تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بلا عنوان (ضع عنواناً لها أيها القارئ)

ـ[أسير البيان]ــــــــ[01 - 12 - 2006, 03:26 م]ـ

بلا عنوان (ضع عنواناً لها أيها القارئ)

الشتاء بدأ ....

يتقدم بكل جبروته.

أصبحت الشوارع ملأى بالسكون والهدوء، وتجمدت الطرقات ليلَ نهارَ. فنظرت إلى الساعة فإذا ذراعها يشير إلى العاشرة.

وتهيأت لإعداد شرابٍ ساخنٍ يساعدني على كسر سآمة الليل.

قررت أن اعزم صاحبتي.

ولكن.

هل ترد على سماعة الهاتف؟

أكيد لن ترد.

تمنيت أن ترد. فأخذت كأسي الواجم العتيق ...

طالعت من النافذة فإذا بصاحبتي مسرعة. نشرت أنفاسها الباردة في جنبات المدينة، نشرت جدايل الشجر هنا وهناك.

أفٍ. كم تمنيت إن يكون معي صديقٌ حتى لو أنقدت ([1]) على سهر هذه الليلة. شربت ما أعددته.

فنظرت إلى حائط الساعة، فإذا ذراعها يشير إلى الحادية عشرة.

سأذهب للنوم.

دخلت الغرفة فأطفأت نفس النور الحزين.

لقد كسر النوم آخر مجداف ملكته لسهر تلك الليلة.

ولكن ... الباب سأقفله. أردت أن أقفله ... ولكن ...

نفسي تحدثني: اتركه. نم ... نم ... أريد أن أقفله. نم ... فالنوم راحة.

لم أتذكر سوى الباب وكرسيي العليل الذي حطمته يد السنين. ما بين النومة واليقظة.

لم أسطع أن أعرف ما أنا فيه.

حلمٌ قبل النوم.

جلس على ذلك الكرسي رجلٌ حطمته يد السنين لكنَّه أكثرُ تحطماً من الكرسي.

عرفت ذلك عندما رأيت ركبتيه.

ضحكت من منظرها.

لقد فضحها ثوبها الرثُّ.

يا الله حياته أسوأ من مماته. ثياب رثَّةٌ. حتى ركبتيه برزت في ثويبه البالي.

تذكرت قول الشاعر:

فأقبلت زحفاً على الركبتين

فثوباً لبست وثوباً أجرُّ

بصوت خافت، و نفس متعبة.

استيقظ يا بني.

استيقظ.

أرجوك يا بني.

هل صحوت.

نعم!!.

مستيقظ. متثاقل. متثائب.

تغلبت على نومي.

تكلم الرجل: لا تسألني.كيف دخلت؟

أتيت لأخبرك يا بني بشيء عظيم.

خطب مدلهم. لن أرتاح إلا بعد إخبارك به.

إنه الأمر الذي قصم ظهر الزمن.

آهٍ. يا ولدي فالجمل لو طاح كَثُرَ من ينحره!.

تكلم وليته لم ينطق.

أحسست من كلامه إن خنجر الظلم قد اخترق قلبه.

مزق الرجل ستار الصمت.

فأصبح صوته مترامياً في المنزل.

قمت من مكاني. فاستأذنته.

خرجت إلى غرفة أخرى.

فتحت النافذة لعلي أرى صاحبتي. ناديتها .... ناديت ... ناديت ... تعبت ... انشغلت بغيري ... كم تمنيت أن تهز أعماقي الباردة كما تهز أوراق الشجر و صفحات الليل المتجمدة.

.

.

.

زائري عدت إليك.

بدأ يقلب صفحات الحديث.

كنا يا بني قديماً نخلص في العمل، ونهتم به. ما أطيبه!!

يا بني. أ تعرف الرجل المناسب وضع في مكانه المناسب في وقتنا الحاضر؟

الصدق مات!

والرجولة تلاشت!

والمصلحة الشخصية سيطرت واعتلت على كراسي العمل!

من ادعى الشرف والرفعة قديماً فضح المستقبل وجهه المدفون الخائن.

أصبح يعمل لمصلحته.

نسي قيمه الفاضلة.

وصول يا بني مزيف ... وصل ... وليته لم يصل!.

قتل صدَقَهُ كذبُهُ.!!!

تبخرت مبادئه كأنفاس مشروبه الغازي الذي كان يشربه في ذلك المكان المتهالك.

مبادئ مقتولة.

حقائق مزيفة.

مصلحة وأي مصلحة. إنها المصالح الشخصية.

صار خائفاً من حاضره. نعته مستخدموه بالفاشل. وصفه مسخروه بالضعف والوهن.

اعلم يا بني أنواع الرجال: منهم كالشجر الطيب تساقط الرطب الطيب. فتنفع نفسها وتنفع غيرها.

ومنهم كالشجر الخبيث إنتاجها خبيث فهي كصاحبنا وغيره.

يا بني اجعل مبدأك واضحاً. قدوتك دائماً محمداً عليه الصلاة والسلام الصادق الأمين.

والآن أخبرتك بما في نفسي.

غداً ستصل إن شاء الله لما تريد.

ولكن لا تنسَ أو تتناسَ.

اسمح لي بالذهاب ... تخرج في هذه الليلة؟ نعم.

لا عليك. أتعبت عمري للوصول إليك فلن اجعل الليل يتوسط بالبرد حتى يدخل إلى نفسي المتوهجة.

تذكرت صاحب المبادئ. هل سينام مطمئناً إلى الله مسلماً أمره؟ كلا ...

لأنه وأمثاله أصبحوا أدوات مهزومة. أدوات واهنة. سيطروا عليها أصحاب الزوايا الحادة.

عدت إلى كأسي الواجم العتيق.

لكن من ينسى خطوات ذلك الشيخ. فوقع خطاه يبدو رهيباً.

أتذكر كلما نظرت إلى الساعة وذراعيها الداكنين.

قشعريرة تجتاح رأسه وجسده.

تُرى!

أ يظل يسير؟؟؟


([1]) أنقدت: من النقود.

ـ[خادمة الدين]ــــــــ[07 - 12 - 2006, 02:09 ص]ـ
رااائع أسلوبك بارك الله فيك

ـ[د. حسان الشناوي]ــــــــ[12 - 12 - 2006, 10:02 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسرت ببيانك - أسير البيان - وربما يكون من الأولى بقاؤها هكذا بلا عنوان؛ ليس هروبا من وضع العنوان، بل حرصا على التأمل، وأملا في تعدد ما يمكن أن ينقدح في ذهن قارئك.
لك التحية والتقدير على روعة تصويرك، وحسن سردك.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير