ومطاعمَهُ، فإنْ درّت عليهمْ عظموهُ وبجّلوهُ، وفوق َ الجوزاء ِ رفعوهُ، وإنْ أجدبتْ أرضُهُ وأمسكَ سحابُهُ، لم ْ يُطْرق ْ بابُهُ،
كما أنّ بعضَ الاصدقاء ِ خيرٌ من الامّهات ِ والآباء ِ، فقال َ بعضُ صُحبتنا ممن أنكرتُ شكلَهُ، ولم أنكر ْ صوتَهُ وقولَهُ: صدقْتَ، ردّدها بصوت ٍ شجيّ ٍ، يعبّرُ عن قلب ٍ بالهموم ِ ملي ّ ٍ، إنّ الصديق َ الصدوق َ، أعزّ من بيض ِ النُوق ِِ، وإنْ وجدَ الصديق ُ المخلص ُ فاعلمْ، أنهُ خيرٌ من الأب ِ والأم ّ، وأذكرُ ذاتَ مرّة ٍ، وفي الذكرى عبرة ٌ، جنى الدهر ُ علي ّ وجارا، وألجأني الى خمسينَ دينارا، وليس للخمسين َ ديناراً قيمة ً، فلا تفكّ أسيراً أو تقيّدُ بهيمة ً، ولكن بي اليها حاجة ٌ عظيمة ٌ، اذ ْ كانَ جيبي خاوياً على عرشه ِ، وكادَ طفلي أن ْ يُحمل َ على نعشِه ِ، من كثرة ِ البكاء ِ والشكوى، يريدُ النقود َ ليشتري الحلوى، وكان َ في المجلس ِ الذي ضمّنا أهلونا وبنو قرابتنا، فتصامّ َ بعض ٌ وتخارس َ الآخر ُ، واحمر ّ بعض ٌ وبعض ٌ تصافرَ:
خالي أصم ّ وأعمامي لقدْ خرسوا * لمّا سألْتُهمُ خمسينَ دينارا
وعمّتي فمُها جف ّ اللعاب ُ به ِ * وجدّتي عقلُها من غيظها طارا
وراحَ جدّي مديراً طرفَ سِبْحتهِ * فقد دهاهُ عظيم ٌ فيه ِ قد حارا
وخالتي رَعَشتْ كالسعف ِ منتفضاً * وذاقت ِ الموت َ تكراراً وتكرارا
رمقتُ أمّي بعيني وهْي َ مطرقة ٌ * وعمرُها ناهزَ الستينَ أو جارى
تحسّرتْ وانبرتْ بالغيظ ِ قائلة ً * قد كان َ مهري َ أرباعاً وأعشارا
فقال َ لي والدي: أغضبتَ أمّكَ يا ... . * فلمْ أكلّمْهُ إجلالاً واكبارا
ولم ْ يكن شاتمي حبّاً بوالدتي * لكنّه ُ قد خشى أنْ دورُهُ دارا
وقال َطفلي ودمعُ العين ِ منحدرٌ: * أبي ألمْ تجلب ِ الخمسينَ دينارا
فقلتُ: لبيكَ يا طفلي سأجلبُها * أو لا تسيلُ دماء ُ القوم ِ أنهارا
حتّى اذا صاحبي وافى فقلتُ له ُ: * أهلاً بمن أفتديه ِ الأهل َ والجارا
واستقبلته ُ ورحبتُ به ٍ أسنى وأبهى ترحيب ٍ، وفدّيتهُ بكل ّ قريب ِ وغريب ٍ، وأجلستهُ مجلسَ الحبيب ِ من الحبيب ِ، فأعادَ جيبي مفغوراً فاهُ، وأسكتَ طفلي وأرضاه ُ، فقلتُ مخاطباً إياه وقاصداً غيرَهُ: من لم ْ ينفعْكَ في السهل ِ اليسير ِ، فلا ترتجي نفعَهُ في الفادح ِ الكبير ِ، ومن لم ْ يَجُدْ عليكَ بالنقود ِ، فبنفسِه ِ لنْ يجودَ، فلله ِ درّكَ من صاحب ٍ، افديه ِ بالأهل ِ والاقارب ِ.
قالَ عبداللهُ بن آدمَ:ولمّا انفض َ بنا المجلس ُ تبعتُ الرجلَ المُتكلّم َ، وقد زادتني به ِ مشيتُهُ زيادة َ علْم ٍ، فارتأيتُ أنْ أناديه ِ باسمه ِ، فإن ْ ردّ جوابي، فهوَ الاديب ُ الكبيرُ أبو علي ّ ٍ الترابي، فناديتهُ بصوت ٍ جَهْوَريْ، فوقفَ ورَجِعَ القَهْقريْ، فلمّا وصلتُ اليه ِ ضحكَ بفتور ٍ، فقلتُ لهُ على الفور ِ: لن يختبئ َ الجحفلُ اللجب ِ، في جُحْر ِ ضبّ ٍ خرب ٍ.
الثلاثاء
14/ 8/ 2001 م
ـ[صابر ربحي راشد ابو سنينة]ــــــــ[10 - 09 - 2006, 01:59 م]ـ
لافض فوك استاذي الفاضل
منذ زمن لم اقرأ المقامة
ـ[شاكر الغزي]ــــــــ[12 - 09 - 2006, 10:18 م]ـ
الاخ صابر ابو سنينة:
خللت اهلاً ونزلت سهلاً
وحياك الله وبياك ومن الكوثر سقاك
ـ[صابر ربحي راشد ابو سنينة]ــــــــ[13 - 09 - 2006, 09:52 م]ـ
آمين .. ومعي تكون ان شاء الله0