تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و قد استفدت فائدة جمة من تحقيق القليل فقط من هذه النوادر التاريخية، فقلت لنفسي: لم لا أؤد زكاة ما عُلِّمت؟

و من هذا المنطق، ارتأيت أن أشرع في كتابة موضوع جديد يعاونني فيه الأخوة بالنصح و التسديد، أقوم فيه بذكراحدى الأجوبة المسكتة ثم أشرع في سرد الفائدة التي أُهديتُها من هذه الإجابة.

فأقول بعد بسم الله الرحمن الرحيم:

أخرج الأستاذ الخطير، أخونا في الله باوزير في أول الأجوبة المسكتة:

قال المنتصر لأبي العيناء: ما أحسنُ الجواب؟

قال: ما أسكت المبطِل وحير المحق

و نقول بدافع الفضول بما فتح الله على الجَهول:

المنتصر: هو - و الله أعلم - محمد المنتصر بن المتوكل، و قد وردت ترجمته في البداية و النهاية لابن كثير (10\ 352):

"مالأ هو وجماعة من الأمراء على قتل أبيه وحين قتل بويع له بالخلافة في الليل فلما كان الصباح من يوم الأربعاء رابع شوال أخذت له البيعة من العامة وبعث إلى أخيه المعتز فأحضره إليه فبايعه المعتز وقد كان المعتز هو ولي العهد من بعد أبيه ولكنه أكرهه وخاف فسلم وبايع فلما أخذت البيعة له كان أول ما تكلم به أنه اتهم الفتح بن خاقان على قتل أبيه وقتل الفتح أيضا ثم بعث البيع له إلى الآفاق وفي ثاني يوم من خلافته ولى المظالم لأبي عمرة أحمد ابن سعيد مولى بنى هاشم فقال الشاعر

يا ضيعة الإسلام لما ولى ... مظالم الناس أبو عمره

صير مأمونا على أمة ... وليس مأمونا على بعره

وكانت البيعة له بالمتوكلية وهي المأحوزة فأقام بها عشرة أيام ثم تحول هو وجميع قواده وحشمه منها إلى سامرا وفيها في ذي الحجة أخرج المنتصر عمه على بن المعتصم من سامرا إلى بغداد ووكل به وحج بالناس محمد بن سليمان الزينبي"

"وقد اختلفوا في علته التي كان فيها هلاكه فقيل داء في رأسه فقطر في أذنه دهن فلما وصل إلى دماغه عوجل بالموت وقيل بل ورمت معدته فانتهى الورم إلى قلبه فمات وقيل بل أصابته ذبحة فاستمرت به عشرة أيام فمات وقيل بل فصده الحجام بمفصد مسموم فمات من يومه قال ابن جرير أخبرني بعض أصحابنا أن هذا الحجام رجع إلى منزله وهو محموم فدعا تلميذا له حتى يفصده فأخذ مبضع أستاذه ففصده به وهو لا يشعر وأنسى الله سبحانه الحجام فما ذكر حتى رآه قد فصده به وتحكم فيه السم فأوصى عند ذلك ومات من يومه وذكر ابن جرير أن أم الخليفة دخلت عليه وهو في مرضه الذي مات فيه فقالت له كيف حالك فقال ذهبت منى الدنيا والآخرة ويقال إنه أنشد لما أحيط به وأيس من الحياة ... فما فرحت نفسي بدنيا أصبتها ... ولكن إلى الرب الكريم أصير ...

فمات يوم الأحد لخمس بقين من ربيع الآخر من هذه السنة وقت صلاة العصر عن خمس وعشرين سنة قيل وستة أشهر ولا خلاف أنه إنما مكث بالخلافة ستة أشهر لا أزيد منها"

أبو العيناء: هو الشاعر الضرير الأديب البليغ اللغوي تلميذ الأصمعي و اسمه محمد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله البصري و إنما لقب بأبي العيناء لأنه سُئل عن تصغير عيناء فقال: عُييناء، له معرفة تامة بالأدب والحكايات والملح.

قال الخطيب: "مولد أبي العيناء بالأهواز ومنشأه بالبصرة وبها كتب الحديث وطلب الأدب وسمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي عاصم النبيل وأبي زيد الأنصاري وغيرهم وكان من أحفظ الناس وأفصحهم لساناً وأسرعهم جواباً وأحضرهم نادرة وانتقل من البصرة إلى بغداد وكتب عنه أهلها ولم يسند من الحديث إلا القليل والغالب على رواياته الأخبار والحكايات"

أما عن سبب انتقاله إلى ففي هذا طرفة يحكيها هو:

"عن أبي العيناء قال كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها أني مررت بسوق النخاسين يوما فرأيت غلاما ينادي عليه وقد بلغ ثلاثين دينارا فاشتريته وكنت أبني دار فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع فجاءني بعد أيام يسيرة فقال قد نفدت النفقة فقلت هات حسابك فرفع حسابا بعشرة دنانير قلت أين الباقي قال قد اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته قلت من أمرك بهذا قال لا تعجل يا مولاي فإن أهل المروءة وإلاقدار لا ليعبون علي غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالزين على مواليهم فقلت في نفسي أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم قال وكانت في نفسي أمرأة أردت أن أتزوجها سرا من أبنة عمي فقلت له يوما أفيك خير قال أي لعمري فأطلعته على الخبر فقال انا نعم العون لك فتزوجت المرأة ودفعت إليه دينارا وقلت له اشتر لنا كذا وكذا يكون فيما تشتريه سمك هازبي فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت إلا أنه اشترى سمك مار ماهي فغاظني ذلك فقلت أليس أمرتك أن تشتري هازبي قال بلى ولكن رأيت بقراط يقول أن هازبي يولد السوداء ويصف المارماهي ويقول إنه أقل غائلة فقلت يا إبن الفاعلة أنا لم أعلم أني إشتريت جالينوس وقمت إليه فضربته عشر مقارع فلما فرغت من ضربه أخذني وأخذ المقرعة وضربني سبع مقارع وقال يا مولاي الأدب ثلاث والسبع فضل وذلك قصاص فضربتك هذه السبع خوفا من القصاص يوم القيامة فغاظني هذا فرميته فشججته فمضى من وقته إلى إبنة عمي فقال لها يا مولاتي إن الدين النصيحة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا وأنا أعلمك أن مولاي قد تزوج فأستكتمني فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي الخبر ضربني بالمقارع وشجني فمنعتني بنت عمي من دخول الدار وحالت بيني وبين ما فيها ووقعنا في تخبيط فلم أر الأمر بصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها فصلح أمري مع أبنة عمي وسمته الغلام الناصح ولم يتهيأ لي أن أكلمه فقلت اعتقه واستريح فلعله يمضى عني فلما عتقته لزمني وقال الآن وجب حقك علي ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته وخرج فغاب عني عشرين يوما ورجع فقلت له لم رجعت فقال قطع الطريق بي وفكرت فإذا الله تعالى يقول ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وكنت غير مستطيع وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت ثم إنه أراد الغزو فجهزته فما غاب عني بعت كل ما أملك بالبصرة من عقار وغيره وخرجت عنها خوفا أن يرجع"

و أما عن وفاته فقيل: "أقام أبو العيناء ببغداد مدة طويلة ثم خرج يريد البصرة فركب في سفينة فيها ثمانون نفسا فغرقت فلم يسلم منهم غيره فلما وصل إلى البصرة مات"

و البقية تتبع إن شاء الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير