تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

علىحين شِمتُ الخيرَ من لمَحاته = وآنستُ من أفعاله آية الرّشدِ

طواهُ الردى عني فأضحى مزارهُ = بعيداً على قربٍ، قريباً على بُعدِ

لقد انجزَتْ فيه المنايا وعيدها = وأخلفت الآمالُ ما كان من وعدِ

لقد قلّ بين المهدِ واللحدِ لُبثه =فلم ينسَ عهدَالمهدِ إذضُمّ فىاللحدِ

ألَحّ عليه النزفُ حتى أحاله = إلى صُفرةِ الجاديّ عن حُمرة الوردِ

وظلّ على الأيدي تَسَاقط نفسُهُ = ويذوي كما يذوي القضيبُ من الرندِ

فيا لك من نفس تَسَاقَط أنفساً = تَسَاقُط درٍّ من نظامٍ بلا عِقدِ

عجبتُ لقلبي كيف لم ينفطر له =ولو انّه أقسى من الحجر الصلدِ

بودّيَ أنّي كنتُ قد متُّ قبله = وأنّ المنايا دونه صمدت صمدي

ولكنّ ربي شاء غير مشيئتي = وللرب إمضاءُ المشيئةِ لا العبدِ

وما سرّني أنْ بعتهُ بثوابهِ = ولو أنّهُ التخليدُ في جنة الخُلدِ

ولا بعتهُ طوعاً، ولكنْ غُصِبْتُهُ =وليس على ظلم الحوادث من مُعدِ

وإني وإنْ مُتِّعْتُ بابنيّ بعدهُ = لَذَاكرهُ ما حنّتِ النّيبُ في نجدِ

وأولادنا مثلُ الجوارح، أيها = فقدناهُ كان الفاجعَ البيِّن الفقدِ

لكلٍّ مكانٌ لا يسدُّ اختلالَه =مكانَ أخيهِ في جَزُوعٍ ولا جَلْدِ

هل العينُ بعدالسمعِ تكفىمكانه= أم السمعُ بعد العين يهدي كما تَهدي

لَعَمري لقد حالت بي الحالُ بعدهُ= فيا ليت شعري كيف حالت به بعدي

ثكلتُ سروري كلّهُ إذ ثكلتُهُ =وأصبحتُ في لذات عيشي أخا زُهدِ

أريحانةَ العينين والأنف والحشا = ألا ليت شعري هل تغيّرتَ عن عهدي

سأسقيكَ ماء العين ما أسعَدَتْ بهِ=وإن كانت السّقيا من العين لاتُجدي

أعينيّ جودا لي، فقد جُدتُ للثرى=بأنفسَ مما تسألانِ من الرّفدِ

أقُرةَ عيني، قد أطلتَ بكاءها =وغادرتَها أقذى من الأعين الرُّمْدِ

أقرةَ عيني، لو فدى الحيُّ ميتاً = فديتك بالحوباءِ أوّل من يفدي

كأنّيَ ما استمتعتُ منكَ بضمةٍ = ولا شمّةٍ في ملعبٍ لكَ أو مهدِ

أُلامُ لما أُبدي عليك من الأسى = وإنّيْ لأُخفي منهُ أضعافَ ما أُبدي

محمدُ، ما شيءٌ تُوُهّمَ سَلوةً = لقلبيَ إلا زادَ قلبيْ من الوجدِ

أرى أَخوَيْكَ الباقيين كليهما = يكونان للأحزان أورى من الزندِ

إذا لعبا في ملعبٍ لك لذّعا = فؤاديْ بمثلِ النار عن غيرما قصدِ

فما فيهما لي سلوةٌ بل حزازةٌ = يهيجانها دوني،وأشقى بها وحدي

وأنتَ وإنْ أُفردتَ في دار وحشةٍ = فإني بدار الأنسِ في وحشة الفردِ

أودُّ إذا ما الموتُ أوفَدَ معشراً = إلى عسكر الأموات، أنّيْ من الوفدِ

ومن كان يستهدي حبيباً هديةً = فطيفَ خيالٍ منكَ فىالنوم أستهدي

عليك سلامُ الله مني تحيةً = ومن كل غيثٍ صادقَ البرقِ والرعدِ

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 09:11 م]ـ

الأخت الكريمة الثلوج الدافئة

لقد نهج ابن الرومي نهجا معاكسا لنهج أبي ذؤيب الهذلي فنرى ابن الرومي لم يرد التأسي بل يبحث عما يهيج الأسى ويبعثه ليزيد بكاءه وهذا راجع إلى نفسية ابن الرومي التشاؤمية.

وهي بكائية جزلة وهناك مرثية أبي الحسن التهامي الذي دخل الموضوع بكل قوة:

حكم المنية في البرية جار ..... ما هذه الدنيا بدار قرار

وقد قارب مذهب إبي ذؤيب الهذلي وإن لم يسلكه تماما.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 09:15 م]ـ

القصيدة رائعة

ولونقلتها كاملة كان احسن

فانت شوقتنا لها

شكرا

أخي الكريم مرحبا بك

والقصيدة تستحق التأمل كاملة

لكنها مع طولها تحتاج إلى شرح مفصل.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 09:19 م]ـ

شكر الله لك , وسلَّم يديك ..

صدَقْتَ .. غرض آخر ورثاء لا كالرثاء , كان بكاءً مختلفا فاستحقت القصيدة أن تتسيَّد مراثي الأبناء في الشعر العربي ..

وصفحة ٌ رائعة ٌ ماتعة ٌ دامعة ..

وشكر الله لك

وقد أعجبني مذهب أبي ذؤيب في بحثه عن التأسي مع أن بنيه المتوفين سبعة بعكس ابن الرومي الذي بكى وناح وهاج وأهاج.

ـ[فائق الغندور]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 09:38 م]ـ

وقال أبو عبد الرحمن العتبي يرثي بنيه:

أما يزجر الدّهر عنّا المنونا = يبقّي البنات ويفني البنينا

وأنحت عليّ بلا رحمةٍ = فلم تبق فوق غصوني غصونا

وكنت أبا ستّةٍ كالبدور = وقد فقؤوا أعين الحاسدينا

فمرّوا على حادثات المنون = كمرّ الدّراهم بالنّاقدينا

فألقين ذاك إلى صارخٍ = وألقين ذاك إلى ملحدينا

فما زال ذلك دأب الزّما = ن حتّى أماتهم أجمعينا

وحتّى بكى لي حسّادهم = وقد أتعبوا بالدّموع العيونا

وحسبك من حادثٍ بامريءٍ = ترى حاسديه له راحمينا

رأيت بنيّ على ظهرها = فصاروا إلى بطنها ينقلونا

فمن كان يسليه مرّ السّنين = فحزني تجدّده لي السّنونا

وقال فيهم ايضا:

يا ستّةً أودعتهم حفر البلى = لخدودهم تحت الجبوب وساد

منعوا جفوني أن يصافح بعضها = بعضاً فهنّ وإن قربن بعاد

لمّا بقيت عماد بيتٍ مفرداً = قد أسلمت أطنابه الأوتاد

لم تبق عينٌ أسعدت ذا عبرةٍ = إلاّ بكت حتّى بكى الحسّاد

ماذا أرجّي بعد خمسٍ بعدها = ستّون أكملها لي الميلاد؟

وسطت عليّ من الزّمان يدٌ بها = فلّ الجميع وغيّب الأولاد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير