منى النفس ليلى قربى فاك من فمي كما لف منقاريهما غردان
نذق قبلة لا يعرف البؤس بعدها ولا السقم روحانا ولا الجسدان
فكل نعيم في الحياة وغبطة على شفتينا حين تلتقيان
ويخفق صدرانا خفوقا كأنما مع القلب قلب في الجوانح ثان
(تنفر ليلى):
ليلى: وكيف؟
قيس: ولم لا؟
ليلى لست قيس فاعلا ولا لي بما تدعو اليه يدان
قيس: أتعصينني يا ليلى؟
ليل: لم أعص آمري ولكن صوتا في الضمير نهاني
وورد يا قيس؟، ورد ما حفلت به لقد ذهلت فلم تجعل له شان
قيس (غاضبا):
تعنين زوجك يا ليلى؟
ليلى (منكسة رأسها):
نعم
قيس: ومتى أحببت وردا؟ ترى أحببته الآنا
ليلى: فيم انفجارك؟
قيس: من كيد فجئت به.
ليلى: اني أراك أبا المهدي غيرانا
أجل هو الزوج فاعلم قيس أن له حقا على أؤديه وسلطانا
قيس: اذن تحاببتما؟
ليلى: بل أنت تظلمني فما أحب سواك القلب انسان
ولست بارحة من داره أبدا حتى يسرحني فضلا واحسانا
نحن الحرائر ان مال الزمان بنا لم نشك الا الى الرحمن بلوانا
قيس: بل تذهبين معي
ليلى: لا، لا أخون له عهدا، فماحاد عهدي ولا خان
فتى كنبع الصفا لم يختلف خلقا ولا تلون كالفتيان ألوانا
قيس (متهكما):
أراك في حب ورد جد صادقة وكان حبك لي زورا وبهتانا
ليلى: قيس
قيس: (خارجا):
اتركيني بلاد الله واسعة غدا أبدل أحبابا وأوطانا
(يحاول أن يتركها فتمسك به ليلى)
ليلى: العقل يا قيس
قيس: لا، خل الرداء دعي
ليلى: وارحمتاه لقيس عاد كانا
(ثم يفلت منها ويندفع الى سبيله تاركا اياها باكية في هيئة استعطاف).
المصدر:
أحمد هيكل، الأدب القصصي والمسرحي في مصر (دار المعارف بمصر، القاهرة، 1968)
تحليل آخر لمسرحية مجنون ليلى
القصة في العصر الأموي
في العصر الأموي يطالعنا صاحب الأغاني في رواياته بألوان أخرى من الفن القصصي، حيث الحب العذري وتقاليد البادية وقيم عرب البادية وهذا ما نلمسه في قصتي المجنون وليلى، وقيس ولبنى.
ولطه حسين رأي آخر في قصة المجنون:
"وقبل أن نتفق في بسط هذا الرأي، واثباته نريد أن نريح الكاتب الأديب وأصحابه الذين يؤمنون بالمجنون من هذه الخرافة، ونبين لهم أن النقد الصحيح لا يستطيع أن يؤمن بوجود هذا الشاعر، وماذا تقول في رجل لا يتفق الناس على اسمه، ولا على نسبه، ولا على الخطوب التي امتلأت بها حياته، وانما يختلفون في ذلك الاختلاف كله! بل ماذا تقول في رجل لا يتفق الرواة على أنه وجد ولا يروون ما يضاف اليه من الأخبار الا متحفظين؟ بل ماذا تقول في رجل يريد أبو الفرج الأصفهاني أن يروى أخباره لأن شروط كتابه تضطره الى ذلك فيعلن وببالغ في الاعلان أنه يخرج من عهدة هذه الأخبار ويتبرأ منها، ويضيف هذه العهدة الى الرواة الذين ينقل منهم، وأنت تعلم أن رواة العرب لم يكونوا يتشددون في الاحتياط ولا يبالغون في الحذر، وكثيرا ما كانوا على هذا الاهمال، وينكرون وجود قيس بن الملوح، أو يشكون فيه أولا يتفقون على اسمه وصفته وظروف حياته، أفلا يكون من الحق علينا أن نتحفظ كما تحفظوا ونشك على نحو ما شكوا؟ اذا لم يكن من الحق علينا أن نتخذ تحفظهم وشكهم دليلا على أن أخبار قيس بن الملوح انما هي نوع من الأساطير.
"والرواة يختلفون في وجود قيس. فأما الثقاة منهم أنكروا وجوده، أو تحفظوا فيه، ولست أريد أن أطيل عليك في هذا، انما أحيلك الى كتاب الأغاني في جزئية الأول والثاني، لترى من ذلك ما يغنيك، ولقد بالغ بعض الرواة في انكار وجود قيس حتى زعموا ان بني عامر أغلظ أكبادا من أن يعبث بهم الحب الى هذا الحد، وانما ذلك شأن اليمانية الضعيفة قلوبهم، السخيفة عقولهم، أما النزارية فلا، وتحدث راوية آخر أنه سال أعرابيا من بني عامر عن المجنون، فذكر طائفة كثيرة من المجانين، وروى لكل واحد منهم شعراء، الا قيس بن الملوح، فانه أنكره ولم يعرفه."
وتفترق بنا السبل مع طه حسين ذلك لأننا نؤمن بوجود المجنون، والثابت من روايات صاحب الأغاني، اجماع الآراء والروايات حول الخطوب التي صادفته في حياته.
ومع ايماننا بأن روايات صاحب الأغاني قد اتسمت في بعضها بالاسراف ولكننا لا ننكر وجود هذا الشاعر، واذا كان طه حسين قد استند الى الآراء التي ذكرها بنو عامر ورواياتهم واتخذها حجة له بقصد الشك فيه، فان هذه الروايات هي التي تجعلنا نؤمن بحقيقة وجوده.
¥