[درسنا اليوم .. أقصوصة ...]
ـ[عبد الفتاح أفكوح]ــــــــ[16 - 05 - 2007, 11:26 ص]ـ
درسنا اليوم
... وعندما دخل حجرة الدرس، وقف التلاميذ كما جرت بهم العادة وجروا بها، تحية واحتراما له، فأشار إليهم بيده أن اجلسوا، وهي إشارة معهودة لديهم في كل مرة يتجاوز فيها عتبة باب حجرة الدرس، فجلسوا وأعينهم الصغيرة مشدودة إلى حركاته وسكناته، وآذانهم يقظة متأهبة لتلقي أي صوت منه مسموع ...
فتح محفظته السوداء، بعد أن وضعها مستعجلا على مكتبه، وأخرج منها كتابا، ومذكرة، ولائحة أسماء التلاميذ، وقلم حبر، ثم ألقى نظرة خاطفة على الوجوه المنتظمة أمامه، وألقى بثانية إلى السبورة السوداء، وبثالثة إلى ساعته اليدوية، فشرع ينادي الأسماء، ولا يستقبل سمعه سوى كلمتين متتابعتين وغير متواليتين: حاضر .. حاضر .. غائب .. حاضر ...
وعندما فرغ من المناداة، فتح أحد أدراج مكتبه، فأخذ الممسحة وقطعة من الطباشير الأبيض، ودون إبطاء كتب تاريخ اليوم أعلى السبورة، وخط تحته خطا قصيرا، ثم كتب أسفله لفظتين متباعدتين على ذات السطر، فأقبل بوجهه على التلاميذ مخاطبا: درسنا اليوم ...
عبد الفتاح أفكوح
aghanime*************
ـ[أمير القلوب]ــــــــ[29 - 05 - 2007, 01:03 ص]ـ
أسلوب جميل
وأرى بزوغ شمس قاص وكاتب رائع
ـ[فصيحة ولكن]ــــــــ[29 - 05 - 2007, 10:36 ص]ـ
رائع .. سر قدمًا نحو الأفضل ..
ـ[عبد الفتاح أفكوح]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 11:55 م]ـ
الجزيرة
... أبحر وغاص، ثم غاص وأبحر، وبعد إبحار طويل وغوص عميق في يم لا ساحل له، وبين جزر متقاربة وبين أخرى متباعدة، أمسك عن مواصلة الغوص والإبحار، وألقى مرساته بالقرب من جزيرة كانت قد لاحت له في الأفق، ثم إنه نزل إلى اليابسة، وأخذ يستكشف كل أرجاء الجزيرة، ولم يترك أي شبر منها إلا وتفقده بعينيه، وألقى عليه نظرة إعجاب، فلم يغادر أثناء جولته وسياحته في ربوعها يسيرا أو قليلا، ولا صغيرا أو كبيرا، إلا وتلقاه بما يستحق من اهتمام، فما كان من الجزيرة إلا أن سحرته ببيان خطابها، وأسرته بفصاحة طبيعتها، وشدته إليها بأمراس بساطتها وروعتها، وبسلاسل من الوجد والحنين ...
لم يبحر صاحبنا ثانية، ولم يعد إلى الغوص من جديد، بل إنه أقام في الجزيرة وقد طاب له المقام، فامتزجت أنفاسه بطيب أنفاسها، وخفق قلبه بنبض خافقها، وارتوت عيناه بضيائها وبحسن بهائها، وحلق ذهنه في ألق سماء سمائها ...
عبد الفتاح أفكوح
aghanime*************
ـ[عبد الفتاح أفكوح]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 11:58 م]ـ
المهاجر
... ثم إن أهل القرية، عندما قدم وطال بينهم وبينه العهد، كادوا أن يهيلوا عليه تراب النسيان، وحتى صورة شبابه أوشكت أن تتلاشى في ذاكرتهم، وتنمحي من الأذهان، إذ لم يغب عنهم عاما أو عامين، بل إنه غادرهم مكرها ليعود إليهم في حسبانه بعد يوم أو يومين، إلا أن غيبته طالت، ولم تدم عمرا وإنما استغرقت عمرين ...
ونادى المنادي من مكان قريب: يا أهل القرية، أتذكرون هذا الرجل الذي هاجر من قريتكم شابا، وعاد اليوم إليها وإليكم شيخا؟
أخذت العيون تتطلع إلى وجه الشيخ العائد، واجتهد كل من طابق سنه أو قاربها في التعرف عليه، وبادر بفضول السائل إلى استنطاق محياه المثقل بآثار الغربة وكثرة الترحال، وبعد نظرة ونظرتين، واستفهام واستفهامين، بادر أحدهم وقد تملكته الدهشة قائلا: إنه ...
عبد الفتاح أفكوح
aghanime*************
ـ[طالبة ثانوية]ــــــــ[21 - 08 - 2007, 12:28 ص]ـ
رائع