ـ[باوزير]ــــــــ[17 - 05 - 2005, 03:46 م]ـ
كان عمران بن حطان سُنّي المذهب فتزوّج امرأة من الخوارج ينوي أن يعيدها إلى مذهب أهل السنّة، ولكنها أثّرت عليه واتّبع مذهبها (مذهب الخوارج).
فصار خارجيا حتى وصل به الحال أن مدح عبد الرحمن بن ملجَم الذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:
يا ضربة من تقي ما أراد بها = إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه = أوفى البرية عند الله ميزانا
فرد عليه كثير من العلماء منهم القاضي أبو الطيب طاهر بن عبدالله الشافعي فقال:
إنّي لابرأ ممّا أنت قائله = عن ابن ملجَم الملعون بهتانا
يا ضربة من شقي ما أراد بها = إلاّ ليهدم للإسلام أركانا
إنّي لأذكره يوماً فألعنه= دنيا والعن عمران بن حِطانا
عليه ثمّ عليه الدَّهر متّصلاً = لعائن الله أسراراً وإعلانا
فأنتما من كلاب النار جاء به = نصّ الشريعة برهاناً وتبيانا
ـ[باوزير]ــــــــ[17 - 05 - 2005, 05:24 م]ـ
كان رجل يقال له كلاب بن أمية بن الأسكر له أبوان شيخان كبيران وكان يأتيهما بصبوحهما وغبوقهما (الصبوح شرب اللبن في الصباح والغبوق في المساء)
هاجروا إلى المدينة في خلافة عمر فأقام بها مدة ثم لقي ذات يوم (أي كلاب هذا) طلحة بين عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما فسألهما عن أفضل الإعمال فقالا له الجهاد، فطلب من عمر أن يغزيه فأغزاه.
وقبل أن يذهب كلمه أبوه أمية بن الأسكر الكناني أن يقيم عنده وعند أمه فهما شيخان كبيران ولا أحد لهما سواه بعد الله تعالى ولكن الابن أصر على الخروج لأنه ظن أنه خير له أجرا وثوابا، فذهب وتركهما، فأبطأ.
وكان أبوه في ظل نخل له وإذا حمامة تدعو فرخها فرآها الشيخ فبكى ورأته العجوز يبكي فبكت وأنشأ يقول:
لمن شيخان قد نشدا كلابا= كتاب الله لو قبل الكتابا
اذا نعب الحمام ببطن وج =على بيضاته ذكرا كلابا
فإن مهاجريَن تكنفاه = ففارق شيخه خطأ وخابا
اناديه فيعرض في إباء= فلا وأبي كلاب ما أصابا
تركت أباك مرعشة يداه=وأمك ما يسيغ لها شراب
تنفض مهده شفقا عليه = وتجنبه أباعرها الصعابا
فإنك قد تركت أباك شيخا=يطارق أينقا شربا طرابا
إذا رُتّتعن إرقالا شراعا=أثرن بكل رابية ترابا
طويلا شوقه يبكيك فردا = على حزن ولا يرجو الإيابا
وإنك والتماس الأجر بعدي =كباغي الماء يتّبع السرابا
أبرا بعد ضيعة والديه =فلا وأبي كلاب ما أصابا وكان أمية قد ضر أي عمي فأخذه قائد بيده ودخل به على عمر وهو في المسجد فأنشده:
أعاذل قد عذلت بغير علم =ولا تدرين عاذل ما ألاقي
فإما كنت عاذلتي فردي =كلابا إذا توجه للعراق
ولم أقض اللبانة من كلاب=غداة غدا وآذنَ بالفراق
فتى الفتيان في عسر ويسر= شديد الركن في يوم التلاقي
فلا وأبيك ما باليت وجدي =ولاشغفي عليك ولا اشتياقي
وإيقادي عليك إذا شتونا= وضمك تحت نحري واعتناقي
فلو فلق الفؤاد شديد وجد =لهمّ سواد قلبي بانفلاق
سأستعدي على الفاروق ربا= له عمد الحجيج إلى بساق
وأدعو الله محتسبا عليه = ببطن الأخشبين إلى دفاق
إنِ الفاروق لم يردد كلابا= على شيخين هامهما زواق فبكى عمر وكتب في رد كلاب إلى المدينة فجاء إلى عمر بن الخطاب فلما قدم دخل عليه فقال له عمر:ما بلغ من برك بأبيك فقال: كنت أوثره وأكفيه أمره وكنت أعتمد إذا أردت أن أحلب له لبنا إلى أغزر ناقة في إبله فأسمنها وأريحها وأتركها حتى تستقر ثم أغسل أخلافها حتى تبرد ثم أحتلب له فأسقيه فبعث عمر إلى أبيه فجاءه فدخل عليه وهو يتهادى وقد انحنى فقال: له كيف أنت يا أبا كلاب فقال: كما ترى يا أمير المؤمنين فقال: هل لك من حاجة قال: نعم كنت أشتهي أن أرى كلابا فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت، فبكى عمر وقال: ستبلغ في هذا ما تحب إن شاء الله تعالى.
ثم أمر كلابا أن يحتلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه ففعل وناوله عمر الإناء وقال: اشرب هذا يا أبا كلاب فأخذه فلما أدناه من فمه قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب فبكى عمر وقال: هذا كلاب عندك حاضر وقد جئناك به فوثب إلى ابنه وضمه اليه وقبله وبكى بكاء شديدا فجعل عمر والحاضرون يبكون وقالوا:لكلاب إلزم أبويك فلم يزل مقيما عندهما إلى أن مات.
وتغنت الركبان بشعر أبيه فبلغه فأنشد يقول:
لعمرك ما تركت أبا كلاب=كبير السن مكتئبا مصابا
وأمّاً لا يزال لها حنين=تنادي بعد رقدتها كلابا
لِكسي المال أو طلب المعالي=ولكني رجوت به الثوابا
(يطارق: يضرب.
أينقاً: جمع ناقة.
الإرقال: السير السريع
بساق: جبل عرفات
دقاق: موضع
زواق: صراخ الهام وهو من خرافات العرب)
(يا لها من قصة مؤثرة)
ـ[باوزير]ــــــــ[17 - 05 - 2005, 10:57 م]ـ
عفوا، بعض الأبيات فيها خطأ:
في الأبيات الأولى: (وأمك ما يسيغ لها شرابا).
في الأبيات الثانية: (كلابا إذ توجه للعراق).
في الأبيات الأخيرة (لكسب المال أو طلب المعالي).
¥