ربطت عجز هذا البيت بصدر الذي يليه.
وَرَدَتْ على ظمإٍ فما شربتْ
إلا دموعًا طعمُها مُرٌّ
\وردت\ الأمنيات.
جعلت \على\ حالية وظرفية مما أخل بالصورة.
نقول \ورد عليه\
وقلت \وردت على ظمإ\, فلا بد أن تكون \على\ هنا حالية أي \وردت ظمأى\
وفي هذه الحالة ينتظر القارئ \المورود عليه\.
واليومُ مثلُ الأمسِ زَفْرَتُهُ
حَرَّى وملءُ شهيقِه جمرُ
أحْ! أحْ!
وغدًا!! لَظَى العَبَراتِ زادُ غدٍ
ستصُبُّها وسينفَدُ الصَّبْرُ
لم نخرج من دائرة النار والحريق.
يا له من زاد لغد.
وسَتَنْفُضُ الأيامَ تسألها
فتُجيبُ سُؤْلَكَ أعينٌ حُمْرُ
\تنفض الأيام\ صورة جميلة.
تسأل الأيام فتجيب الأعين.
أظن أن هناك فرقا بين \سؤال\ و\سؤل\.
وسَتَنْثَنِي للحُلْمِ تغرسهُ
في جدبِ روحٍ قاعُها قَفْرُ
صورت الروح بصورتين غير متناسبتين,
فهي \أرض جدباء\ مرة,
وهي \بئر قاعه قفر\
إذ ليس للأرض قاع.
وتَبِيْتُ تَحْصُدُ ما تُوَسْوِسُهُ
آمالُكَ المُنْداحةُ الخُضْرُ
بيت جميل.
ها أنتذا كَهَبَاءَةٍ عَبَرَتْ
في الدهرِ لم يَأْبَهْ لها الدهرُ
بيت جميل.
سافَرْتَ من كَبَدٍ إلى كَبَدٍ
حتى خَبَوْتَ وأُطْفِئَ العمرُ
الحمد لله أنك شكلت \كبد\ وإن لا كان المعنى مغايرا, بيد أنه جميل. (الأماني التي تسافر من كبِد إلى كبِد)
إيذان بالموت ..
لا تَبْتَئِسْ .. هي رعشةٌ سَكْرَى
بين الضلوع وينتهي الأمرُ
ليتها كذلك ..
ليتها كذلك ..
ليتها كذلك ..
لما قاسى رسول الله صلى الله عليه وسلم سكرات الموت.
في تفعيلة الضرب خطأ.
قصيدة جميلة.
قصيدة حزينة جدا, يائسة جدا, تشاؤمية جدا.
فيها الصور الشعرية الجميلة المستهلكة منها والمستحدثة.
التكرارات اللفظية خدمت المعاني المرجوة منها.
قصيدة طائية كما عهدنا أخانا وعودنا شعره.
رأيي خطأ ربما يحتمل صوابا.
لله أنت ما أكرمك!!
كلّ هذا الوقت والجهد أيها الفاضل!!
قرأتُ بكلّ إكبار ما تفضلت به من رُؤًى سرّتْني عظيم السرور، وسأظلّ أقرأ وأقرأ؛ فمثل هذه النظرات السابرة لا تتيسر كلّ حين، وإنها عندي لبمكان.
أعجز - حقيقة - عن مكافأتك بما يليق؛ ولكني أقول: جزاك الله خيرًا عدد نبضات قلبك وأنت تكتب، باذلاً جهدك ووقتك لأخٍ لك في الله لا تريد منه جزاءً ولا شكورا ..
أثابك الله خير ثواب أيها الكريم ...
ـ[السفير]ــــــــ[22 - 01 - 2007, 11:47 ص]ـ
الشاعر المبدع الإنسان / الطائي
ماذا عساي أقول
أدب شعر وأدب أخلاق، لا يجتمعان إلا في الصفوة
فهنيئا لك بهما
يعجبني في شعرك أستاذي الكريم أنك تمحضه من شعورك الشيء الكثير
وفي الوقت ذاته فأنت تريد له أن يكون مدهشا جديدا حيا
وهذه في الحقيقة معادلة صعبة إلا على ذوي المراس أمثالك
وإذا فأجمل الشعر ما أحسست به دون أن تلمسه
فهو ينطوي على الغموض والوضوح في آن معا
وبعد، فرجائي عندك أيها الطائي ألا تحرمنا من شعرك العذب
وإذا أمكن وسمح وقتك، فلا تحرمنا من نظراتك الخاصة للشعر
فالنصوص المبدعة في هذا المنتدى المبارك كثيرة
وهي ليست في غنى عن أمثالك
باختصار، نريد رؤى جديدة مبدعة غير مستهلكة
بقيت عندي ملاحظة واحدة على ما سبق ولاحظته عندك في الوزن العروضي
فلقد لفت انتباهي حقا عدة أشياء هي بمثابة تساؤلات قد تشفع لبيتك بالسلامة من الخلل، ولو على حساب العروض، وهي:
1 - إن هذا الأمر قد حدث في آخر بيت من القصيدة؛ فكان بذلك مقابلا لأول بيت فيها، وهو تقابل له شأنه، ولو من الناحية الشعورية.
2 - فلزم من ذلك هذا السؤال: البيت الأول مصرّع؛ فهل يكون البيت الأخير مصرعا كذلك.
3 - ولكن قاعدة التصريع لا تنطبق عليه، فالراء في (سكرى) مفتوحة، والتصريع يقتضي ضمها.
4 - ولكن، ألا تلاحظ أن لفظة (سكرى) قد انتهت بالراء المشبعة، وهو نفس روي القصيدة، فلها بذلك سبب إلى التصريع.
5 - ولكن ما الحل في فتح الراء؟
6 - ههنا إشكال، ولكني أراه ممكن الحل بإذن الله؛ ألا ترى إلى أن الفتح هو أخف الحركات؛ ولذلك كانت وطأة اللسان عليه خفيفة، هذا مع مجيء حركة الفتح في لفظة (سكرى) مع الراء، والراء كما هو معلوم حرف مكرر، ثم إنها هنا قد أشبعت. والأهم من ذلك طريقة إنشاد البيت التي يلزمها أن تتماهي مع حقيقة ما فيه من شعور داخلي؛ وعليه فلا تقرأ (سكرى) بالفتح الخالص، بل يداخلها شيء من الضم وتفخيم الراء مع ذلك
وبذلك يمكننا إدخال البيت في حيز التصريع
ويسلم من الإشكال
ويكون (الطائي) ـ بصدق شعوره، وتماهيه مع روح اللغة والإيقاع ـ
يكون: (أكبر من العروض)
والحمد لله أولا وآخرا
السفير،،،
ـ[الطائي]ــــــــ[22 - 01 - 2007, 01:31 م]ـ
أستاذي (السفير)
مما يشعرني بالرعب أن يظنّ بي أحدٌ ظنًّا يتجاوز كثيرًا شخصي الموغل في الضعف ..
وهذا الشعور يراودني الآن وأنا أراك تنسكب هنا مديحًا يجعل الزهو يتلبسني سائر اليوم ..
غفر الله لي ولك أيها الكريم، وجعلني عند حسن ظنّك ..
أما الْتِماسُك العذر لي في خروجي على مقتضى الوزن فقد أدهشني، وسررتُ به كثيرًا؛ ليس لأنّ فيه مخرجًا لي من مأزق، ولكن لأنني لمحت فيه اتّقاد الذكاء، والقدر الفائقة على المناورة هنا وهناك، وقراءة جميع الاحتمالات، وتقليب الأوجه للوصول إلى هدف محدّد.
علم الله أنني لم أمتدحك مكافأة لك على امتداحي، بل هذا ما أحسسته وأنا أقرؤك بكلّ جوارحي ..
هذه المقدرة الفذة على التحليل المنطقي تدلّ على صفاء الذهن، وسلامة التفكير، وغزارة العلم، فهنيئًا لك ما وهبك الوهّاب ..
أسعدك الله كما أسعدتني
وشرفك كما شرفتني
يا ذا القلم السلس الأنيق والفكر النيّر المشرق ..
تفضل بقبول خالص التحايا أستاذي الفاضل ..
¥