فمثلا في باب الشرك أختلف العلماء في صورة الطواف بالقبر هل هي شرك بذاتها أم أنها بدعة لا تكون شركا إلا إذا قصد تعظيم المقبور واتفقوا على الكثير من صور الشرك الصريح كالدعاء والذبح وغير ذلك
فإذا جاء وقال قائل نستفصل في كل صور الشرك فلا شك انه مخطئ ويحتاج أن يراجع أصوله ...
وهنا في قصة حاطب رضي الله عنه جاء الشيخ وفقه الله مع إقراره أن فعل حاطب محتمل الدلالة وسحب حكم فعل حاطب على جميع صور الموالاة وجعلها جميعا في حكم المحتمل من الأفعال ولم يراعي أنه صورة محتملة من جنس صور قطعية ...
فنحن لدينا ثلاثة أنواع من صورالموالاة:
1 - صور قطعية الدلالة على المولاة أو التولي وحكمها كفر مخرج من الملة ومن أظهرها التصريح بمحبة دين الكافرين والرضى به وأيضا نصرة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين ومعاونتهم بالرأي والنفس والمال وغير ذلك ... وهذه كفر مخرج من الملة
2 - صور محتملة الدلالة على الموالاة فهي تدخل في عمومها وهي من جنس الصور السابقة كما أن الحلف والريا من جنس الشرك ولكنها تكون تارة على وجه الكفر وتارة تكون كبيرة من الكبائر والفرق بينها وبين التي تليها أن ذات العمل مختلف الدلالة بحسب القرائن وما يحيطه فتارة يكون موالاة ومظاهرة وتارة لا يكون كفعل حاطب رضي الله عنه
3 - صور محرمة تدخل في عموم الموالاة كبعض أنواع التشبه والمصادقة والركون والبشاشة والمحبة وغير ذلك ..
فإذا رجعنا إلى فعل حاطب رضي الله عنه فنجده فعلا يدخل في عموم الموالاة وهو من جنس المعاونة والمظاهرة إلا انه فعلا محتملا في ذاته على هذا المعنى الأخير والشيخ يقر بذلك ..
والدليل على أن فعل حاطب من هذا النوع (الثاني) من صور الموالاة:
أذكر دلالتين على ذلك الأولى من كلام الشافعي رحمه الله:
والثانية هي اختلاف العلماء في حكم فعل حاطب
وكلا الدلالتين تقضيان أن صورة فعل حاطب رضي الله عنه من الصور المحتملة ... وهذا لا يعني ان ثمة صور صريحة ... هذا بالضرورة
قال الشافعي رحمه الله: " في هذا الحديث - مع ما وصفنا لك
طرح الحكم باستعمال الظنون؛ لأنه لما كان" الكتاب يحتمل" أن يكون ما قال حاطب كما قال من أنه لم يفعله شاكاً في الإسلام , وأنه فعله ليمنع أهله , ويحتمل أن يكون زلة لا رغبة عن الإسلام , " واحتمل المعنى الأقبح ," " كان القول قوله فيما احتمل فعله" , وحكم رسول الله فيه بأن لم يقتله ولم يستعمل عليه الأغلب "
في هذه الأسطر القليلة درر كثيرة ازعم انها تحل الإشكال في هذه المسالة لمن يتأملها حق التأمل إن شاء الله منها:
1 - أن الشافعي بنى حكمه وكلامه على كتاب حاطب الذي شنع الشيخ وفقه الله على من ذكره وقال:
" وأما ما استند إليه في تبرير إخراج فعل حاطب عن كونه موالاة للكفار من أن حاطبًا قد كتب إلى المشركين يتوعدهم، ويدعوهم إلى الإسلام، فلم يذكر لقوله إسنادًا يحكم عليه، وقد ذكر الإمام القرطبي نحوما ذكره، وقال بعده: (ذكره بعض المفسرين). وذكره الحافظ ابن حجر ونسبه إلى بعض أهل المغازي، ولم يحكم عليه، وحكاه الشوكاني عن السهيلي، ولم يحكم عليه أيضًا (فأي حجة في مثل هذا. "
فالشيخ هنا لا يقر بما ورد عن كتاب حاطب للمشركين ومع هذا فإن الإمام الشافعي يستند في كلامه كله إلى ما ورد في كتاب حاطب وما يتضمنه فما يقول الشيخ الكريم ألان؟!
هل يترك كلام الشافعي رحمه الله كله لأنه بناه على ما لا يحتج به عنده؟!
أم كيف سيتصرف الشيخ؟ هذا أمر هام جدا لعل الشيخ قد غفل عنه ونحن نتظر تعليق الشيخ على هذا ..
2 - أن الشافعي رحمه الله صرح بان الكتاب الذي أرسله للكفار وما يحتويه يتضمن احتمال ثلاثة أوجه وهي:
- يحتمل أن يكون ما قال حاطب كما قال من أنه لم يفعله شاكاً في الإسلام , وأنه فعله ليمنع أهله
- ويحتمل أن يكون زلة لا رغبة عن الإسلام
- ويحتمل أن يكون على المعنى القبيح
¥