الْبَاشِقُ وَالْعُصْفُور (قَصَائِدُ مُخْتَارَةٌ وَأَشْعَار)
ـ[ياسر الحمداني]ــــــــ[11 - 09 - 2006, 11:28 م]ـ
الْبَاشِقُ وَالْعُصْفُور
إِذَا مَا بحَثْتَ بِهَذَا الْوُجُودْ * عَنِ الشَّرِّ كَانَ بِفِعْلِ الْيَهُودْ
خِدَاعٌ وَمَطْلٌ وَقَتْلٌ وَبَطْشٌ * وَغِشٌّ وَغَدْرٌ بِكُلِّ الْعُهُودْ
وَمَا سَفْكُهُمْ لِلدِّمَاءِ غَرِيبًا * فَكَمْ قَتَلَ الأَنْبِيَاءَ الجُدُودْ
وَشَعْبُ فِلَسْطِينَ خَيْرُ دَلِيلٍ * عَلَى كُلِّ قَهْرٍ يَفُوقُ الحُدُودْ
تَحَمَّلَ أَبْنَاؤُهُ في السُّجُونِ * عَذَابًا لَهُ تَقْشَعِرُّ الجُلُودْ
وَلَمَّا يَزَلْ صَامِدًا وَاثِقًا * بِتَحْرِيرِهِ الْقُدْسَ بَعْدَ الصُّمُودْ
فَيَا شَعْبُ وَاصِلْ وَقَاتِلْ وَجَاهِدْ * فَحَتْمًا سَتُؤْتي الثِّمَارَ الجُهُودْ
فَلَمْ يَبْخَلِ اللَّهُ بِالنَّصْرِ يَوْمًا * عَلَى أُمَّةٍ بِالدِّمَاءِ تَجُودْ
وَحَتْمًا سَتَرْحَلُ عَن أَرْضِنَا * خَفَافِيشُهُمْ وَتَسُودُ الأُسُودْ
وَيَخْرُجُ مَهْدِيُّنَا عَنْ قَرِيبٍ * وَلِلدِّينِ عِزَّتُهُ سَتَعُودْ
{أَشْعَار / يَاسِرٌ الحَمَدَاني}
فَصَبرٌ جَمِيل؛ هَذِهِ سُنَّةُ اللهِ في الكَوْن: فَلَيْسَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الحَجَرِ إِلاَّ السُّقُوط، وَلَيْسَ بَعْدَ الإِقْلاعِ إِلاَّ الهُبُوط، وَلَيْسَ بَعْدَ اكْتِمَالِ البَدْرِ إِلاَّ الهِلال؛ وَلِذَا فَطِنَ إِلى هَذِهِ الفِكْرَةِ هَذَا الشَّاعِرُ فَقَال:
وَإِذَا غَلا شَيْءٌ عَلَيَّ تَرَكْتُهُ * فَيَكُونُ أَرْخَصَ مَا يَكُونُ إِذَا غَلا
{محْمُود الوَرَّاق}
وَفي الذِّكْرِ الحَكِيم: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفَاً وَشَيْبَةً يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَلِيمُ القَدِير} {الرُّوم/54}
أَلَمْ يَأْنِ لَكَ الفِرَاق؛ يَا بُوشُ عَنِ العِرَاق؟! أَلَمْ يَكْفِكُمْ مَا سَفَكْتُمْ مِنَ الدِّمَاءِ يَا هَؤُلاء 00؟!
فَالذِّئْبُ يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ فَرِيسَتِهِ * لِلْجَائِعِينَ وَأَهْلِ الأَرْضِ إِنْ شَبِعَا
{هَاشِمٌ الرِّفَاعِي}
يَا بُوشُ أَقْصِرْ سَوْفَ تَلْبِسُ تَاجَ قَيْصَرَ في الظَّلامْ
وَلىَّ زَمَانُ القَيْصَرِيَّةِ وَالأَكَاسِرَةِ العِظَامْ
رُحْمَاكَ هَلْ شَكَتِ العِرَاقُ إِلَيْك مِنْ فَرْطِ الزِّحَامْ
سَفَهًا تحَدَّيْتَ الأَنَامَ فَكُنْتَ سُخْرِيَةَ الأَنَامْ
عَجَبي عَلَى بَاغٍ يَقُولُ لِمَنْ بَغَى هَذَا حَرَامْ
{محْمُود غُنَيْم}
الحَقُّ مِنْكَ وَمِنْ جُنُودِكَ أَكْبَرُ * فَاحْسِبْ حِسَابَكَ أَيُّهَا المُتَجَبِّرُ
فَلَقَدْ نَفُوزُ وَنحْنُ أَضْعَفُ أُمَّةٍ * وَتَئُوبُ مَغْلُوبًا وَأَنْتَ الأَقْدَرُ
فَلَكَمْ نجَا مُتَوَاضِعٌ بِسُكُوتِهِ * وَكَبَا بِفَضْلِ رِدَائِهِ المُتَكَبِّرُ
الْبَاشِقُ وَالْعُصْفُور
يُذَكِّرُني وَاللهِ تَوَسُّلُ الْعَرَبِ وَالمُسْلِمِين؛ إِلى هَؤُلاءِ الظَّالِمِين؛ بِقَصِيدَةِ البَاشِقِ وَالعُصْفُورِ، الَّتي قَالَهَا الشَّاعِرُ الْعَبْقَرِيُّ سَلِيمٌ الخُورِي؛ في صُورَةِ حِوَارٍ بَينَ الْقَوِيِّ المُسْتَبِدِّ وَالضَّعِيفِ المَقْهُورِ:
العُصْفُورُ وَقَدْ وَقَعَ بَينَ مخَالِبِ الْبَاشِق ـ أَيِ الصَّقْر:
يَا بَاشِقُ ارْحَمْني وَرِقَّ لحَالَتي * دَعْني لأَفْرَاخِي الصِّغَارِ أَطِيرُ
فَتُصَفِّقُ الأَوْرَاقُ عِنْدَ سَمَاعِهَا * صَوْتي وَيَهْتِفُ بِالخَرِيرِ غَدِيرُ
مَاذَا جَنَيْتُ وَإِنَّني يَا سَيِّدِي * طَيرٌ ضَعِيفٌ جُنحُهُ مَكْسُورُ
مَا في حَيَاتي لِلرُّبى ضَرَرٌ وَلا * جَوْرٌ وَيَكْفِي أَنَّني عُصْفُورُ
مُتَنَقِّلٌ بَينَ الغُصُونِ كَأَنَّني * ظِلٌّ أَظَلُّ مَدَى النَّهَارِ أَدُورُ
إِنيِّ خَطِيبٌ وَالْغُصُونُ مَنَابِرِي * وَالسَّامِعُونَ جَدَاوِلٌ وَزُهُورُ
رَدَّ الْبَاشِقُ عَلَيْهِ قَائِلاً:
خَلِّ الْبُكَاءَ فَلَيْسَ دَمْعُكَ مُشْبِعًا * جَوْفي وَنَارُ الجُوعِ فِيهِ سَعِيرُ
أَنَا إِنْ رَثِيتُ لأَنَّةٍ أَوْ زَفْرَةٍ * أَيَسُدُّ جُوعِيَ أَنَّةٌ وَزَفِيرُ
أَنْتَ الْكَبِيرُ عَلَى الْبَعُوضِ تَصِيدُهُ * وَأَنَا عَلَى هَذَا الْكَبِيرِ كَبِيرُ
فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا * أَوَلَسْتَ أَنْتَ عَلَى الضَّعِيفِ تجُورُ
وَاصْبرْ عَلَى حُكْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا * كَأْسُ الْقَضَاءِ عَلَى الجَمِيعِ تَدُورُ
{فَصَبْرٌ جَمِيل} {يُوسُف/18}
كَمْ منْ مُلُوكٍ مَضَى رَيبُ المَنُون بهِمْ * قَدْ أَصبَحُواْ عِبَرًا فِينَا وَأَمْثَالا
أَمَّا جُنُودُ التَّحَالُف، فَحَسْبي أَنَّهُمْ جَعَلُواْ مِن أَنْفُسِهِمْ مِنْجَلاً، يحْصُدُ شَعْبًا أَعْزَلاً:
لا يُبْغِضُونَ عَدُوَّهُمْ * أَوْ يَعْرِفُونَ عَلامَ عُودِي
{محْمُود غُنَيْم}
ثَلاثُ صَفَحَاتٍ مِن عَمَلٍ أَدَبيٍّ إِسْلامِيٍّ لي بِعُنوَان / هُمُومِ المُسْلِمِين Yasser_Elhamadany*************
¥