ـ[الموحد السلفي]ــــــــ[04 Aug 2007, 12:05 م]ـ
حديث قصة حاطب رضي الله عنه
ذكر الشيخ وفقه الله حديث علي رضي الله عنه: (بعثني رسول الله ? أنا والزبير والمقداد بن الأسود، وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا، حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله ? فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله ?، فقال رسول الله ?: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرءًا ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة، يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله ?: قد صدقكم. فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. قال: إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله أن يكون قد أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)
وعلق الشيخ وفقه الله: وفي هذا الحديث الدلالة على أصلين، هما قوام الاستدلال على أن موالاة الكفار لمجرد غرض دنيوي ليست كفرًا. فأما الأصل الأول فما دل عليه الحديث من أن ما فعله حاطب ? من مكاتبة قريش وإفشاء سر رسول الله ? داخل في عموم موالاة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين، وأما الأصل الثاني فما دل عليه الحديث من أن حاطبًا ? لم يكفر بتلك الموالاة؛ لأنها لم تكن موالاة للمشركين على دينهم، وإنما كانت لمجرد غرض دنيوي وهو حماية أهله وماله بمكة.
والتعليق على هذا أقول:
أما الأصل الأول وهو دخول فعل حاطب رضي الله عنه في عموم الموالاة فنعم وأهل العلم في التفريق بين الموالاة والتولي على حالين:
فمنهم من يفرق بينهما ويجعل التولي كفرا والمولاة ليست بكفر إلا أن تكون على الدين
ومنهم من يجعله بابا واحدا ويقسمه إلى قسمين موالاة مكفر ة ومولاة غير مكفرة
وهذا التقسيم بحد ذاته حجة على من يجعل كل صور الموالاة او التولي دون الكفر وسيأتي من يقول بهذا التقسيم في حينه ...
وعلى ذلك فأن إدراج بعض العلماء لفعل حاطب في باب الموالاة ليس معناه انه يعده من المظاهرة المكفرة كما دمج الشيخ بينهما في تعليقه!
والفعل قد يكون جنسه كفرا وهو ليس بكفر كالحلف بغير الله فهو كما جاء في الحديث "من حلف بغير الله فقد أشرك " ومع ذلك فهو ليس بشرك اكبر إلا على أوجه ذكرها اهل العلم
او كالطواف حول القبر وغير ذلك
وفعل حاطب يدخل في عموم الموالاة بل في عموم المظاهرة ايضا ومع ذلك فقد يصل إلى الكفر وقد لا يصل لأنه حالة خاصة و صورة محتملة كما سيأتي ... ..
والصورة المحتملة يجب فيها الإستفصال دون غيرها لورود الإحتمالعلى دلالتها ... و لان التكفير لا يقع بالظنون ولا بما يحتمل أكثر من وجه بل لا بد من القطععند ورود الاحتمال
أما الصور الظاهرة القاطعة فلا ايقال فيها بالاستفصال لأنها ظاهرة الدلالة وهذا أمر معروف لا يخفى على أحد
وهذا مثل ما يقال في ألفاظ السب الصريح والمحتمل فما كان صريحا في السب والاستهزاء فانه قاطع في استحقاق الحكم بالكفر على قائله ولو ادعى خلافه أما ما كان محتملا فالقول قول قائله ويجب هنا الاستفصال لورود الاحتمال في قصده " للمعنى المكفر " من اللفظ " لا لقصده الكفر " ولذا قال سبحانه وتعالى " لا تقولوا راعنا " لما كان اليهود يقصدون به الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ لانهم يعنون به الرعونة ..
وأبدله سبحانه بقوله " وقولوا انظرنا " .. والألفاظ قد تكون في أصل الوضع على معنى وفي الاستعمال والاصطلاح على معاني أخرى كما هو معلوم فيراعى معنى اللفظ في عرف الاستعمال خاصة في ألفاظ السب والتنقص وهل هذا اللفظ صريح في هذا المعنى أو لا في عرف الاستعمال فإن كان صريحا اخذ به وإلا فلابد من الاستفصال عند احتمال اللفظ لأكثر من معنى ...
وهذا أصل (أي التفريق بين الصريح في الدلالة والمحتمل) جاءت به الشريعة وقررته في الكثير من أبوابها ...
¥