أما العقاد فسقطته هي في هذه الجملة من كلامه (إن منكري النبوة ما كانوا ليسلموا بأن النبي عليه السلام عاجز عن تأليف القرآن أو وضع قرآن غيره وإلا كانوا مسلمين مصدقين وبطل هنا التحدي والإعجاز) فهذا دليل على أن العقاد لا يفهم ما يكتبه لأن معنى الكلام هكذا: منكروا النبوة يعتقدون أن النبي ? هو الذي ألف القرآن وهو قادر على مثله، ولو لم يعتقدوا هذا لكانوا مسلمين مصدقين لأن اعتقاد المسلمين هو عجز الرسول والخلق عن مثله. وإلى هنا الكلام صحيح ولكن الباقي فاسد كأنه يقول فإذا كانوا مسلمين مصدقين بطل هنا إعجاز القرآن وعلى ذلك يكون المعنى أن الإعجاز لا يبطل إلا عند المسلمين المصدقين ... كأن غير المسلمين هم الذين يعتقدون الإعجاز.
/ أطلعت المازني على هذه الغلطة، فجزم بأن الإنس والجن لا يمكنهم إنقاذ العقاد منها.
135
أما الكتاب فقد أمر جلالة الملك بطبعه على نفقته الخاصة الملكية ...
6000 نسخة
136
ملاحظتك على النسبة إلى الأخلاق ليست في محلها فإن النسبة حقيقة للمفرد، ولكن في مثل هذه الكلمة يكون الأفصح أن ينسب إلى الجمع لأن هذا الجمع أصبح كالحقيقة العرفية الدالة على مفرد فالأخلاق علم معروف متميز بنفسه وبهذا صار كالحقيقة المفردة وكانت النسبة إليه أدل على المعنى المقصود، وتأتي الكلمة أبلغ وتتنزل من الأسلوب منزلة ترضى. والمدار عند العرب على الاستخفاف والاستثقال فلو خالفوا القياس لهذه العلة لتكون الكلمة أخف وأفصح لكان ذلك وجها صحيحا فكيف وههنا الحقيقة العرفية التي ذكرتها لك.
137
وأما كتاب المرصفي [بغية الآمل في شرح الكامل للمبرد] فلم أره ولكني أعرف أنه قضى سنوات عدة في شرح الكامل للمبرد والتنقيب في دار الكتب عن قصائده وأخباره .. وهو على كل حال مفيد لأن صاحبه حافظ متفرغ لهذه المادة من نحو ثلاثين سنة.
138
وأما ضعف ابنك في الإنشاء فلأن الإنشاء فكرة ولفظ وما دام صغيرا ففكره ضعيف ولا سبيل إلى تقويته إلا بأساليب خاصة. وأحسن طريقة هو أن تدعه يقرأ أمامك في كل يوم قطعة من جريدة تختارها له أو موضوعا من كتاب مدرسي من كتب الإنشاء ثم تناقشه فيما يفهمه من المقال وتوضح له الألفاظ والمعاني. فإذا فهم عشرين أو ثلاثين مقالا على هذه الطريقة فإنه ينطلق في التعبير بسهولة ويجمع في ذهنه معاني طيبة وألفاظا كثيرة يعبر بها، وأضف إلى ذلك أن تعطيه كل يوم بيتا من الشعر يكون فيه معنى حسي فيفهم البيت ويشرحه كتابة ثم تصلح له فهمه إن أخطأ ويعيد الكتابة على البيت مرة أو اثنتين أو أكثر فإن حفظ أربعين أو خمسين بيتا وفهم معانيها وصار يحسن كتابتها مر بعد ذلك من تلقاء نفسه.
139
كان خبر المجمع العلمي [وهو اختياره عضوا بمجمع دمشق] عجيبا إذ لم أعلم به إلا من الصحف
.... كان خبر المجمع أمرا طم بعض القلوب حسدا ولؤما فهل من قانون النعمة أنه لا بد لها أن تفسد بعض الأصدقاء وتثير فيهم هذا اللؤم؟
140
كنت ذكرت لي كتاب المويلحي (حديث عيسى بن هشام) فهذا لم يقرره وزير المعارف إلا معونة لصاحبه لأن المويلحي أصبح في بؤس شديد فدفعوا له بهذه الحيلة 400 جنيه
وكاد الإعجاز (إعجاز القرآن) يقرر في السنة الماضية ثم رفضوه بعد ظهور قصيدة عيد الجلوس ببضعة أيام لما فيها ولما كنت كتبته يومئذ ولا فائدة لي من تقريره فقد نفدت كل نسخه.
141
وكل مشكلة بين الذئب والخروف لا يكون حلها أبدا إلا من لحم الخروف ما لم يرسل الله راعيا أو يحدث حادثة تشغل الذئب عنه
نسأل الله أن يحمينا ويحمي قومنا ويلطف بنا
142
وقد باع الكتبي في أقل من شهر 1500 نسخة [من إعجاز القرآن] وسيرفع السعر بعد العيد لأنه اشتراه كله .. والعجيب أن مكتبة المنار تريد شراء ألف نسخة صفقة واحدة.
هذا الكتاب ضحيناه يا أبا رية ولكنها فائدة طيبة من جهة نشره فإن الناس لا يعرفون إلا من يقرأون له وقد عزمت بعد الآن أن أرخص ثمن ما أطبعه من كتبي لأن تلك الفائدة أثمن من المادة.
143
بيع من الإعجاز إلى آخر الأسبوع الماضي 3000 نسخة وقد صار بخمسة قروش لأن السراي أوعزت إلى المحافظة بالقبض على الكتبي إذا باع بأكثر من الثمن الذي أمر به جلالة الملك وقد عددت هذه كرامة للقرآن .. فتأمل هذه العجيبة الظاهرة.
144
نشيد اسلمي يا مصر أصبح محفوظا في جميع الفرق الموسيقية بالمدارس كلها وقد كتب لي ابن الشيخ البرقوقي من إنجلترا أن الإنجليز يعجبون به حين يسمعونه في حفلات الطلبة وكتب لي محمد [الطبيب ابن الرافعي] من فرنسا مثل ذلك
147
طبع للجاحظ كتاب جديد اسمه كتاب الدلائل والاعتبار [قال أبو رية: يبدو أن هذا الكتاب على بلاغته ليس للجاحظ] فلا يفتك هذا الكتاب وهو من أهم كتب الجاحظ بل لعله أهمها في الرأي والفكر لأنه أغار فيه على أراء [كذا] الفلاسفة القدماء في حكمة المخلوقات وجاء بها في عبارة سرية رحم الله هذا الرجل وزمنه وأهل زمنه.
149
وجدت هذه المرة صعوبة شديدة لأن الرد على الزمخشري وباقي المفسرين لا على طه، ولكن الله أعان عليها وله الحمد والمنة. وقد أفاد بحث طه أكبر فائدة في التنبيه إلى مثل هذه الدقائق، لأن المفسرين جميعا ومنهم الشيخ عبده مروا بالآية التي سترى تفسيرها [وآتوا النساء صدقاتهن نحلة] ولم يلتفت منهم أحد لحكمة الضمير مع أنها معجزة من المعجزات كما سترى فأعجب الأشياء أن القرآن يحتاج إلى الطاعن لينبه به أهله على ما فيه
150
ولست أهتم بفتال ولا عقاد كما تظن وإنما يؤلمني لؤم الناس ويؤلمني أكثر من ذلك اتهامي لنفسي فإني لا أرضى عن شيء مما أكتبه وإلى الآن لا أشعر أني عملت شيئا يسمى! وكان الدكتور صروف يقول لي (هذه هي النار المقدسة التي تظل تدفع صاحبها ولكن لذعات هذه النار أخف من الغرور فلنبق في هذا الألم ما دامت حدود النجاح آلاما وأوجاعا ومصائب)
¥