تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ما زال نهر البر يجري!!!]

ـ[د. حسان الشناوي]ــــــــ[22 - 04 - 2007, 08:29 م]ـ

اتجهت الأنظار نحوه بدهشة، بعد أن لم يعره أحد التفاتا،وهو يدخل المطار بصحبة أمه التي جاء معها يودعها!!

كانت أمه تستعد للسفر من أجل العلاج؛ فقد قرر الأطباء حتمية ذهابها إلى دولة أخرى تستطيع أن تجد فيها ما ليس متوفرا في بلدها

- أمي الحبيبة! هل تأذنين لي أن أصحبك في هذه الرحلة؟

- ياقرة عيني! إن لديك من شواغل الحياة ما أنت فيه: عملك، وبيتك، وأولادك، ومشروعاتك؛ فلا تثقلني بالقلق عليك في هذا الطلب!!

- ولكن يا أمي ...

- لكن ما ذا يا بني؟ ... إنك معي ببرك وإحسانك، ومتابعتك التي لم أفقدها ... فلا تقلق!

لم يتخلل الحوار سوى دموع الابن وهو يحاول جاهدا إقناع والدته بالذهاب معها، فلم تجد الأم غير أن تربت على كتفيه عسى أن تكفكف دموعه التي كادت تتحول نحيبا.

- اطمئن يا ولدي؛ فسأكون بخير إن شاء الله.

ومع نهر الحنان الذي تدفق من صوت الأم، ونهر الدموع الذي انهمر من عيني الابن، انطلق صوت الأذان:

فلف المكان خشوع الطمأنينة والثقة في فضل الله ورحمته.

توجه الابن إلى صلاة العشاء في المسجد الذي لا يبعد كثيرا عن البيت، وعاد – وقد فرغت أمه من دعائها الذي تحرص عليه بعد كل صلاة - وهو يتلمس بركة الدعاء:

- " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما".

- اللهم آمين

ودار حوار باسم بينهما، أخلد بعده كل منها إلى النوم.

في الصباح حاولت الأم أن تثني ولدها عن الذهاب معها إلى المطار، فلم تفلح توسلاتها، فقد أبلغ الإبن زملاءه في العمل أن لديه ما يمنعه من الحضور اليوم.

حزم الأمتعة، وأوشك أن يحمل أمه وهو متجه إلى السيارة التي انطلق بها صوب المطار.

وفي المطار كاد يكون الوداع عاديا؛ لا يلفت نظرا، ولا ينبه أحدا ... لكن ما حدث جذب قلوب من في المطار قبل أن يجبرهم على المتابعة.

انكب الابن على رأس أمه ويديها يقبلها وقد انخرط في بكاء أغرقت دموعه وجهه ن وتقطع معها صوته الذي أدمى من يتابعونه:

- تعودين بسلامة الله يا أمي الحبيبة.

- سلمك الله يا ولدي، وحفظك ورعاك.

ولم يستطع الابن مقاومة مشاعره في الترجمة عما في نفسه نحو أمه من الحب والبر، فهوى على قدميها، يقبل حذاءها، ويخلعهما في رفق، ليضع خده عليهما وكأنه يتمرغ في روضة من رياض الجنة، ويلثمهمها كأنما ينشق المسك.

وصوته لا يكف عن الدعاء لها بالشفاء العاجل والعود الحميد.

وكادت حركة المطار تتوقف بسب هذا الموقف، والأصوات ترتفع:

- هذا بطل من نوع فريد.

وتوارى الابن عن الأنظار بعد أن اتجهت الأم نحو الطائرة، فلم يبصره أحد وهو في طريق عودته.

ـ[أحاول أن]ــــــــ[22 - 04 - 2007, 08:48 م]ـ

رائع -يا دكتور حسان- حدّ الروعة ..

ودامع -هذا النص -مدّ الدمع ..

ما معنى لم يره أحد؟ بشرني أنه سافر معها ..

ـ[د. حسان الشناوي]ــــــــ[25 - 04 - 2007, 08:07 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت الكريمة الفاضلة

أحاول أن

صبحك الله بكل خير،

وعافاك من كل شر،

وحفظك من كل مكروه وسوء.

غمرني تعليقك بسعادة كبيرة،

وحفزني أن أحاول مرة أخرى العودة إلى الكتبة في مثل هذا الموضوع،

على الرغم من أن بعض النقاد رآه نصا مباشرا،

وآخرين رأوا فيه شيات من القصة.

وجاء ردك الكريم تشجيعا نبيلا؛

فشكر الله لك وبارك منك.

ويبدو أن أمومتك الحنون كانت وراء سؤالك البار،

وقد قصدت إلى أن الابن عاش لحظة وداع أمه بصورة فريدة،

مع أنه خاول إقناعها بالذهاب معها.

ولا أكتم سرا أيتها الفاضلة حين أقول: إن أحداث القصة وقعت في أحد المطارات،

ولم يكن لي فيها شيء غير تقديمها بحروف عربية.

لك تقديري وعرفاني؛ وجزاك الله خيرا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير