[رث المدائح ..]
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[06 - 01 - 2007, 01:31 م]ـ
رث المدائح أن قد ماتت الهِمَمُ = وأصبحت حرضاً في عصرنا الشِيَمُ
رث المدائح لا مجدٌ ولا كرمٌ = ولا فخارٌ ولا عزٌّ ولا شمَمُ
من الرؤوس إذا أمعنت من كثبٍ؟ = إلا الضغابيسُ والأوغالُ والطُغَمُ1
ترفُّ أعلامهم في كلِّ مخزيةٍ = ولا يرفُّ لهم في عزّةٍ علَمُ
إن ناول المجد أقواماً لمكرمةٍ= ففي أياديهم عن نولها كزَمُ2
ضلّوا السبيل بافهامٍ منكّسةٍ= ... البخل مقتصِدٌ والمسرف الكَرَمُ!!
الخبث جوهرهم والزَّيفُ مظهرهم= واللؤم مأثرهم والسوقة الغَنَمُ
مذبذبون فلا تدري أهم عجمٌ =وإن يصيروا قد استزراهم العَجَمُ
لهم بكلِّ زمانٍ غابرٍ سَلَفٌ = ولو تباروا .. لكان السالفون .. هُمُ!
لو أعملوا الفكر شيئاً في مدائحهم= لأبصروها هجاءً مقذعاً لهم
يعظّمون بما لم يفعلوه وهم = من عبء ما سمعت آذانهم غَرِموا
عجبتُ من مضر الحمراء يحكمها = من لم يكن لَهُمُ عِلمٌ ولا عَلَمُ3
ومن قريشٍ ملوك الأرض ويحهمُ = أيتركوها و قد عاثت بها القَزَمُ4
أكلما سادت الضبعان قيل لها = لك الدُّنا وعلينا السمع والسلَمُ5
أرى الصوارم تبكي وهي مُغْمَدَةٌ= و قد تضاحك منها الغدْرُ والجَرَمُ
قد هيّجاها ألا ابكي المسلمين فلا = يخشى وعيدهم إن أوعد الأمَمُ
لولا ضياطرةٌ قد سوّدوا خَتَراً= لما تجرأ في ساحاتنا الزَنَمُ6
يحملقُ الطرف في سيما وجوههمُ = تكاد تقذفُ من أنظارِهِ الحِمَمُ
مطارديَّ ولم أهتك لهم حَرَماً= وكم بأيديهم قد هُتّكت حُرُمُ
الدّينُ أهون شيئٍ في قلوبهم = أن يستباحَ ولا يبقون إن ظَلَموا
ألا إمامٌ يَهِدِّي اللهُ أمّته= به تبخترُ من أفعاله القِيَمُ7
الله أكبر شيئٍ في ترائبِهِ= وكلُّ ما دونَهُ في عينه قَزَمُ
له يمينٌ تفيض الجود منعمةٌ = وفي الشمال يَعَجُّ الهولُ والنِقَمُ
الهصرُ شيمتها في كلّ أعطيةٍ= فالبؤسَ تجتثُّ والبأساءَ تحتطِمُ
ما زلت أطلبُهُ في كل منزلةٍ = فيها يُرَجّمُ ظني وهو منعدِمُ
قد أنّت الأرضُ من وطء الظِّلامِ بها = وزمجرَ البحرُ والأمواجُ تلتطِمُ8
والشمسُ همّت ولولا اللهَ خيفَتَهُ = لأشرقت مغرباً واستسلم الأممُ
إني أراها وقلبي قابضٌ حنقاً = جمراً من الغيظ وهو الثائرُ الشَكِمُ10
أغصُّ بالذلِّ والأحداث كاويةٌ = جنبي ومن كيّها يضّاعفُ السَقَمُ
يعيّرونيَ شعري أيدَ صخرتِهِ = الصخر يبقى ويُسفى التُربُ والهُشُمُ11
قالوا طوى عصرنا ما قلت من قدَمٍ= هيهاتَ يطويَ شعراً قلته هَرِمُ12
بكى الزمان على شعرٍ أسطِّرهُ = وقال يا ويح قومي ليتهم عَلِموا
إن كان أعجبَهُ ما قُلتُ من كَلِمٍ= حسبيه مستمعاً يصغي ويفتَهِمُ ================================
1 - الضغابيس:جمع ضغبوس بمعنى أهل الطيش والنزق - الأوغال: جمع وغل الدنيئ أو الذي يدخل على القوم وليس منهم -
الطغم جمع طُغْمة وتجمع على طغام أراذل الخلق
2 - كزم: قِصَر
3 - مضر الحمراء: لقب مضر أي مضر الذهب لأنه ما ورثه مضر من نزار بن معدّ وأصبح لقباً.
4 - القزم: خساس الناس. يجمع و يفرد.
5 - الضبعان: جمع ضَبُع.
6 - الضياطرة جمع ضوطرى وهو الفاحش.- خترا: غدرا - الزنم: جمع زنمة وهي لحمة زائدة في اسفل عنق الأبقار بمنزلة العرف في الدجاج. والمقصد بالزنم من لم يكن لهم شأن ولا دور.
7 - يهدِّي: يهدي. بتشديد الدال وكسر الهاء
8 - الظِّلام: الظُلْم
9 - استسلم الأمم: أي أهل الأمم لأنه العلامة الفاصلةٌ الحاسمةٌ.
10 - الشَكِم: الغضوب.
11 - أيد: قوة.
12 - الهرم: يعني العصر لأنه أقدم عُمُراً من الشعر و قائله و إن تجدد.
==========
والسلام,,,,,
ـ[نعيم الحداوي]ــــــــ[06 - 01 - 2007, 02:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لا فض فوك يا ابا الهذيل
ولعلك استلهمت القصيدة من الفرزدق في زين العابدين
وفي رأيي انك ابدعت ايما إبداع
وفقك الله يارؤبة قصيدة غاية في الجمال
لي معك فيها بعض الوقفات بمشيئة الله شريطة أن تستعد باكواب الماء
بكى الزمان على شعرٍ أسطِّرهُ ... وقال يا ويح قومي ليتهم عَلِموا
أنت من ابكاه
اخرج ما لديك وسنقراه .... فما رأيك؟:)
ولك وللجميع تحياتي
ـ[الهاشم]ــــــــ[06 - 01 - 2007, 04:20 م]ـ
أيُّ لفظ ٍ ناضح ٍ بالدموع هذا؟!!!
أيُّ معنى ً فاضح ٍ للجموع هذا؟!!!
إذا كان المتنبي صرخ ثائرا لنفسه ذات جرح ومتحدثا عنها ..
فأنت في صرختك العنيفة المدوية هذه تجعل صداك ملايين "الكورال "
كلنا "رؤبة بن العجاج " .. كلنا نقول:"واحر قلباه "
كلنا نقول: ألا إمام يهدي الله أمته به ...
اللهم عاجلا غير آجل ..
وإذا استعصى علينا فهم لغتك .. فليس لأنك تجرنا للخلف وللأقدم؛بل لأنك ترفعنا للأعلى والأسمى .. وهذه مهمة أصعب وأشق حتى فيزيائيا ..
نعم .. حسبك زمان القيم الخالدة .. حسبك أن تقف أمام نفسك وقد استطعت التعبير بقوة وجزالة حين عجزنا عن النطق .. حسبك إصغاء ضميرك وفهمه ..
حسبك هذا الدر الثمين .. الأبيض بياض أهدافه ..
(هل ندرجها ضمن الأبيات التي جعلتنا نبكي؟)
¥