تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لها العِزَّة ُالقَعْسَاءُ والحَسَبُ الذي ... بناهُ لقيس ٍ في القديم ِ رجالُها

فهيهاتَ قد أعيا القرون َ التي مَضَت ْ ... مآثرُ قيس ٍ مجْدُها وفَعَالُها

وهل أحدٌ إنْ هزَّ يومًا بكَفِّه ... إلى الشمس ِ في مجرى النجوم ِ ينالُها

فإنْ يصلُحوا يَصْلُح لذاك جميعُها ... وإنْ يفسدوا يفسُدْ منَ الناس ِ حالُها

ثم قامَ الأشعثُ الكنديُّ - وإنما أذِنَ له أنْ يقومَ قبلَ ربيعة َ وتميم ٍ لقرابتِه مِن النعمان ِ بن ِ المنذر ِ - فقالَ:

" قد علِمتِ العربُ أنّا نقاتلُ عديدَها الأكثرَ، وزحفَها الأكبرَ، وإنّا لغِيَاثُ الكُرُباتِ، ومَعْدِنُ المكرُمَاتِ. قالوا: ولمَ يا أخا كندة َ؟ قالَ: لأنّا ورثْنا مُلكَ كندة َ، فاستظللْنا بأفيائِه (3)، وتقلدْنا مَنْكِبَه الأعظمَ، وتوسطْنا بُحْبُوحَه الأكرمَ ".

ثم قام َ شاعرُهم، فقالَ:

إذا قِسْتَ أبياتَ الرجال ِ ببيتِنا ... وجدْتَ لنا فضلاً على مَن يُفَاخِرُ

فمَن قالَ كَلا أو أتانا بخُطَّةٍ ... ينافرُنا فيها فنحنُ نخاطِرُ

تعالَوا قِفوا كي يعلمَ الناسُ أيُّنا ... له الفضلُ فيما أورثَتْه الأكابرُ

ثم قامَ بسطامُ الشيبانيُّ، فقالَ:

" قد علمتِ العربُ أنَّا بناة ُ بيتِها الذي لا يزولُ، ومَغْرِسُ عزِّها الذي لا يَحُولُ. قالوا: ولمَ يا أخا شيبان َ؟ قالَ: لأنّا أدركُهم للثار ِ، وأضربُهم للمَلِك الجبار ِ، وأقومُهم للحُكْم ِ، وألدُّهم للخَصْم ِ ".

ثم قامَ شاعرُهم، فقالَ:

لعمريَ بسطامٌ أحقُّ بفضلِها ... وأولُّ بيتِ العزِّ عزِّ القبائل ِ

فسائلْ - أبيتَ اللعْن َ - عنْ عز ِّ قومِها ... إذا جَدَّ يومُ الفَخْرِ كلُّ مُنَاقِل ِ (4)

ألسْنا أعزَّ الناس ِ قومًا ونُصْرة ً ... وأضربَهم للكَبْش ِ (5) بين َ القبائل ِ

وقائعُ غُرٌّ كلُها رَبَعِيَّة ٌ ... تَذِلُّ لها عِزًا رقابُ المَحَافِل ِ

وإذا ذكِرَتْ لم يُنْكِرِ الناسُ فضلَها ... وعاذ َ بها مِنْ شرِّها كلُّ وائل ِ (6)

وإنّا ملوك ُ الناس ِ في كلِّ بلدة ٍ ... إذا نزلتْ بالناس ِ إحدى الزلازل ِ

ثم قامَ حاجبُ بن ُ زُرَارَة َ التميميُّ، فقال َ:

" قد علمتْ مَعَدٌّ أنّا فرع ُ (7) دِعَامتِها، وقَادَةُ زحفِها. قالوا: ولم ذاك يا أخا بني تميم ٍ؟

قالَ: لأنّا أكثرُ الناس ِ عديدًا، وأنجبُهم طرًّا وليداً، وأنا أعطاهم للجزيل ِ، وأحملُهم للثقيل ِ". ثم قامَ شاعرُهم، فقالَ:

لقد علمتْ أبناءُ خِنْدفَ (8) أننا ... لنا العِز ُّ قِدْمًا في الخُطُوب ِ الأوائل ِ

وأنّا كرام ٌ أهل ُ مجد ٍ وثروة ٍ ... وعِز ٍّ قديم ٍ ليسَ بالمُتَضائِلُ

فكم فيهمُ مِنْ سيد ٍ وابن ِ سيد ٍ ... أغرَّ نجيب ٍ ذي فَعَال ٍ (9) ونائل ِ

فسائل ْ - أبيت َ اللعن َ - عنا فإننا ... دعائمُ هذا الناس ِ عندَ الجلائل ِ (10)

ثم قام َ قيسُ بن ُ عاصم ٍ السعديُّ، فقال َ:

" لقد علمَ هؤلاء أنّا أرفعُهم في المكرماتِ دعائمَ، وأثبتُهم في النائباتِ مقادمَ. قالوا: ولم ذاك يا أخا بني سعدٍ؟ قالَ: لأنّا أدركُهم للثارِ، وأمنعُهم للجارِ، وأنّا

لا ننكلُ (11) إذا حملْنا، ولا نُرامُ إذا حللْنا ".

ثم قامَ شاعرُهم، فقال َ:

لقد علمتْ قيسٌ (12) وخِنْدِفُ أننا ... وجلُّ تميم ٍ والجميعُ الذي ترى

بأنا عِمَادٌ في الأمور ِ وأننّا ... لنا الشرفُ الضخمُ المُرَكَّبُ في الندى

وأنا ليوث ُ الناس ِ في كلِّ مأزق ٍ ... إذا جَز َّ بالبيض ِ الجماجمَ والطُّلا (13)

فمَن ذا ليوم ِ الفخر ِ يعدلُ عاصمًا ... وقيساً إذا مَرَّتْ ألوفٌ إلى العُلا

فهيهاتَ قد أعيا الجميعَ فعالُهم ... وقاموا بيوم ِ الفخرِ مسعاة َ مَنْ سعى

فقالَ كسرى حينئذ ٍ: ليسَ منهم إلا سيدٌ يصلحُ لموضعِه. وأسنى حِبَاءَهم، وأعظمَ صِلاتِهم، وكَرَّم مآبَهم.

* (صبح الأعشى 1/ 377 + الأغاني 17/ 105).


1 - كسرى: هو كسرى أنوشروان حكم من سنة 531 إلى 578 م
2 - مأثرة: (بفتح الثاء وضمها) المكرمة المتوارثة.
3 - أفيائه: جمع فيء. وهو ما كان شمسًا فينسخه الظل.
4 - مناقل: المناقلة في المنطق: أن تحدث آخر، ويحدثك.
5 - الكبش: سيد القوم وقائدهم.
6 - وائل: لاجئ. من الفعل الماضي وأل يئل وألاً.
7 - فرع: فرع كل شيء أعلاه.
8 - خندف: هي أم مدركة و طابخة وقمعة أبناء اليأس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
9 - الفعال: اسم الفعل الحسن والكرم.
10 - الجلائل: أي الأمور الجلائل جمع جليلة.
11 - ننكل: لا نفر، ولا نجبن.
12 - قيس: قيس بن عيلان بن مضر.
13 - الطلا: جمع طلية، وهي: العنق.

لولا الشعر لما استطاعوا أن يقولوا ما قالوا من إبداع وتفاني ...
لذلك الشعر ديوان العرب

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير