تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ليل حُرّة .. !}

] [من روائع الحطئية] [

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[19 - 12 - 2008, 01:18 م]ـ

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

ولست أرى السعادة كنز مالٍ = ولكنّ التقيّ هو السعيدُ

وتقوى الله خير الزاد ذخراً = وعند الله للأتقى مزيدُ

وما لابد أن يأتي قريبٌ = ولكنّ الذي يمضي بعيدُ

جرول بن أوس العبسي

الملقّب بالحطيئة

شاعرٌ غني عن تعريفنا إياه

فهو على طرف كل لسان متذوّق للأدب عامّة

والشعر خاصّةً

وإن لم تكن مكانته في أطراف الشعراء

من يقرأ لهذا الشاعر بعمق

بعد أن يجتاز أودية مفرداته

وفيافي ألفاظه

بما فيها من وحش وسباع وهام

ينتهي إلى ساحل ذا جرف

تقصف صخوره أمواج بحر أطلس زاخر

كان الحطيئة كما لا يخفى عنه هذا

من عبيد الشعر

وعبيد الشعر من كانوا يتعاهدون أشعارهم

بالتنقيح والتشذيب والتثقيف

حتى تُعرض للأفهام كما يليق بقرائح أصحابها

ومن هؤلاء زهير بن أبي سُلمى والحطيئة والأخطل التغلبي

لذا تجد لشعره هندسة بارعة

لا تجدها في شعر غيره!

إلى جانب نَفَسِه الشاعريّ العميق

المبثوث في كل مفردة من مفردات شعره

وهذه ميزة شعراء البادية الفحول

وإنك لتجد الشاعر منهم

- و لا زال هذا في عصرنا وإن انتكست فطر فصاحتهم -

لربما هدر بالبيت كان له كمالاً

لو قالها غيره لعدّت عليه نقصاً .. !

وما هذا إلا لبصيرتهم المتقدة بسراج قرائحهم

وثقتك بما يقولون ..

والحطيئة أستاذ لهذا الفنّ الغريزي المنقوح

لا نطيل

إليكم بهذه الرائعة له

أقدمها ثم أعود لكم بقراءتها بإذن الله

آثرتُ إدلاجي على ليل حرَّة ٍ= هَضِيمِ الحَشَى حُسَّانَة ِ المُتَجَرَّدِ

إذا النومُ أَلْهَاها عن الزَّادِ خِلْتَهَا= بُعَيْدَ الكرى باتت على طَيِّ مُجْسَدِ

إذا ارتفقت فوق الفراش حسبتها =تخاف انبتات الخصر ما لم تشدِّد

و تُضْحِي غَضِيضَ الطَّرْفِ دُونِي كأنَّما= تَضَمَّنَ عَيْنَيْهَا قَذًى غَيْرُ مُفْسِدِ

لها طيبُ ريّا إنْ نأتني وإن دنت =دنت عبلة ً فوق الفراش الممهَّدِ

خميصة ما تحت النِّطاق كأنَّها =عَسِيبٌ نَمَا في ناضِرٍ لم يُخَضَّدِ

تُفَرِّقُ بالمِدْرَى أَثِيثاً كأنه =على واضح الذِّفْرَى أَسِيلِ المُقَلَّدِ

تضوَّعُ ريَّاها إذا جئت طارقاً= كَرِيحِ الخُزامَى في نبات الخَلَى النَّدِي

ولمَّا رأت من في الرِّحال تعرَّضت= حياءً وصدَّت تتقي القوم باليد

وفي كلِّ ممسى ليلة ٍ أو معرَّسٍ= خيالٌ يوافي الرَّكب من أمِّ معبدِ

فَحَيَّاكِ ودٌّ ما هَدَاكِ لِفِتْيَة ٍ =و خُوصٍ بأَعْلَى ذي طُوَالَة َ هُجَّدِ

!!

يا لك من أعرابي جلف

أعلى مثل هذه الحرة الهيدكور

آثرت إدلاجك .. ؟

وأنَّى اهتدت والدّوُّ بيني وبينها= وما كان ساري الدّوِّ بالليلِ يهتدي

تسدّيتنا من بعد ما نام ظالعُ =الكلاب وأخبى نارهُ كلُّ موقد

بأرْضٍ تَرَى شَخْصَ الحُبَارَى كأنَّهُ =بها راكبٌ عالٍ على ظهر قردد

و أدْماءَ حُرْجُوجٍ تَعَالَلْتُ مَوْهِناً =بِسَوْطِيَ فارْمَدَّتْ نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ

إذا بركت أوفت على ثفناتها= على قَصَبٍ مِثْلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ

كأن هويَّ الرّيح بين فروجها= تَجَاوُبُ أَظْآرٍ على رُبْع رَدِي

وإن حطَّ عنها الرّحل قارب خطوها= أمينُ القوى كالدُّملج المتعضّد

ترامى يداها بالحصى خلف رجلها= و تَرْمِي به الرِّجْلانِ دَابِرَة َ اليَدِ

تلاعب أثناء الزّمام وتتقي =مخافة ملويٍّ من القدِّ محصد

تَرَى بَيْنَ لَحْيَيْهَا إذا ما تَزَغَّمَتْ= لغاماً كبيت العنكبوت الممدّد

وتشرب بالقعب الصغير وإن تقدْ =بِمِشْفَرِهَا يَوْماً إلى الرَّحْلِ تَنْقَدِ

تُرَاقِبُ عَيْنَاهَا إذا تَلَعَ الضُّحى= ذباباً كصوتِ الشّارب المتغرّدِ

وكادت على الأطواءِ أطواءِ ضارجٍ= تُسَاقِطُنِي والرَّحْلَ مِنْ صَوْتِ هُدْهُدِ

و إنْ آنَسَتْ وقْعَاً من السَّوْطِ عارضَتْ= بِيَ الجَوْرَ حتى تستقيمَ ضُحى الغد

و تُضْحِي الجبالُ الغُبْرُ دُوني كأنَّها= مِنَ الآلِ حُفَّتْ بالمُلاَءِ المُعَضَّدِ

ويمسي الغراب الأعورُ العينَ واقعاً =مع الذِّئب يعتسَّان ناري ومفأدي

..

أتعلمون

كلما قرأت وصف هذه الناقة

راودني شعور مشجي

تمنيت لو كنت رديفه في هذه الرحلة المرهبة ..

ولعمري لقد أبدع في وصف الناقة إبداعه في وصف حرته التي آثر عليها .. !

وهذا مما يدل على علوّ باعه في الوصف ..

فما زالت الوجناء تجري ضفورها =إلَيْكَ ابنَ شَمَّاسٍ تَرُوحِ وتَغْتَدِي

نزورُ امرأًً يوتي على الحمد مالهُ= و مَنْ يُعْط أثْمانَ المَحَامِدِ يُحْمَدِ

يرى البخل لا يبقي على المرءِ ماله= ويعلمُ أنَّ الشحَّ غيرُ مخلدِ

كسوب ومتلافٌ إذا ما سألتهُ= تهللَّ واهتزَّ اهتزاز المهنَّدِ

تَزُورُ امرأً إنْ يُعْطِكَ اليومَ نَائِلاً= بِكَفَّيْهِ لا يَمْنَعْكَ من نائلِ الغَد

هو الواهبُ الكُومَ الصَّفايا لجارِهِ =تروِّحها العبدانُ في عازبٍ ندي

هذا ..

وإلى عازب العودة النديّ

أترككم في حفظ الرحمن ..

والسلام عليكم أجمعين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير