[السحر]
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[29 - 01 - 2007, 06:17 م]ـ
السِّحْرُ ...
(قصة)
زارت (لينا) بصحبة والدتها الجارةَ (أمّ خالد)، وكانت لينا حينها طالبةٌ جامعية، ميَّالة إلى المطالعة، لذلك استعارت من ابنة جيرانها كتاباً أعجبها، وبعد أن قرأته نسيت إعادته، فلبث في سجن المكتبة بضع سنين.
مرَّت أيام وانقضت سنون، تخرَّجت لينا من جامعتها، وأصبحت أمَّاً لطفل، والكتاب في غفلة من الزمن. وبينما كانت والدتها ترتب أغراضَ بيتها، إذ وقع بين يديها ذلك الكتاب، وقد تفرَّقت أوراقه، مثلما فرقت يدُّ الأيام أوصال بيت الجارة أم خالد، والتي اتخذت من قومها مكاناً شرقيَّاً ليس بالبعيد ..
وادَّكرت (أم لينا) بعد أمَّة أن الحقَّ يجبُ أن يُردَّ إلى أصحابه، فأرسلت بالكتاب إلى أهله، ولم تكن تعرف ما يخبّئ لها الغيب ..
لم تمر سويعات إلا والباب يطرق؛ طفلٌ يحمل كيساً، ويقول:
- "هذا من أم خالد" ...
- " كتاب ابنتها، لمَ أعادتْه إلينا؟! "، قالت أم لينا (باستغراب) ...
وضعت الكيس على طاولةٍ مجاورة، واتجهت إلى الهاتف الذي كان صوته يزعج الهدوء من حوله ..
صوتٌ علا من سماعة الهاتف .. أمُّ خالد!! انهالت بكلمات أحد من السف:
- "لماذا أرسلت لنا بالكتاب .. أنت سبب البلاء الذي حلَّ بنا .. ابنتي طلقها زوجها، وابني هجر زوجته .. إلى متى ستبقى عين الحاسد ترقبنا؟! والآن ترسلي إليَّ هذا الكتاب وقد حشوته بالسحر، لتفرقي بيننا" ...
أغلقت أمُّ خالد الهاتف بعد أخذٍ وردٍّ، ولم تكن المسكينة- أم لينا- لتفهم ما الذي يجري.
ذهلتْ ممَّا سمعتْ، وكلُّ ما حولها يستجدي المجهول، ويصفُ أمَّ خالد بمجنونة تهذي ...
أم خالد شديدة الاعتقاد بالسحر والسحرة، والعين الحاسدة، حتى إنَّها إذا خُدش إصبع ابنتها، تظنُّ أن عينَ الحاسد قد أصابت ابنتها، والتي تعتبرها سندريلا الشرق ...
- " سحرٌ وسحرة ... عين حاسد ... ما هذا الهراء؟! "، (قال خليل- صهر أم لينا- في نفسه).
تقدَّم خليل إلى ذلك الكيس الذي بدا كجثمان مهجور، أعتق الكتاب من داخله، وشرع بلمِّ شملِ أوراقه التي كانت تشكو الفرقة، ثم ألصقها بغلافٍ محترمٍ، وصحب الكتاب إلى بيته، ليضمَّه إلى مكتبته المنزليَّة ..
وفي الليلة نفسها- حيث رياحُ الشتاء تعصفُ خارجاً- خطر على باله أن يفتح ذلك الكتاب ويطالعَ ما فيه ..
وما إن فتحَه، وباشر قراءة فحواه، إلا وانتابه شعورٌ غريب؛ أحسَّ بأن السحر لبسَه، واستشرى مفعوله في جسده، حتى توغل إلى أعماقه، وهامَ به إلى فضاءات مجهولة، أمَّا العقل؛ فقد غادر المكان ولم يعدْ ممَّن يصاحب الإنس ..
لا غرو!! ..
هذا فعلاً هو العجبُ العجاب، سحرٌ وليس كما يعتقد به الجاهلون، سحْرٌ جعل من الخرافة حقيقةً تمسّها الأيدي وتعيشها النفوس، جعله يتيقَّن منذ تلك اللحظات إن قوله: (من البيان لسحرا) حقيقة حتميَّة، لا بِدَعيَّة ولا خرافيَّة ...
رائد عبد اللطيف
27/ 1/2007
ـ[أريد اتعلم]ــــــــ[29 - 01 - 2007, 06:46 م]ـ
القصة جميلة جدا و مؤثرة أقراها بتمعن
جزاك الله خيرا
و جمعنا الله و إياكم في جنات النعيم
أختكم أريد اتعلم
ـ[همس الجراح]ــــــــ[29 - 01 - 2007, 11:26 م]ـ
لا شك أن السحر حقيقة، والقرآن يقرر ذلك في العشرات من الآيات الكريمة
لكن ما فعلته أم خالد لا يندرج في آثار السحر فلا بد من ساحر يفعّل السحر.
ووجود كتاب السحر بين الكتب في بيت. يعتبر واحداً منها ولا تأثير له. والله أعلم.
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[30 - 01 - 2007, 12:26 م]ـ
أريد اتعلم: بوركت، وجزيت مثلما ذكرت ..
همس الجرح: أهلا أستاذ همس، تعطرت القصة بمرورك، إن للقصة مغزى من نوع آخر، وهو (كل امرئ يحكمه اعتقاده، فأم خالد أطلقت حكمها على حسب اعتقادها، والكاتب كذلك) , فاعتقاد أم خالد كان من وحي خوفها وشكِّها، وهذي هي الخرافة والباطل، أما نهاية القصة (للكاتب): فهي رد على على أم خالد وأن في الكتاب سحر ولكن ليس كما تعتقد هي، إنه السحر الذي رآه الكاتب في القراءة والمطالعة.
بوركت أخي همس ..
ـ[أمينة عبدالوهاب]ــــــــ[07 - 02 - 2007, 07:51 م]ـ
تحية طيبة أخي الكريم رائد ..
أعجبتي القصة حقيقة في مضمونها و لكن لدي بعض الملاحظات:
1 - عنوان القصة مباشر و يحمل جملة خبرية , و بالتالي فالمتلقي قد عرف شيئا من مغزى القصة قبل أن يقرأها.
¥