[مناجاة وذكريات ... (شعر).]
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[06 - 12 - 2006, 09:55 ص]ـ
مناجاة ٌ وذكريات
وقفتُ أناجي زهرةَ العُمر باكيا = وأذللتُ دمعاً بعد ما كان عاصيا
أسائِلُها ما للرياض ِ تبدلت = قفاراً وأضحى الزهرُيَبْساً وذاويا!
وغِزلانُها بعد التجمّع شملُها = شتيتاً وحبلُ الودِّ أصبح باليا
ولا طيرَ غِرّيداً ولا نبتَ مورقاً = ولا نبعَ رقراقاً نَميراً وصافيا
وليس سوى الغربان تغشى دروبَها = بنفسيَ لونُ الريش شَعرُ شبابيا
رعى الله أيام الشبيبة إنها = سُلافَة ُ عُمْرٍ كان بالأمس راضيا
رَوِيتُ بِريّاها وهِمتُ بعطرها = وفيها تَخِذتُ الشعرَ رَوْحي وراحِيا
تعود بيَ الذكرى إلى روعة الصِّبا = إلى ثُلَّةِ الأترابِ يشتاقُ قلبِيا
رفاقاً نؤمُّ الروضَ نهفو لحسنه = ونقضي لُباناتٍ ونرجو أمانيا
بشوق ٍ إلى الأطيار كنا نزورهُ = نُشنِّفُ أسماعاً ونشدوأغانيا
فمن صادح ٍ (بالأوُفِ) يرقى بفنّهِ = ومن صارخ ٍيا ليلَ عيني وآهيا
ومن منشدٍ من شعر (شوقي) مُرنِّماً = "مقاديرُ من جفنيكِ حوَّلْنَ حاليا"
مقاديرُ من جفنين حوّلنَ حالهُ = فذاق الهوى من بعد ما كان خاليا
فسَقياً لأيامٍ تولى زمانُها = وليت لها عَوْدا وليت تلاقيا
جزعتُ على ابن الرَّيبِ يرثي لنفسهِ = وينظمُ أشعاراً ويروي مآسيا
عراهُ من الأحوال يأسٌ وغربة ٌ = شجَتْهُ وقيلُ الموتِ أن لا تدانيا
فرحتُ أُساوي بين يأسي ويأسهِ = فأمسى فؤادي راثيا لفؤاديا
أقولُ لمن راحوا وبانوا وأبعَدوا = بقلبِيَ نيرانٌ فَرِقّوا لِحاليا
يُسائلني الأصحابُ من أين ترتوي = لتنظم اشعاراً وتزجي قوافيا؟!
قضيتَ من الأعوام تسعى بهمّةٍ = تروحُ لجلبِ الرزق بالجِدّ ساعيا
وما لكَ في التعليم حظٌّاً ربِحتَهُ = ولا جامعاتٍ نوَّلَتْكَ المَراقيا
أجيبُهُمو والقلبُ مني مُلَوَّعٌ = وينبضُ بالأوزان تدري الذي بِيا
قرأتُ من القرآن ما جلّ َحصرُهُ = وعشتُ مع الآياتِ عيْشا مُهَنَّيا
أخرُّ لذكر الله هيمانَ خاشعاً = إذا تُلِيَ القرآنُ، مُعْنىً وباكيا
وهل بعد قول الله قولٌ لقائل ٍ = ولو كان جِنّاً عبقرياً مُجَلّيا؟!
أيا لوعة ً راح الفراقُ يؤزُّها = فتنطقُ شِعراً مُرهَفَ الحسِّ حانيا
فيطلُعُ منها راقصا مثل رقصها = يُشيعُ بها لحنا حزينا ومُشجِيا
وما الشجو إلا نطفة قد ترعرعت = غذاها من الأحداث ما كان شاجيا
لإن فاقني بالشعرمن هو مفلقٌ = فَلِمْ لا أجلّي حُرقة ً ومعانيا
وللعُرْبِ سبعٌ من مراثٍ زَهَوْا بها = ولو علموا شجْني لعدّوا ثمانيا
وما كان لابن الرّيبِ في الناس ذاكرٌ = إلا لِما أذكى القلوبَ الخواليا
ينادي مُنادٍ من لُجَّةِ الفكر صارخاً = أيا شيخُ مهلاً لا عدمتَ التَّرَويّا
ترومُ شبابا بانَ منك ولا ترى = من العمر إلا شيبة ً وتراخيا
وتحسبُ انّ الدهر ما أنصفَ الألى = غلطتَ وأخطأتَ النُّهى والمراميا
فربك قد اعطى الصَّباءَ نضارة ً = واعطى الحجى للشيخ عزّاً وراعيا
وصائِبَ فكر ٍ واصطباراً وحكمة ً = تعزُّ على الصبيان حظاً مُؤاتيا
فلا تجعلنْ للحزن منكَ مطيَّة ً = فينعاكَ أهلُ الفهم ما دمتَ واهيا
أقول لنفسي كلما هاجَ حزنُها = مكانَكِ وارْضَيْ قسمة ً من إلهيا
وإن كنتِ لم تَصغَيْ لنُصح ٍ أبنتُهُ = فدونَكِ أقداري فحلّي وَثاقِيا
هي النفسُ تنحى للوساوس تارة ً = وطوراً ترومُ الآيَ رُشداً وهاديا
تداعبها الذكرى فتُغفِلُ يومَها = ولمّا تُفِقْ ترجو هدىً وتناسيا
أسبّحُ ربي في العلى جل شأنهُ = وأسألهُ الغفرانَ فضلا ً مُوافِيا
وليس لنا غيرُ الإله يُعينُنا = فيومُ التلاقي صار للعين باديا
ـ[معالي]ــــــــ[07 - 12 - 2006, 12:54 م]ـ
يا للإبداع يا شيخ المبدعين!:)
أستاذنا العم أبا أحمد
قد صرنا نعدّ الأيام والليالي بين (هرمية) وأخرى!
والتسمية (هرمية) لي:)، واسمح لي، فإن كنا ندعو روائع أبي فراس في السجن (روميات)، وروائع أبي نواس في الخصيب (خصيبيات)، فحق روائع أبي أحمد في الشيب والمشيب أن تُدعى (هرميات)، وإن شئتَ تسمية أخرى فلك هذا، وإن شئتَ تركها تركناها، وفيك الخصام وأنت الخصم والحكم!:)
أسعدك الله يا شيخ
والله إني أقف متعجبة من شيخ يقول بقلة باعه، ثم يهبنا هذه الروائع!
تبارك الله.
- وقفتُ أناجي زهرةَ العُمر باكيا
زهرة العمر اسم قديم، غير أن الإبداع هنا خلع عليه حياة أخرى!
¥