كل ما أدلى به الإخوة يبدو مقنعا عند أول قراءة، من تعليل أن لفظة "سبب" توحي بأن هناك عامل خارجي عن رب الكون والزمن والتاريخ والأسباب حدا به إلى الوحي بهذه الآية أو تلك، ومن تعليل بأن الإنسان المخاطب أعم من المعاصر لنزول الوحي، ومن تعليل بأن تعبير "مناسبة النزول" أقرب إلى أفهام العوام من تعبير "أسباب النزول"،،،
كل هذا يبدو مقنعا لأول وهلة، لكني دائما أقول وأسأل: لماذا تتم معالجة اللفظ أو المصطلح بعيدا عن المعاجم والقرآن وكتب التفسير؟ ما هو معنى "سبب" في معاجم اللغة؟ ما هو المعنى الذي عني به القرآن للفظة "سبب"؟
السبب في اللغة كل ما يوصل إلى المطلوب.
قد ورددت كلمة "سبب" بمشتقاتها أكثر من مرة في القرآن، ولم تشر إلى المعنى هذا المعنى الضيق- الذي تحدث عنه الإخوة- إلا في سورة الكهف في معرض الحديث عن ذي القرنين (الكهف: 84، 85، 89). وحتى في هذه الآية لم يكن سبب ذي القرنين منقطعا عن المصدر الرئيس في السماء "وآتيناه من كل شيء سببا" الكهف:84. فالمانح هو رب الأسباب ومصدرها.
أما في سورة البقرة:166، فهي تعني الروابط والصلات والعلاقات وكل ما من شأنه أن يجمع بين اثنين فأكثر
وفي سورة الحج:15، فهي تعني الكيد والحيلة والأداة والوسيلة.
وفي سورة ص:10، فهي تعني السماوات وأبوابها والملائكة لأنهم جنود الله ورسله، وهذا تعجيز للكفار لهم لأنهم لا يملكوا السموات ولا ينفذون إلا بسلطان، وفي هذه الآية وآية سورة الحج تفسير لمساعي الغرب لغزو الفضاء لعلهم يقطعون أسباب النصر لدين الله في الأرض.
وفي سورة غافر:36،37، فهي تعني كل ما سبق من مصدر الوحي والنصر لهذا الدين والحيلة التي تمكنه من النصر دائما والوسيلة التي ينتصر بها وهي مخزونة في السماء وسعي فرعون إلى قطع هذه الصلات والروابط وقنوات الاتصال بين المصدر والمتلقي، وفي هذا لطيفة غاية في الإعجاز وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه قد لقي ربه، إلا أن الصلة بين الأمة وربها لازالت قائمة وأسباب السماوات مازالت مع هذه الأمة.
ومن هنا تتضح الأسباب وراء اختيار هذا التعبير بالذات عن غيره.
أما فيما يخص العوام، أقول ماقاله الشيخ محمد الغزالي رحمه الله. فقد كان يلقي خطبة الجمعة باللغة العربية الفصحى، فطلب إليه أحد المصلين أن يمزج الخطبة بالعامية حتى يفهم العوام فقال أنه لا بد أن يرفع الخطيبُ الناس إليه لا أن ينزل هو إليهم،
حجة العوام هذه أقرب إلى السماح بقراءة القرآن باللهجات حتى يتيسر على الناس قراءة القرآن وإلا هجروه.
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[13 Jan 2009, 01:45 ص]ـ
كل ما أدلى به الإخوة يبدو مقنعا عند أول قراءة، من تعليل أن لفظة "سبب" توحي بأن هناك عامل خارجي عن رب الكون والزمن والتاريخ والأسباب حدا به إلى الوحي بهذه الآية أو تلك، ومن تعليل بأن الإنسان المخاطب أعم من المعاصر لنزول الوحي، ومن تعليل بأن تعبير "مناسبة النزول" أقرب إلى أفهام العوام من تعبير "أسباب النزول"،،،
كل هذا يبدو مقنعا لأول وهلة، لكني دائما أقول وأسأل: لماذا تتم معالجة اللفظ أو المصطلح بعيدا عن المعاجم والقرآن وكتب التفسير؟ ما هو معنى "سبب" في معاجم اللغة؟ ما هو المعنى الذي عني به القرآن للفظة "سبب"؟
السبب في اللغة كل ما يوصل إلى المطلوب.
قد ورددت كلمة "سبب" بمشتقاتها أكثر من مرة في القرآن، ولم تشر إلى المعنى هذا المعنى الضيق- الذي تحدث عنه الإخوة- إلا في سورة الكهف في معرض الحديث عن ذي القرنين (الكهف: 84، 85، 89). وحتى في هذه الآية لم يكن سبب ذي القرنين منقطعا عن المصدر الرئيس في السماء "وآتيناه من كل شيء سببا" الكهف:84. فالمانح هو رب الأسباب ومصدرها.
ومن هنا تتضح الأسباب وراء اختيار هذا التعبير بالذات عن غيره.
جزاكم الله خيرا.
...
شيخنا الفاضل: لا زال السؤال قائما؛ هل يُعَدُّ بعض الفروق بين مصطلحي (سبب النزول، مناسبة النزول) امتدادًا لأصول عَقَدِيَّة مختلفة بُنِيَ عليها؟ فمثلا: المُأَوِّل لا يقول بمصطلح السبب، والمُثْبِت لا يقول بمصطلح المناسبة؟ وما هي هذه الأصول التي تفرع منها الاختلاف في تسمية [ما ورد قرآن بشأنه وقت وقوعه]؟
أرجو إفادتي متفضلين ومأجورين جزاكم الله خيرا.
¥