واهاً لقلبِيَ ... (شعر).
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[02 - 11 - 2006, 09:27 ص]ـ
ولكم يباعدُ بين جسمين المدى = روحاهما روحٌ حَوَتْها روحُ
إلى والدي الحبيبين،
كنتما زاهِدَيْن ِعابدين، قوامين صوامين وشاكرين لأنعم الله، ولم أعد أذكر عدد المرات التي قرأتما فيها سورة الإخلاص مائة ألف مرة. رحمة الله عليكما.
واهاً لِقَلبِيَ
واهاً لقلبِيَ ما اقسى لياليهِ = لعب الفراقُ به والشوقُ يُضنيهِ
خبَرَ الحياة َفرامَ الحبَّ مُرتدِياً = شوكَ الصّبابة والأشواكُ تُدميهِ
وكم تمنى فلا الأيامُ مقبلة ٌ = ولا البوارقُ لاحت في أماسيهِ
وكم غرام ٍ تخلّى عنه صاحبُهُ = وظل قلبِيَ يلقى ما يُلاقيهِ
وعظتُ قلبي وقد أصغى على مَضض ٍ = وصارخُ البَيْن ِ يطغى في تماديهِ
وقلتُ: يا قلبُ، دربُ العشق مَهلَكة ٌ = فكيف تغشى هلاكاً أنت تدريهِ؟
أجاب والدمع فوق الخد مُنهملٌ = لا حوْلَ في دَنِفٍ رقّت حواشيهِ
يا واعظ القلبِ فيما خُطَّ من قدَر ٍ = أيخمدُ الوجدُ والأقدارُ تُوريهِ؟!
سُقياً لوعظك والأنفاسُ زاكية ٌ = لكنَّ وعظكَ لم تفلحْ مراميهِ
وهل تراني أخوض اللهو منتشياً = بين اللواعبِ من طيش ٍ اُعانيهِ؟
خلِّ المواعظ للدنيا وزينتها = لا للمُعذبِ من بَيْن ٍ يُقاسيه
وأركض بوعظك للاهي تُذكّره = وداو ِ منه من الأسواء ما فيهِ
يا من طواهم من الغبراء باطنُها = والرسمُ منهم شَغافُ القلبِ يطويهِ
لو كان جسمُكمو يُفدى لذبتُ فِدىً = فِداكمُ الخفقُ في أحلى معانيهِ
لله أشكو الهوى والنفسُ ضارعة ٌ = لعل مني الهوى تُقضى أمانيهِ
في جنة الخلدِ ألقى من شغفتُ بهم = نِعمَ اللقاءُ وظِلُّ العرش راعيه
يا واعظ القلبِ فيما ساقهُ قدرٌ = اكفُفْ فلستَ بناج ٍمن مآسيهِ
أبو احمد: ياسين الشيخ سليمان
فلسطين.
ـ[معالي]ــــــــ[02 - 11 - 2006, 10:11 ص]ـ
رحمة الله عليهما، رحمة الله عليهما.
جمال لا يقلّ عن سابقيه، بل يزيد!
لله درّك شاعرنا أبا أحمد
ألفاظ تتهادى في رقة وعذوبة وسلاسة، تتواءم وعظم المشهد أمام الحقيقة الهائلة/الموت!
أمام هذه الحقيقة كلنا أقزام، وسواسية، وكل لفظ يُقال في هذا المقام، فإنه يتقاصر عنه، ولا يبلغ أبعد من أن يصل إلى سفح مُطلّ!
أسأل العلي العظيم برحمته أن يرحم والديك، وجميع موتى المسلمين، وأن يجمعك بهما في جنات النعيم على سرر متقابلين، وأن يرزقك الدعاء لهما ما حييتَ؛ فهذا مما يبقى لهما بعد رحيلهما.
مقدمة نصك -أستاذنا الكريم- بديعة وشاعرية!
إنها على غرار الوقوف على الأطلال، بيد أنك استبدلتَ بذلك استدعاء تجارب الماضي وأثرها على قلب السبعيني!:)
وقد أطلتَ في هذا قبل أن تلج الموضوع الأساس في البيت الثالث عشر، ولم تخصص له غير خمسة أبيات، ولو أنك أطلتَ في حديثك عن الحبيبيْن المغادريْن لأظن أن للقصيدة شأنا أعلى وأسمى وأكمل.
والمقدمة -حقا- بديعة جميلة، تثير الوجد، وتبعث على الاعتبار، وكم رددتُ وأنا أقرؤها: صدقتَ يا أخي!
وكم تمنى فلا الأيامُ مقبلة ... ٌولا البوارقُ لاحت في أماسيهِ
أظنك أردتَ بالبوارق الضياءَ.
ولا أظن أن دلالة البوارق على الضياء المطلوب صحيحة، فظهور البوارق ليلا مما يبعث على الخوف، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن طلب البوارق في الليل لا يستقيم، لأن العادة جرتْ أن صاحب الليل يطلب الضياء والفجر وما جرى مجرى ذلك، أما طالب البوارق فهو طالب غيث، وهذا مقترن بأن يكون في جدب وقحط لا في ليل كالح.
هذه وجهة نظري أستاذي، وهي قابلة للنقض.
وقلتُ: يا قلبُ، دربُ العشق مَهلَكة ... فكيف تغشى هلاكاً أنت تدريهِ؟
أجاب والدمع فوق الخد مُنهملٌ ... لا حوْلَ في دَنِفٍ رقّت حواشيهِ
تصويرك للقلب بهذا تصوير رائع، استبقاني للوقوف أمامه زمنا غير يسير!
لو كان جسمُكمو يُفدى لذبتُ فِدىً ... فِداكمُ الخفقُ في أحلى معانيهِ
الشطر الأول مغرق في الشاعرية والحنين الصادق، لكن (لذبتُ) أضعفتْ كثيرًا من فنّيّته، أما الثاني فقد كنتُ أتوقع ما هو أقوى منه.
لو أعدتَ النظر -شيخنا- في هذا البيت، لخرج بيتا مما تسير به الركبان، أقطع بذلك!
أستاذنا أبا أحمد
إبداعكم لا تنقص منه ملحوظاتٌ أملاها ذوقي القاصر، وسعادتي بحضوركم المتجدد وشاعريّتكم المحلقة لا تحدّها حدود.
وإنما الشعراء أمثالكم بحق!
بوركتم.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[03 - 11 - 2006, 05:15 م]ـ
غفر الله لوالديك , وأسكنهما فسيح جناته
قرأتها مرارًا وتكرارًا , وكلما أمر عليها أثني عليك شاعرية وإبداعًا , وتألقا
بوركت , وبورك عطاؤك المتوقد
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[03 - 11 - 2006, 09:15 م]ـ
أخي الكريم الأديب الفاضل: أبو طارق،
أخشى ان تتهمني بالمبالغة. والله إني لسعيد بمرورك، ولك في قلبي من الود والمحبة يا دمث الخلق ما فيه. بارك الله فيك وابقاك ذخرا لمحبيك، وابقاهم لك.
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[03 - 11 - 2006, 09:24 م]ـ
اخي الكريم: أبو الأسود،
مشاعرك أحلى واجمل، بارك الله صدق عاطفتك، وسلم لك قلبك الحديد، وادام فيه لذة الإيمان ليظل يلتقط كل ما هو جميل.
دمت بحفظ الله ورعايته أنت وكل من تحبهم ويحبوك.
¥