُمُ = وظروفُ الدَّهْرِ تُبَعِّدهُ
ما أحلى الوَصْلَ وأَعْذَبهُ = لولا الأيّامُ تُنَكِّدهُ
بالبَينِ وبالهجرانِ فيا = لِفُؤَادِي كيف تَجَلُّدهُ
الحُبُّ أعَفُّ ذَويهِ أنا = غيرِي بالباطِلِ يُفْسِدهُ
كالدَّهْر أَجلُّ بَنِيهِ أبو = عَبْدِ الرَّحْمنِ مُحَمَّدهُ
العفُّ الطاهِرُ مِئْزرُهُ = والحرُّ الطَّيَّبُ مَوْلِدُهُ
شفَعَتْ في الأَصْلِ وزارَتُه = وزكا فتفَوَّقَ سُؤْددُهُ
كَسَبَ الشَّرَفَ السامِي فغدا = فوْقَ الجوزاءِ يُشَيِّدُهُ
وكفاه غلامٌ أَوْرَثَهُ = إِسْحَاق المَجْدِ وأَحْمَدهُ
ما زالَ يجولُ مَدىً فَمَدىً = ويحلُّ الأَمْرَ وَيَعْقِدهُ
¥