تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المقامة الكربية]

ـ[غير مسجل]ــــــــ[21 - 12 - 2006, 08:22 م]ـ

:::

[المقامة الكربية]

حكى الفاتك بن الطيب قال: أحسست بضيق في الصدر ساعة العصر، فلما اشتد بي الأمرمشيت إلى القصر،انظر إلى هذا وذاكا، علني أجد من الهم انفكاكا، فوقفت عند شجرة وألقيت عليها نظرة، وقلت لنفسي هذه والله جماد وما تدري بما يقول فقيد الرقاد، أحدثها بلهيبي فتكتمه علي كأنه ما خرج من قليبي،فآمن كتمان السر لأنها لن تفشيه كسائر البشر، فقلت لها: يا شجرة إني ذهبت مرة إلى أخت لي من بني مرة، لأحتسي عندها الشاي وأسامرها مسامرة الراعي للناي،

فلما جلست عندها وطال دلهها سعلت فنبهتها، فناولتني القدح فأحسست بالفرح، لكن وجهها كان مظللا بالمزن وفي عينيها يجول الحزن، فقلت لها ياسارة، ما الذي أصابك فأفقدك صوابك؟

أخبريني ماذا بك؟ فإذا عرف السبب بطل العجب!

فقالت: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب

فقلت: أتنتظرين أحدا أم تشتكين سهدا؟

فأجابت بابتسامة ونادت يا أسامة، هذا خالك الفاتك قدأتى بانتصارك يبارك

فسكتت برهة ثم أعدت عليها السؤال، لكنها ظلت على نفس الحال

فقلت: أجيبي يا سارة فقالت: العبد يضرب بالعصا والحر تكفيه الإشارة

فقلت لها: عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

فغذا بعينيها رقراقتان بالدموع فلم أرها أي خضوع وخرجت كأني نسيت الموضوع،

وعدت لداري لان خروجي منها قل مقداري، وساورني شك بأنها لا تثق بي وأحسست بأن كرامتي قد أذلت وإذ ببغلة أخي عمر قد أهلت، وعرفت منه أنه كان عندها وأنها أ خبرته بقصة حزنها كلها، فتأكد شكي وخرجت أبكي حتى وصلت إليك وقصصت الخبر عليك،

فواحر قلباه ممن قلبه شبم

يقول الفاتك وما أن انتهيت من شكواي للشجرة حتى استعبرت عبرة

وإذ أنا برجل وسيم خرج من خلفها يداعبه النسيم

عليه هيئة السفر فسلم علي وانتظر

فأمعنت فيه النظر فإذا هو ثابت بن رويم

فرددت عليه السلام متقدما للأمام وقلت له: إذن قد سمعت

فقال: وأنا طبيبك إن شئت

سمعت مقالتك وسأدرس حالتك

علني أجد لك الدواء الذي يشفيك من هذا الداء

فتوكلت على الله ثم عليه، ووضعت صرة النقود بين يديه

وعدت إلى الدار أترقب من ثابت الأخبار

ومرت الأيام وطال الانتظار

فخرجت أطلبه وإذا هو مع فرسه يدربه

فصحبته إلى حلقة الشيخ طرفة وقلت له اكتب لي الآن وصفة فأومأ إلي أن نعم، وبينا الشيخ يحدثنا عن بعض النعم نظرت إلى ثابت فوجدت قلمه على الأرض ثابت، فهمست له: أين الوصفة؟

فصاح بي الشيخ طرفة، فاعتذرت واعتدلت

وكتبت له على ورقة:

طبيب أنت أم زاد لدائي

لقد زدت الهموم على وعائي

فاعتدل في الجلسة ونظر إلي بحنق نظرة هزبر وأنا أبادله النظر الشزر

وانتهى الدرس فمشينا إلى حلقة الشيخ شمس

فقال لي: يا رفيقي أما تشعر بضيقي؟

أنا والله كالذي قيل فيه: طبيب يداوي الناس وهو مريض

أما تراني رابضا كالعارض؟

فقلت له:الم تقل: الغامض يكشف غيره من الغوامض؟

فقال لي: إذن عليك بالهجر دهرا

فقلت له: سكت دهرا ونطق كفرا

فقال: زدني من المال صرة

فقلت له الأموال مضرة وناولته الصرة

فقال: عندما يحين وقت الرقاد الحقني إلى مقهى بغداد فإن لم تجدني ستجد غلامي إياد، يحمل في يديه صحيفة فيها وصفة ظريفة تزيل عنك الاكتئاب فتكتب لي بالشكر كتابا

فلما حان الموعد المنشود خرجت وأهل البيت رقود وركبت فرسي الجلمود ووصلت إلى المكان الموعود

وجلست أنتظر وأراقب القمر وثابت لم يرسل ولم يمر

فاخذت عنه استفسر فعلمت أنه ترك لي رسالة وأنه لن يحضر

ففتحتها فإذا فيها:

صدرك أوسع لسرك، أعط القوس باريها

فعدت إلى البيت أندب حظي العاثر وأدعو على ثابت الماكر الذي أخذ النقود ونسج الوعود وأملني في أن يعود

وزادت علي العلة حتى ضربت رأسي بالقلة وقلت لنفسي: آمنت آمنت آمنت

أن الشكوى لغير الله مذلة

وأنشدت قول الشاعر:

فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه

واصبر لجهلك إن جفوت معلما

جهاد الطويرقي

ـ[شاكر الغزي]ــــــــ[23 - 12 - 2006, 01:03 م]ـ

شكر الله لك سعيك في احياء فن المقامة

ولي عودة ان شاء الله

ـ[وحي اليراع]ــــــــ[23 - 12 - 2006, 04:59 م]ـ

أهلا أختي جهاد:

عافاكِ الله على هذه المقامةِ، قوَّمَ الله قلمكِ بالبيانِ، وشدَّ أمرَهُ بالتبيانِ، وأنبتَ بآثارِ مدادِهِ أزهارَ ربيعٍ بالنظرِ، وأزهارَ بديعٍ باللسانِ

تحياتي:

وحي.

ـ[أمل الصومال]ــــــــ[24 - 12 - 2006, 02:22 م]ـ

بارك الله في هذا القلم وصاحبته المتقنة لعلوم العربية

أثرتِ فينا الفضول أختي ثم أحبطتنا نهاية غير منتظرة

جميلٌ ما جدتِ به من روعة الكتابة

فإلى الأمام ..

ـ[شاكر الغزي]ــــــــ[02 - 01 - 2007, 02:22 م]ـ

فاتكةٌ أنتِ أم الفاتكُ بن الطيِّبْ، وذا سلسبيلٌ عذبٌ أم صيِّبْ، فككت بها هموم الصدر انفكاكا، فلم نحتجْ لهذا ولا ذاكا، وسررتنا أكثرَ من سارة، فلك علينا البشارة، بأنّ بيانك سِحْر، وأنّ نثرك شِعْر، وأنّ لكِ على القارئ الشُكْر، وللـ (شَاكِرِ) عليك الزيادة، من بضاعتكِ المستجادة، ولا تقولي هيَ بضاعةٌ مزجاة، فليس صرَّةُ الذهبِ كالمخلاة، فسهمُ لحاظِ (جهاد) ك في القلب ثابت، وإنْ مكرَ أبنُ رويم ٍ ثابت، فلله درُّك عودي، وبوصل الـ (مقامات) جودي، ومسكُ الختام، لك منِّي أزكى السلام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير