تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولو كان كذلك لم يكن السوء مصروفًا عنه، وقوله: ? ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب [سورة يوسف: 52] ? ولو كان كذلك لخانه بالغيب، وقوله: ? ما علمنا عليه من سوء [سورة يوسف: 51] ?، و? الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين [سورة يوسف: 51] ?، ولأنه لو وُجد منه ذلك لذُكرت توبته واستغفاره، كما كان لآدم ونوح وذي النون وداود عليهم السلام، وقد سماه الله مخلصًا، فعُلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام وجاهد نفسه مجاهدة أولي العزم ناظرًا في دلائل التحريم، حتى استحق من الله الثناء)) ().

6. أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى: لم يذكر أبو حيان شيئًا من تلك الروايات، لأنه لا يعتقد بها ويعدّها روايات باطلة، إذ يقول: ((وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب، وساق الآيات التي في السورة مما يدل على العصمة وبراءة يوسف ? من كل ما يشين)) ().

7. ابن عطية الأندلسي: قال ابن عطية بعد أن حكى طرفًا مما أورده الطبري في تفسيره رادًّا ورافضًا أياها بقوله: ((وهذا ضعيف البتة، والذي أقول في هذه الآية: إن كون يوسف نبيًّا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية، وإذا كان ذلك فهو مؤمن قد أوتي حكمًا وعلمًا، ويجوز عليه الهمُّ الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته، وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة، وإن فرضناه نبيًّا في ذلك الوقت، فلا يجوز عليه عندي إلا الهمّ الذي هو الخاطر، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حلّ تكته ونحو ذلك، لأن العصمة مع النبوة، وما روي من أنه قيل له: تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء، فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد. والهمّ بالشيء مرتبتان، فالواحدة الاولى تجوز عليه مع النبوة، والثانية الكبرى لا تقع إلا من غير نبي، لأن استصحاب خاطر المعصية والتلذذ به معصية تكتب، وقول النبي ?: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تنطق به أو تعمل)، معناه من الخواطر، وأما استصحاب الخاطر فمحال أن يكون مباحًا)) ().

8. الثعالبي: يذكر رحمه الله رأيه في تفسير الآية، ويفترض نبوة يوسف ? وعدمها في وقت تلك الحادثة، رادًّا على تلك الروايات في الحالتين، فيقول: ((والذي أقول به في هذه الآية: إن كون يوسف ? نبيًّا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية، وما ذكره الثعالبي فيه نظر، لأن قوله تعالى: ? واوحينا اليه ? يدل على نبوته، وذكر نفس الكلام الذي ذكره ابن عطية ()، إلا أنه قال: والهم بالشيء مرتبتان: فالخاطر المجرد دون استصحاب يجوز عليه، ومع استصحاب لا يجوز عليه، إذ الاجماع منعقد أن الهم بالمعصية واستصحاب التلذذ بها غير جائز، ولا داخل في التجاوزات، قال القاضي عياض: والصحيح إن شاء الله تنزيههم أيضًا قبل النبوة من كل عيب، وعصمتهم من كل ما يوجب الريب)) ().

9. أبو السعود: بعد أن ذكر أمثلة من تلك الروايات، ردَّ عليها وعلى من ذكرها ردًّا عنيفًا من غير تصريح باسم أحد منهم، فقال بعبارات مقتضبة: ((وإن كل ذلك إلا خرافات وأباطيل تمجها الآذان، وتردها العقول والأذهان، وبل لمن لاكها ولفظها أو سمعها وصدقها)) ().

10. الآلوسي: بعد ذكره لأقوال كثير من العلماء، وذكره لبعض تلك الروايات، وفي معرض الرد عليها ينقل قولاً للطيبي رحمه الله فيقول: ((وقد ذكر الطيبي طيب الله ثراه بعد أن نقل ما حكاه محيي السنة عن بعض أهل الحقائق من أن الهمَّ همَّان:

الأول: همُّ ثابت، وهو ما كان معه عزم وعقد ورضا، مثل همِّ إمرأة العزيز.

الثاني: همُّ عارض، وهو الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم، مثل همِّ يوسف ?، إن هذا التفسير هو الذي يجب أن نذهب إليه ونتخذه مذهبًا، وإن نقل المفسرون ما نقلوا، لأن متابعة النص القاطع وبراءة يوسف ? المعصوم عن تلك الرذيلة وإحالة التقصير على الرواة أولى بالمصير إليه، على أن أساطين النقل المتقنين لم يرووا في ذلك شيئًا مرفوعًا في كتبهم، وجلّ تلك الروايات بل كلها مأخوذ من مسألة أهل الكتاب)) ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير