[المعنى واحد والشعراء كثر]
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 03:08 م]ـ
كثير مايواجهنا أثناء مطالعتنا لدواوين الشعر أو كتب الأدب، الكثير من الأبيات بل القصائد تدور على نفس المعنى وهذا مايسمى عند أهل الصنعة بالسرقات الشعرية. وهي ظاهرة مألوفة منذ بداية النظم وحتى يومنا هذا ويعدها غالبية أهل النقد مصدر ثراء وإثراء للشعر في تاريخنا الأدبي،وسنتعرض لمثل هذه السرقات اللطيفة وسنرى أنه أحياناً يتفوق المقلد على صاحب النص الأصلي ..
ومن هذه الأبيات كبداية تستوقفنا منها لأبي الوأواء الدمشقي ويعقبها تسلسل للعديد من الشعراء من نظم على منوالها ثم ينتهي بنا الطواف إلى صاحب الفكرة الأصلي فلننظر معاً:
بالله ربكما عوجا على سكني=وعاتباه لعل العتب يعطفه
وعرضا بي وقولا في حديثكما=ما بال عبدك بالهجران تتلفه
فإن تبسم قولا في ملاطفة=ما ضر لو بوصال منك تسعفه
وأن بدا لكما في وجهه غضب=فغالطاه وقولا ليس نعرفه
أخذه القايل فنظمه دوبيت:
باللطف إذا لقيت من اهواه=عاتبه وقل له الذي القاه
أن أغضبه الوصال غالطه به=أو رق فقل عبدك لا تنساه
وقال الآخر:
ألا يا نسيم الريح بلغ رسالتي=سليمي وعرض بي كأنك مازح
فإن اعرضت عني فموه مغالطاً=بغيري وقل ناحت بذاك النوايح
وقال الآخر حلاوى:
بحرمة العهد أن جزت النقايا سعد=وابصرت ذات المحيا والأثيث الجعد
عرض بذكرى وغالطها وقل يا دعد=إذ لم تجودي بوصلك فاسمحي بالوعد
وقال الصفدي صاحب كتاب "الوافي في الوفيات" والذي نقلت عنه الأبيات:
ويا رسولي إليهم صف لهم أرقي=وأن طرفي لضيف الطيف مرتقب
واسأل مواهبهم للعين بعض كرى=عساي أن يهبوا لي بعض ما نهبوا
ولطف القول لا تسأم مراجعة=واشك الهوى والنوى قد ينجح الطلب
عرض بذكرى فإن قالوا أتعرفه=فاسأل لي الوصل وانكرني إذا غضبوا
والأصل في هذا كله قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
فأتتها طبة عالمة=تمزج الجد مراراً باللعب
تغلظ القول إذا لانت لها=وتراخي عند سورات الغضب
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 03:42 م]ـ
جميل ما وضعته يا أستاذ أحمد ...
فشكرا لك
ومن هذا أيضا
يقول ابن أبي حصينة:
ما كُنتُ أَعلَمُ وَهوَ يُودَعُ في الثَرى = أَنَّ الثَرى فِيهِ الكَواكِبُ تُودَعُ
جَبَلٌ ظَنَنتُ وَقَد تَزَعزَعَ رُكنُهُ = أَنَّ الجِبالَ الراسِياتِ تُزَعزَعُ
وَعَجِبتُ أَن تَسَعَ المَعَرَّةُ قَبرَهُ = وَيَضِيقُ بَطنُ الأَرضِ عَنهُ الأَوسَعُ
ويقول ابن الدهان:
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى = أَنَّ المَكارِمَ في التُرابِ تُغَيَّبُ
وهذا لسان الدين بن الخطيب:
ما كُنْتُ أحسَبُ قبْلَ دَفْنِكَ في الثّرَى = أنّ اللّحودَ خَزائِنُ الأعْلاقِ
يا كوْكَبَ الهُدَى الذي منْ بعْدِه = ركَدَ الظّلامُ بهذِهِ الآفاقِ
ويقول صفي الدين الحلي يرثي غريقا له:
ما كُنتُ أَعلَمُ قَبلَ مَوتِكَ موقِناً = أَنَّ البُدورَ غُروبُها في الماءِ
وَلَقَد عَجِبتُ وَقَد هَوَيتَ بِلُجَّةٍ = فَجَرى عَلى رُسلٍ بِغَيرِ حَياءِ
ويقول علي درويش:
ما كنت أعلم قبل مرقد شخصه = أن الرموس مغاربٌ لشموس
قد مات نور العارفين وطالما = أحيا الدجى وثباً بغير جلوس
وهذا منجك باشا يقول:
ما كُنت أَحسَب قَبل دفنك في الثَرى = إِن اللحود مَنازل الأَقمار
ووجدت أقدم من أورد هذا المعنى هو أبو الطيب المتنبي رحمه الله حيث قال:
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى = أَنَّ الكَواكِبَ في التُرابِ تَغورُ
ما كُنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أَن أَرى = رَضوى عَلى أَيدي الرِجالِ تَسيرُ
خَرَجوا بِهِ وَلِكُلِّ باكٍ خَلفَهُ = صَعَقاتُ موسى يَومَ دُكَّ الطورُ
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 11:15 م]ـ
رائع كما أنت أخينا أحمد الغنام، و أتمنى تفعيل هذه الجزئية
(وسنرى أنه أحياناً يتفوق المقلد على صاحب النص الأصلي .. )
أيهم؟ و لماذا؟
دمتم في صحة و عافية.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 11:48 م]ـ
قد تجد لشاعر عذرا وقد يقارب المعنى أو الطريقة لكن مثل الكميت لا تستطيع إلا أن تقول سرق سرق.
أخذ قول امرئ القيس بن عابس الكندي:
قف بالديار وقوف حابسْ=وتأيّ إنّك غير آيسْ
ماذا عليك من الوقو=ف بهامد الطللين دارسْ
لعبت بهن العاصفا=ت الرائحات من الروامسْ
¥